10 سنوات على جريدة «الوطن»، 10 سنوات منذ الإصدار الأول الذى سبقته اجتماعات مطوَّلة ودراسات وتخطيط، ما زلت أذكر حينما دعا الكاتب الموهوب مجدى الجلاد إلى سلسلة اجتماعات قبل الإصدار مع الفريق الأساسى لجريدة الوطن، والذى ضم نخبة من الصحفيين، أمثال الكاتب الصحفى محمود مسلّم، وعلاء الغطريفى، ومحمد البرغوثى، والدكتور محمود خليل، والعبد لله، فضلاً عن مجموعة متميزة من شباب الصحفيين.
بدأت «الوطن» بتصورات مكتملة عن دورها فى المجتمع؛ سياستها التحريرية، منظومة القيم والقواعد المهنية والأخلاقية التى تحكم عملها، وكانت العقيدة الأساسية أنها «صحيفة يكتبها القارئ»، فهى تعبير عن آماله وأحلامه، تُكتب بقلمه وتصوِّر معاناته وطموحه، تنحاز لقضايا هذا الوطن بشكل أساسى، ولا تفاوض على الثوابت الوطنية.
على المستوى الشخصى، كان لدىَّ حلم كبير أن تكون «الوطن» نقلة جديدة فى عالم الإخراج الصحفى، وكان أمامى تحدٍّ أكبر، ربما التجارب السابقة التى شاركت فيها وأبرزها «المصرى اليوم» جعلت هذا التحدى أكثر صعوبة. وبدأنا التجارب وإعداد الماكيت الأساسى للجريدة، وهذا الماكيت يقدم الفلسفة البصرية لكل صفحات الجريدة: التبويب، الحروف، الصور، الأشكال، التعبير البصرى عن المادة الصحفية والذى يقدم المعانى المتضمنة فى النص الصحفى، يبرزها، يؤكدها، وربما يناقضها أحياناً. بدأنا فى تحديد شخصية الجريدة البصرية.. اللوجو، الألوان، الصفحة الأولى، الثوابت الداخلية وغيرها.
كانت الأحداث السياسية سريعة ومتلاحقة، وكان الإخوان فى محاولاتهم أخونة الدولة والسيطرة على هذا الوطن وابتلاع مواطنيه وتغيير ثقافته وعاداته وتقاليده وفرض حجاب العقول والأفكار، قد استفزوا كل طاقات الإبداع لمحاربة هذا الفصيل الإرهابى، فكانت التصميمات الصحفية تأتى معبرة عن مقدار الرفض لهذه الممارسات. فكانت الصفحة الأولى التى قدمتها «الوطن» ونُشرت بالتزامن فى أغلب الصحف المصرية والتى ترفض دستور الإخوان وعنوانها «لا للديكتاتورية، لا لدستور يلغى الحقوق ويكبل الحريات». وتوالت التصميمات الصحفية والملفات الخاصة التى ترفض ممارسات الإخوان.
انحازت «الوطن» نصاً وشكلاً لهذا الوطن، فقدمت العديد من الأغلفة والملفات التى تصور انقلاب جماعة الإخوان على الشعب، مصير الوطن «إذا تأخون» والقوى السياسية «اللى اتحرقوا» وغيرها من الملفات، ودفعت الجريدة ثمناً باهظاً لجرأتها ولفضح جرائم الإخوان، إذ تم حصار المقر أكثر من مرة وإحراقه، وحاولت «الجماعة» قصف الأقلام الشريفة التى دافعت عن الوطن.
وقدمت الوطن «صورة صحفية» تسجل أدق تفاصيل الأحداث فى مصر فى هذه الفترة، وتعرض الزملاء المصورون وعلى رأسهم الفنان الموهوب محمد مسعد - هذا الرجل تحمل عبئاً كبيراً مع فريق عمله فى توثيق جرائم الإخوان بالكاميرا - تعرضوا جميعاً للعديد من المضايقات والتجاوزات أثناء تأدية عملهم.
وإلى جانب التصوير، هناك مجموعة كبيرة من الجنود المجهولين الذين يؤدون عملهم بدأب وحب شديد، شغفهم الرئيسى أن يقدموا للقارئ خدمة صحفية يستحقها بأرقى شكل ممكن، ويأتى فى مقدمة هؤلاء الزميلة أميرة فريد وفريق الإخراج الصحفى المتميز الذى يحرص على أن يعبر بأدواته الشكلية والبصرية عن المضمون ويطور شكلًا مميزًا كل يوم.
والزميل حسين رجب فنان الجرافيك المبدع وكتيبة الزملاء المسئولين عن تنفيذ صفحات الجريدة والزميل على صالح، سكرتير التحرير الدؤوب، المتفانى دائماً حتى إنه ينسى أن أوقات العمل انتهت ويستمر فى عمله وكأنه يبدأ اليوم من أوله.
والزميل أشرف عبدالهادى الذى يقود كتيبة المراجعة والتدقيق اللغوى.. وهو فريق تشعر معه دائماً بجمال اللغة العربية، حيث الجدال الدائم بصوت عالٍ على الأصوب والأكثر دقة فى المفردات والمعاني.
جنود كثيرون يعشقون الوطن «الجريدة والبلد» لهم كل التحية والتقدير.. فهم الجنود الذين يحملون عبء تنفيذ الجريدة كل يوم.