مراكز غسيل الكلى «الموت.. حاضر دائماً»
«نزيه» حاصره الالتهاب الكبدى.. وأستاذ بـ«طب الفيوم»: مرضى الفشل الكلوى الأكثر عرضة للإصابة بالتهاب الكبد الوبائى والإيدز
يرتسم الوجوم والترقب على وجوه المرضى أمام مركز غسيل الكلى بمستشفى التأمين الصحى بمدينة الفيوم فى انتظار دورهم. كلهم يتشابهون فى البؤس بعد أن تحوَّل نشاطهم الإنسانى إلى جولات من الصبر أمام المركز الذى يُعالجون فيه على نفقة الدولة. بالنسبة لغالبية المرضى الـ1300 المسجلين فى لوائح غسيل الكلى بمحافظة الفيوم، تعمِّق هذه الجلسات الصراع مع مرض يصيب -وفق إحصاءات مديرية الصحة- ما يزيد على 30 ألفاً من سكان المحافظة، المقدر عددهم بثلاثة ملايين ومائة ألف نسمة. يشكو غالبية المرضى من ضعف إجراءات التعقيم والنظافة العامة وسوء صيانة أجهزة غسيل الكلى، بالتوازى مع نقص حاد فى توفير الأمصال والأدوية وأجهزة قياس الضغط، حسبما يوثق هذا التحقيق بعد 10 أشهر من التقصّى.
فى ضوء اكتظاظ 11 مستشفى محلياً فوق طاقتها الإجمالية (1300 مريض) -سبعة مراكز غسيل حكومية تشمل مستشفى التأمين الصحى ومستشفى الجامعة، وأربعة مراكز إضافية خاصة- يلجأ عديدون إلى تلقى العلاج فى القاهرة القريبة من الفيوم؛ حيث تنتشر فيروسات التهاب الكبد الوبائى «c» والبلهارسيا وغيرهما من الأمراض المرتبطة بالبيئة الزراعية المصرية، وتحتل الفيوم المرتبة الثانية فى الإصابة بفيروس «c» -بعد محافظة المنوفية- وفقاً لمسئول سابق لملف الكلى بالفيوم.
مأساة نزيه صالح -أحد سكان المحافظة- تختزل معاناة هذه الشريحة. فى السادس من أغسطس 2014، توفى هذا الرجل عن 50 عاماً إثر إصابته بهبوط فى الدورة الدموية، عقب تفاقم التهاب كبده، كان قد أصيب به أثناء جلسات غسيل كلى فى مستشفى التأمين الصحى. «أصبت بالفيروس فى 2012 وأظهرت نتائج التحاليل إيجابية الإصابة، رغم أنها كانت سلبية فى 15 أغسطس 2009»، حسبما اشتكى صالح فى عدة مقابلات، كان آخرها فى يوليو 2014.
المريض، الذى كانت ترعاه زوجته حتى وفاته، تحدث مراراً عن «عدم توافر شاش طبى وقطن ومطهرات داخل المركز والأدوية العلاجية لبعض الأعراض المصاحبة لمرضى الكلى».
ازداد نحول جسم «صالح» بعد أن أصيب بنزيف، وطلب منه طبيبه المتابع لحالته عمل منظار، غير الموجود سوى فى مستشفى الجامعة ومستشفى الفيوم العام. وقبل يوم من إجراء المنظار بالجامعة أصيب «صالح» بهبوط فى الدورة الدموية، وأُدرج فى سجلات المستشفى ضمن الوفيات، لكى يحل مكانه مريض آخر بالفشل الكلوى. «مرضى الفشل الكلوى هم أكثر الناس عرضة للإصابة بالتهاب الكبد الوبائى (B)، ثم (c)، يليه فيروس نقص المناعة (الإيدز)، حسب ترتيبهم»، وفقاً للدكتور محمد مسعود، الأستاذ بكلية الطب بجامعة الفيوم. ويضيف: «انتقال العدوى بين حاملى الفيروس ومرضى الفشل الكلوى يتم عن طريق الدم».
ويؤكد «مسعود» أن معدلات الإصابة بالعدوى تنخفض فى المراكز الحكومية بسبب تجميع المرضى حسب حالتهم المرضية، بينما ترتفع فى الخاصة لقلة عدد أجهزة غسيل الكلى فيها، وقبولها المرضى المصابين بفيروس «c» ورفض مصابى «B» والإيدز.[FirstQuote]
يحتاج كل مريض إلى ثلاث جلسات أسبوعياً بتكلفة 140 جنيهاً لكل منها، على نفقة الدولة. ويُعفى المريض من سداد 1680 جنيهاً عن 12 جلسة على مدار الشهر، ليصل إجمالى ما تدفعه الدولة عن المرضى المسجلين لديها بالمحافظة إلى قرابة مليونين و184 ألف جنيه شهرياً.
ويقول وكيل وزارة الصحة بالفيوم، الدكتور مدحت شكرى: إن جميع المرضى المسجلين لدى المديرية يتلقون جلساتهم على نفقة الدولة، متضمنة التحاليل المعملية وتحاليل الفيروسات، وصرف العلاج الشهرى للمريض والحقن الخاصة بالأنيميا.
29 مريضاً بالفشل الكلوى تقدموا بشكاوى للنيابة العامة بالفيوم، يتهمون فيها إدارة مستشفى التأمين الصحى بالتسبب بإصابتهم بفيروس «سى». حفظت النيابة الشكاوى واعتبرتها إثبات حالة لمقدميها بعد تراجع بعضهم وتأكيدهم فى أقوالهم أن الخدمة تحسنت خلال فترة التحقيق فى البلاغ، فى حين لم يحضر البعض الآخر للإدلاء بأقوالهم، عدا مريض يدعى هلال السيد الذى كان أكثرهم اهتماماً. فيما تُوفى العديد ممن اشتكوا بعد تدهور حالتهم المرضية.
تشير إحصاءات مديرية الصحة بالفيوم إلى 1300 مستفيد، وفقاً لأحدث إحصائية لعام 2014 بينهم 22 مصاباً بفيروس «B» مقابل 745 مستفيداً عام 2013، فى اختلاف مع تقدير مسئول ملف الكلى السابق فيها؛ إذ يؤكد هذا المسئول -الذى يرفض الإفصاح عن هويته- أن العدد الحقيقى يزيد على المعلن (بين 1400 و1500 مريض).
داخل مركز مستشفى التأمين الصحى بمدينة الفيوم، جلس نزيه صالح فى تمام السادسة صباحاً، جاءت جلسته فى قاعة «إيجابى»، ما يعنى أنه حامل لفيروس الالتهاب الكبدى الوبائى، القاعة التى تضم 24 جهاز غسيل، لا يوجد بها سوى حوض واحد لغسل الأيدى، تأتى إليه الممرضة لربط وصلات الجهاز بذراعه من جهة وعبوتين من جهة أخرى، تمهيداً لبدء الجلسة، لكن سرعان ما تندلع مشادة بينهما بعد أن وضعت «فلتر» لم يعجبه نوعه، لكن طبيب المركز -المتخصص فى أمراض الباطنة، وليس الكلى- يرفض صرف نوع الفلتر الذى يطلبه المريض، رغم أنه يتناسب مع ارتفاع نسب الباولينا (فضلات الكلى) بالدم، وفق روشتة طبيبه المشرف. فى النهاية يرضخ المريض لرغبة الطبيب والممرضة.
مشادة أخرى تندلع بين ممرضة ومريض موصول بجهاز غسيل على بُعد ثلاثة أمتار من هذه الحالة احتجاجاً على عدم توافر محلول ملحى كافٍ، بسبب «قلة المخزون».
تزحف عقارب الساعة ببطء نحو السابعة وعشر دقائق. ترتفع صافرة إحدى الماكينات معلنة تعطلها خلال جلسة غسيل، فى مدخل قاعة غسيل مجاورة يتكدس عدد كبير من عبوات سوائل الغسيل الكلوى الفارغة، أكياس حمراء مخصصة للنفايات الخطرة -وصلات طبية وسرنجات- تغطى سلات المهملات بجوار الأسرّة. عبوة فارغة أسفل سرير أحد المرضى، ما يتعارض مع «الأساليب المانعة للتلوث»، بالجزء الثانى من الدليل القومى لمكافحة العدوى (2008)، ممرضتان تتسامران فى آخر القاعة، بينما تُربط عبوتان بذراع أحد المرضى وهما مكشوفتا الغطاء، فى مخالفة لسبل معالجة المياه المستخدمة فى إجراء عملية الغسيل الكلوى (الديال)، بالدليل القومى لمكافحة العدوى.[SecondImage]
فى الساعة الثامنة و55 دقيقة، يتوقف أحد أجهزة الغسيل، فيستغيث المريض من أجل إعادة تشغيله. وبعد دقائق تستجيب الممرضة لطلبه، أحد المرضى يطلب زيادة محلول الأملاح المستخدَم لتنقية الدم من السموم والأملاح المعدنية المتأينة، لكن الممرضة تؤكد له أن «صيدلية المستشفى لا تصرف سوى عبوتين يومياً».
دقت عقارب الساعة التاسعة ومرت بعدها عشر دقائق دون أن يمر طبيب لمتابعة الحالات المرضية أو أى عامل لتنظيف أرضية القاعة، فى مخالفة لإجراءات مكافحة العدوى بالمنشآت الصحية والتعامل مع بيئة وحدة الغسيل الكلوى؛ إذ تقضى بضرورة تنظيف الأسطح البيئية لمنطقة الغسيل الكلوى (الديال) المخصصة لخدمة المريض، وكذلك إزالة أى انسكابات دموية ناتجة عن تركيب وصلات الماكينة بذراع المريض.
وفى التاسعة و20 دقيقة، توقف جهاز آخر عن العمل، تتحرك ممرضة فى اتجاه الجهاز المتوقف دون كمامة واقية، تلقى بوصلة نقل دم فى سلة المهملات ذات الكيس الأحمر والثانية فى عبوة فارغة، مع انتهاء الوقت المحدد للجلسة، استعداداً لاستقبال حالة جديدة على ذات الجهاز.
لم يختلف الوضع كثيراً فى وحدة الغسيل الكلوى بمستشفى إطسا بالمحافظة، أسرّة متراصة بفواصل ثلاثة أمتار؛ بسبب إضافة جهازين جديدين لغسيل الكلى، ليرتفع عدد الأجهزة إلى 24 جهازاً، فى مخالفة لمقاييس وزارة الصحة بخصوص المسافة بين الوحدات (ستة أمتار مربعة). ثلاث ممرضات يتنقّلن بين 24 مريضاً، فى مخالفة للحد الأدنى (ممرض لكل أربعة مرضى). [SecondQuote]
ويرد وكيل الوزارة بالفيوم، د. مدحت شكرى، على هذا بأن مستشفيات إطسا وطامية وإبشواى أُدرجت ضمن خطة تطوير وتوسعة مراكز غسيل الكلى: «نقدم للمواطنين الخدمة مع التخطيط لتطويرها بدلاً من وقفها بسبب شرط المسافات بين الماكينات».
«أ. ك»، متزوجة ولديها ثلاثة أولاد، تترقب مؤشرات ولمبات جهاز غسيل الكلى قبل توصيلها بذراعها اليسرى، لتبدأ رحلة تنقية الدم على مدى 4 ساعات.
السيدة الثلاثينية تعلمت تشغيل الجهاز بنفسها بسبب انشغال الممرضات بحالات أخرى. وتقول: «أحياناً أوصل وصلات الوريد دون أن أنادى الطبيب».
تدخل عاملة بيدها عصا بنهايتها قطعة من القماش المبللة والمطهرة، خلال ساعتين من الجلسة، وتنظف أرضيات المركز. دقائق وتدخل ممرضة تحمل «صينية شاى»، وتقدمه لزميلاتها خلال الجلسة، فى مخالفة لبند العاملين بوحدات الغسيل الكلوى من المعايير المقررة لمكافحة العدوى (كل ممرضة تضع على فمها واقياً ضد المرض).
على مسافة أقل من متر مقابل حالة أخرى، يرقد «س. ر»، 52 عاماً، الذى يغسل كليتيه منذ سبع سنوات. هذا الرجل المصاب بالسكرى اكتشف إصابته بالفشل الكلوى بالصدفة عندما أصيب بقىء وآلام فى البطن. الممرضة ترتدى ذات الكمامة فى تعاملها مع مرضى آخرين. تتنقل بين المرضى لقراءة عدادات أجهزة غسيل الكلى ومواجهة أعطالها بعد انطلاق صوت صافرة، لتوقف عملية تنقية الدم بين عبوات مياه غسيل الكلى.
المسئول السابق لملف الكلى بالفيوم يقر بـ«وجود ماكينتين زيادة على العدد المقرر، ويجرى حالياً فحصاً لهذه المشكلة»، لكنّه يقلل من تأثير ذلك على جودة الخدمة، مشيراً إلى تخصيص مركزى إطسا وطامية لمصابى الفيروس «B». ويتم حالياً تخصيص مركز لهم فى مستشفى الحميات لعزل هذه الفئة وصولاً إلى تحقيق أقصى درجات الوقاية.
وفى مركز غسيل الكلى بمستشفى الفيوم العام، تستلقى إحدى السيدات، رفضت ذكر اسمها، على سرير فى الطابق الثالث، اعتادت هذه السيدة، ذات الخمسين عاماً، الاسترخاء على نفس السرير خلال جلسة غسيل الكلى، بعد وزن جسمها النحيل لتحديد كمية المياه التى تحتاجها عملية الغسل، تتوجه السيدة إلى غرفة مستلزمات الغسيل لتحصل على سرنجتين، إحداهما سوداء والأخرى تحت الجلد، دقائق وتأتى الممرضة المشرفة على قاعة الغسيل لتصل ذراع السيدة اليمنى بوصلات نقل الدم. ثم تتم ذات الخطوات مع مريضة أخرى بالقاعة، دون أن تغير الممرضة قفازها الطبى، ما قد يعرّض المريضة لانتقال العدوى، مخالفة بذلك إجراءات منع انتقال عدوى فيروس التهاب الكبد الفيروسى «B» الواردة بالدليل القومى لمكافحة العدوى.
د. محمد مسعود، الأستاذ بكلية الطب بجامعة الفيوم، يحذر من مخاطر عدم تغيير الممرضة القفاز خلال التعامل مع حالات مختلفة: «يجب تغيير الجوانتى وروب التمريض لمنع نقل الفيروس من دماء ملوثة».
حوض واحد لغسل الأيدى فى هذه القاعة، رغم أن الاحتياطات القياسية لمكافحة العدوى -طبقاً للدليل القومى لمكافحة العدوى- تتطلب توافر حوض غسيل أيدٍ لكل أربعة أسرّة وممرضة لكل أربع حالات.
ويؤكد د. سامر رشدى، المدير السابق لمستشفى الحميات إخصائى الحميات، وجود عجز دائم فى فريق التمريض بمراكز الغسل الكلوى الحكومية، لانخفاض إقبالهم على العمل فيها خشية انتقال العدوى لهم، بالإضافة إلى قلة عدد ماكينات الغسيل الكلوى.
بينما يرد الدكتور شكرى: «عالجنا نقص عدد الممرضات بمستشفيات إبشواى والفيوم العام، بتعيين دفعات جديدة فى الأقسام الحرجة، وتضم غسيل الكلى والحضّانات والعناية المركزة والاستقبال والعمليات». ويؤكد توزيع خمس ممرضات على الوردية الواحدة، و«لكن غياب بعض الممرضات يتطلب متابعة من رئيس القسم»، حسبما يقول «شكرى».
بعد ساعة على بدء الجلسة، تدخل ممرضة أخرى لمتابعة المرضى ومساعدة زميلتها. وفى التاسعة وخمس دقائق، تدخل إحدى العاملات، وهى ترتدى «جوانتى» لمسح وتنظيف أرضيات القاعة، خوفاً من انسكاب دماء ملوثة، طبقاً للمعايير الخاصة بمكافحة العدوى.
ممرضة تنزع الوصلات الوريدية من ذراع السيدة، وتتخلص منها فى كيس المخلفات الخطيرة. ثم تطهّر سقف الجهاز وجوانبه بقطعة قطن مبللة بالكحول، خلال جلوس الحالة على السرير، وقبل مغادرتها القاعة، فيما يسمح لبعض المرافقين بالجلوس بجوار المرضى الذين يعانون ضعف المناعة، دون ارتداء كمامة طبية.
على بُعد أمتار قليلة من القاعة، تقع مشادة بين طبيب وأحد أقرباء مريضة فى قاعة أخرى، احتج على تعرضها للنزيف خلال تركيب الوصلة الوريدية بذراعها. الطبيب الغاضب يستدعى مسئول الأمن لطرد الموجودين فى ساحة القاعتين، مشهد آخر يكسر صمت المرضى. بائع شاى من خارج المركز ينادى بين المرضى بالقاعة: «حد عايز شاى». [ThirdQuote]
أما فى مستشفى إبشواى المركزى فتتوجه فتاة نحيلة الجسد فى عقدها الثانى إلى قاعة غسيل الكلى بالمستشفى وبيدها «الفلتر والسرنجات». تضم القاعة ثلاثة أجهزة وحوضاً واحداً لغسل الأيدى، تماشياً مع مقاييس الوزارة، لكن ملاءة السرير لم تتغير من الجلسة السابقة، فى مخالفة لمعايير مكافحة العدوى، التى توجب تغيير الأغطية مع مراعاة غسلها وتنظيفها فى كل مرة.
«انتقلت لى عدوى الالتهاب الكبدى الفيروسى بعد عامين من غسيل الكلى فى قسم السلبى (لغير المصابين بالفيروس)»، هكذا تستذكر الفتاة العشرينية رحلتها مع الفيروس. «يومها فوجئت بالممرضات يخبرننى بتحويلى للغسيل فى القسم الإيجابى».
15 دقيقة مرت منذ بداية الجلسة ولم تقُم أى عاملة بتنظيف أرضية القاعة بعد توصيل المرضى بالأجهزة. تتجمع الممرضات للتسامر فى ساحة تتوسط ثلاث قاعات. لا يتحركن لمتابعة المرضى إلا فى حال توقف أحد الأجهزة أو صراخ أحد المرضى طلباً لأدوية مسكنة بعد أن يفقد الأمل فى تلبية ندائه.
سوء المعاملة وتدنى الخدمة بالمركز يسفران عن إقالة مسئول وحدة الكلى بإبشواى المركزى وتعيين آخر، وفقاً لمسئول الملف السابق بالمحافظة، منذ قرابة عام.
يخضع بين 1400 و1500 مريض بالفشل الكلوى لجلسات غسيل كلى فى 11 مركزاً، بينها خمسة حكومية وسادس بمستشفى التأمين الصحى وسابع بجامعة الفيوم، بالإضافة إلى أربعة مراكز خاصة تخضع لمتابعة مديرية الصحة، وفق مسئول سابق عن ملف غسيل الكلى بمديرية الصحة بمحافظة الفيوم، يرفض ذكر اسمه. فى الفيوم 250 ماكينة لغسيل الكلى، كل منها تخدم ستة مرضى يومياً، فى حين يزيد عدد المصابين بالفشل الكلوى على 30 ألفاً، العديد منهم يغسلون كلاهم فى القاهرة، حسبما يضيف المسئول، وباعتبار أن المصابين يحتاجون إلى ثلاث جلسات غسيل أسبوعياً فى المتوسط، فإن الأجهزة المتوافرة -بطاقة 7500 جلسة أسبوعياً- تغطى أقل من 10% من حجم الطلب على هذه الأجهزة الحيوية فى المحافظة.
ورغم وفاة عدد من مرضى الكلى مؤخراً، فإن المسئول السابق لملف الكلى بالفيوم يرى أن معدلات الوفاة بالمحافظة أقل من المعدلات العالمية البالغة 25%. ويدلل على ذلك بتحسن الخدمة الصحية فى المراكز.
لكنه يقر بوجود «عجز فى طاقم التمريض بالفيوم بشكل عام»، كما يؤكد «النقص فى طاقم الأطباء بوجود خمسة فقط لخدمة 210 مرضى كلى بمستشفى الفيوم العام». ويؤكد تقرير طبى أصدرته لجنة المتابعة بمديرية الصحة، فى 22 أبريل 2014، وجود مخالفات عديدة بوحدة غسيل كلى الأطفال بمستشفى الفيوم العام، منها: عدم وجود ملاءات على الأسرَّة، وإصابة الطفلة ندى ياسر بفيروس سى (إيجابى) فى يناير 2014 بعد أن وصلت إلى الوحدة وحالتها «سلبى» فى يوليو 2013. «الكشف عن المرض يتطلب خبرة طبية طويلة فى العمل وتحاليل معملية. وقد تغيب الخبرة عن أطباء حديثى التخرج»، بحسب تقييم مسئول الكلى، الذى يشدّد على ضرورة تغيير كمامات الممرضات دائماً. فيما يؤكد «شكرى» أن تقصير الممرضات فى ارتداء كمامات يستدعى متابعة مشرفة التمريض ورئيس قسم الكلى بالمركز. ويؤكد وجود قرابة مليونى كمامة (ماسك) فى مخازن مديرية الصحة. ولا تزال المعاناة هى سمة رحلة مرضى الفشل الكلوى فى مراكز غسيل الكلى بالمستشفيات الحكومية فى الفيوم، على الرغم من تأكيدات المسئولين العمل على رفع معاناة مواطنين ضربهم الفقر والمرض.
"تم إنجاز هذا التحقيق بدعم من مؤسسة أريج للصحافة الاستقصائية برنامج الإدارة المحلية"