انتشر التأفف والضيق من طول شهر مايو عبر وسائل التواصل، هذا يعتبره سنة مايو، وذاك شهر بالعمر كله، وغيرهما بالثقب الأسود، والغريب أنّ معظم من يشكو من الشباب، الفئة المفترض أن تكون الأكثر حرصا على الحياة وأيامها.
كان شهر طويل بلا شك حتى أنّه وصل بين 3 أشهر عربية في آن واحد، لكن «هل هذه هي المشكلة؟»، بالطبع لا، ليس أول شهر يفعل ذلك، ربما مروره بأشهر حافلة بالأحداث والطقوس الخاصة إذن، حيث بدأ بشهر رمضان، مرورا بعيد الفطر، ثم الامتحانات، ما جعله مكتظا بنشاطات ومسؤوليات لدرجة أرهقت الجميع، ما الجديد في ذلك؟ هي مناسبات تحدث كل عام!.
إذن ربما هو المرتب الذي لم يحتمل كل هذه المناسبات في شهر واحد، عزومات وزيارات وخروجات ودروس ومراجعات نهائية، كل ذلك يحتاج إلى كنز علي بابا، ومال قارون، وثروة أوناسيس، لقضاء حاجياتك فقط خلال هذه المناسبات، ما بالك إن كنت متزوجا أو مرتبطا أو من هواة جمع الديون لسد ثغرات مرتبك، لكن كل هذه الالتزامات هي نفسها لم تتغير وقد تزيد في المستقبل، وستبتلع مرتب شهر أو اثنين لا فارق لديها أو رحمة، فضلا عن أنّ المتضررين من سنة مايو، بينهم طلاب بلا أي التزامات مالية.
الأيام أصبحت هيّنة على الشباب، الذين يفترض أن يقبلوا على الحياة ويبحثوا عن السعادة، وليس فقط من يعيشون اليوم بيومه، ويحمدون الله كثيرا أنّهم صمدوا ليوم آخر.
ليست المشكلة في طول شهر أو عرضه، الشاب يبحث عما يريد تحقيقه، وهو غير قادر على ذلك، هو داخل بحر تسحبه الأمواج إلى داخله، يصارع ليخرج منه أو يبحث عن جزيرة به ليستريح بعض الوقت، تستحضرني أغنية محمد منير «البحر موج عطشان للرقص والمغنى»، هذا هو ما يجب أن يكون عليه حال الشباب، بين زهرة البسمة ولمعان الحلم ونغمة التفاؤل، لا أن يجلس ليحصي الأيام ويمررها قبض ريح.
املأوا أيامكم بالأماني لتتمخض الذكريات في رحم الزمن، ولتخرج لكم لحظات سعيدة لا تنسى، ليحمل اليوم المعنى والغاية، لن يهدي يونيو الحلم لزائريه وهو شهر المشمش، فـ«عافر يمكن تقوم.. حاسب على كل يوم».