«ورطة» جمعت بديع خيري بنجيب الريحاني لتستمر علاقتهما حتى نهاية العمر
نجيب الريحاني وبديع خيري في شبابهما
«50 قرشًا»، أول مبلغ تقاضاه بعد كتابة أول مونولوج، ومع النجاح الذي حققه، ارتفع المبلغ إلى 100 قرش، وأصبح اسم بديع خيري، الذي يمر اليوم 129 عامًا على ذكرى مولده في 18 أغسطس عام 1893 أحد أشهر كُتاب الزجل والشعر والمسرحيات في بدايات القرن الماضي، وأحد رواد المسرح والطرب، حيث شكّل ثنائيًا فنيًا مع نجيب الريحاني على خشبة المسرح وشاشة السينما، ومع سيد درويش، قدما تراثًا غنائيًا حيًا في الوجدان.
اتجه بديع خيري، إلى عالم المونولوج والتأليف المسرحي، وهو في سن صغيرة، ومع كل نجاح تحققه مسرحياته، تزداد حماسته ويزداد عشقه أكثر بدنيا الفنون، وحسب تصريحات تليفزيونية في لقاء نادر له، حققت مسرحية «أمّا حتة ورطة» التي ألفّها قبل عام 1918 نجاحًا مدويًا من خلال فرقة جمعية نادي التمثيل العصري، باعتبارها مسرحية مصرية خالصة وليست مترجمة عن روايات أجنبية كما كان متبعًا في ذلك الوقت.
بديع خيري عمل تحت اسم مستعار حتى لا يفصل من عمله
وكانت تلك المسرحية، هي سبب لقائه بصديقه الوفي نجيب الريحاني، حيث نما إلى مسامع الأخير وجود مسرحية ناجحة تعرض صباحًا لإحدى فرق الهواة، ليتسلل إلى المكان وهو مسرح «الإيجبسيانا»، الذي كان يقدم فيه الريحاني عروضه أيضًا مساءً، ويتابع العرض الذي أصابه بالذهول من فرط جمال الكلمات والحوار، ليسأل عن الكاتب ويعرف أنه بديع خيري، ليبدأ بعدها الثنائي رحلة من العطاء قدما خلالها أنجح الأعمال الفنية الخالدة.
كان «بديع» يعمل مدرسًا وبالتالي كان يعمل تحت اسم مستعار خوفًا من أن يتم فصله نتيجة عمله بالفن، وعندما سأل الريحاني «مجدي شفتشي»، وهو الشخص الذي كان يضع اسمه على مسرحيات بديع خيري عن تفاصيل بعض المسرحيات، كشف له عن هذا السر ليبدأ التعارف بينهما الذي استمر أكثر من 30 عامًا.
صداقة نجيب الريحاني وبديع خيري استمرت نحو 30 عامًا
رحلة نجاح بديع خيري ونجيب الريحاني، لم تقتصر فقط على خشبة المسرح وأثمرت عن عدد من الأعمال منها «إلا خمسة، الدلوعة، الدنيا لما تضحك، لو كنت حليوة، الشايب لمّا يدلع»، وامتدت إلى السينما قبل نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي، من خلال أفلام سلامة في خير، سي عمر، لعبة الست، أحمر شفايف، أبو حلموس، وحتى أخر أفلام الريحاني غزل البنات عام 1949.
«وُلدت مرتان، الأولى يوم ميلادي، والثانية يوم لقاءنا وكلاهما بتاريخ واحد 18 أغسطس»، عبارة قالها بديع خيري، لصديقه نجيب الريحاني عند توقيع أول عقد بينهما، وكررها «بديع» كثيرًا سواء في مذكراته أو في لقاءاته التليفزيونية والإذاعية، بعد رحيل صديق عمره عام 1949 وحتى لحق به عام 1966.