التصريح الأخير الصادر عن الخارجية الأمريكية حول «الحريات الدينية في مصر»، وما يسجله من إيجابيات حول الحالة الحقوقية على مستوى هذا الملف، يرصد خطوة على طريق طويل تخوضه دولة «30 يونيو» من أجل تدعيم حقوق الإنسان في مصر.
فعندما نزل المصريون ضد حكم تنظيم الإخوان الإرهابي عام 2013، كان المطلب الحقوقي يمثل أولوية لدى الشارع، بعد شهور متواصلة عانت فيها الغالبية من ضغوط تنظيم ديني متطرف، سعى إلى تسييس الدين ومصادرة الحريات الدينية، واعتبر نفسه وصيا على العقل الديني للمواطن، وعندما رفض المصريون ذلك، وأطاحوا به، أشهر سلاح الإرهاب في وجوههم.
خاضت دولة الثلاثين من يونيو حربا باسلة ضد الإرهاب، واستطاعت القوات المسلحة والشرطة محاصرته، وتضييق الخناق على البؤر التى ينتشر فيها، وقطع أذرعه التمويلية، فدخل مرحلة احتضار.
فى هذه اللحظة -لحظة الاحتضار- أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي، إنهاء حالة الطوارئ بمصر في أكتوبر من العام الماضي 2021، فلم نعد بحاجة إليها بعد تقليم أظافر الإرهاب.
شكَّل هذا الإعلان، إشارة انطلاق نحو فتح الملف الحقوقي في مصر، فانطلقت القيادة السياسية تعمل عليه بجسارة، ومن منظور شامل وغير تقليدي، فتحت ملف الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وأنجزت العديد من الخطوات التي تدعم ما نص عليه العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، دعَّمت الحق فى العلاج (حملة 100 مليون صحة نموذجا)، والحق فى السكن، من خلال توفير المساكن الآدمية لسكان العشوائيات، وتبنت برنامج «حياة كريمة» لمحاربة الفقر وحماية الطبقات الأشد احتياجا، أضف إلى ذلك حق المواطن في الحصول على خدمة تعليمية حقيقية، من خلال برنامج شامل لتطوير وتحسين جودة الخدمة التعليمية.
وعلى مستوى الحريات السياسية، دعا الرئيس «السيسى» إلى حوار وطنى شامل تشارك فيه كل الأصوات المؤيدة والمعارضة والأحزاب والقوى السياسية، وتتواصل فعالياته على الأرض طيلة الأشهر الماضية، أما ملف الحريات الدينية فقد شهد التقرير الأخير الصادر عن الخارجية الأمريكية على الشوط الذى قطعته الدولة المصرية على هذا المستوى؛ فمصر دولة قانون تطبق قواعده على الجميع دون تمييز، وتحمى حرية العبادة، وتضفى الشرعية القانونية على كل دور العبادة، وتحترم الشرائع الدينية لكل أبنائها، خصوصاً فيما يتعلق بالأحوال الشخصية، ويتعانق فيها الهلال مع الصليب داخل «بيت العيلة» الواحدة.
القيادة السياسية تؤمن بأنها تعبّر عن ثورة قامت من أجل الإنسان، وبهدف حماية حقوقه، والدفاع عنه ضد فكرة إهدار الإنسانية التى تتبناها الجماعات الإرهابية، لذلك فقد جعلت من حقوق الإنسان ثقافة فى الإعلام والتعليم والدراما، وقطعت أشواطاً كبيرة على هذا المستوى، لكنها تعلم أن هناك خطوات أخرى متبقية.. وسوف تنجزها.