خبراء: لا بديل عن القانون لمواجهة السطو على الإبداع
الناقد الفنى طارق الشناوى
ما زال السطو على الإبداع أياً كان نوعه، سواء إبداع أدبى أو فنى أو ترجمات، يؤرق العاملين بهذه القطاعات التى تتلامس بشكل أو بآخر مع كل مواطن مصرى يأمل أن يرى عملاً فنياً دون منغصات أو شائعات تحيط العاملين به، لذلك دائماً ما تبرز من وقت لآخر الاتهامات التى اتفق مختصون فى مجالات مختلفة أن أهم شىء للقضاء عليها ومواجهتها هو تفعيل القانون.
«الشناوي»: لا بديل عن تطبيق القانون لوقف السرقات الإبداعية والسطو على حقوق المبدعين
قال الناقد الفنى طارق الشناوى، إنه لا بديل عن تطبيق القانون لوقف السرقات الإبداعية والسطو على حقوق المبدعين، ففى الموسيقى هناك قاعدة تقول إن تطابق أربعة موازير يُعد سرقة، والمازورة أشبه بالجملة، وفى اللغة تحدد السرقة بوضع الحافر على الحافر، فلو أخذت المازورة الأولى فى اللحن والثانية وغيّرت فى الثالثة وأخذت الرابعة كاملة فلا يُعد ذلك سرقة، وكثير من المبدعين يرون أنهم تتم سرقتهم، ففيلم «البرىء» بعد عرضه ظهر 4 أو 5 مؤلفين قالوا إنهم أصحاب العمل الحقيقيين، وبعضهم من المشاهير، فالنجاح يخلق من يرغب فى السطو عليه.
وأضاف أن أغنية «للى» لمحمد منير، على سبيل المثال، ادعى أكثر من شخص أنه مؤلفها وملحنها، رغم أن التوافق لا يعنى السرقة، مشيراً إلى أن هناك قصيدة كتبها نزار قبانى وغنتها نجاة كانت بنفس المعنى ولكن لا يمكن أن نقول إن ذلك سرقة من نزار، حيث قال نزار: «من أشعل النيران يطفئها.. ومن فتح الأبواب يغلقها»، وهو نفس معنى «اللى فتح باب الوجع واجب عليه رده».
وتابع لـ«الوطن» أن ذلك ما حدث أيضاً مع أسامة أنور عكاشة فى مجده: «كان فيه كاتب بيطلع بعد عرض كل عمل لعكاشة ويقول إنه مسروق منه، وخصوصاً الراية البيضاء، وهذا الكاتب اختفى منذ وفاة أسامة منذ نحو 12 سنة»، ويمكن القول إن هذا يخضع لظاهرة «الشادو رايتر»، ربما ليس بالمعنى الحرفى ولكن بالمعنى الدلالى، من الممكن أن تكون كاتب شادو أو ملحن شادو.
واستطرد أن الكُتاب كانوا يحضرون ورش الكتابة ويكتبون العمل كاملاً ويتقاضون أجراً عنه، دون أن تظهر أسماؤهم على العمل، وهناك فرق بين الورش فى الوقت الحالى وسابقاً، ففى الخمسينات والستينات كانوا يكتبون من الباطن فعلاً، و«أكثر من فعل ذلك بهجت قمر والد أيمن بهجت قمر، وكذلك أحمد عبدالوهاب وعصام الجمبلاطى، وغيرهم ودلوقتى الورشة موجودة بشكل شرعى والأسماء تُكتب على العمل».
وأوضح أن حقوق الملكية الفكرية هى الأساس فى الوقت الحالى: «حالياً السرقة صعبة للغاية، بقى فيه حقوق ملكية على مستوى العالم، ومصر عضو فيها، واللى هيسرق هيدفع تعويض كبير»، مشيراً إلى أن موسيقى رأفت الهجان كانت فى نهاية الثمانينات، وتُظهر أوراق جمعية الملحنين أن الأداء العلنى يتم تقاسمه مع ملحن ألمانى تقدم بشكوى لجمعية الملحنين أوضح فيها أن الشريعى استوحى المقطوعة الموسيقية من عمل خاص به، وحينها كانت الجمعية برئاسة محمد عبدالوهاب الذى شكّل لجنة من أحمد فؤاد حسن ومحمد الموجى، وانتهت اللجنة إلى أن ذلك لا يُعد سرقة، وسافرت الأوراق للجمعية الأم فى باريس وأقرت السرقة، لذلك ستكتشف أن موسيقى رأفت الهجان يتقاسم الأداء العلنى لها بين عمار الشريعى وهذا الملحن الألمانى.
وعن أسباب النقل أو سرقة الأعمال أوضح أنه لا يوجد سبب واحد لذلك فهناك تأثر لا شعورى بالعمل يدفعك لا إرادياً لتقليده: «ممكن تبقى قاريلى حاجة ولا شعورياً تلاقى عنوان اللى أنت كتبته قريب من اللى قريته وانت مش واخد بالك، إلا إذا كان هناك تعمُّد فهذه سرقة».
الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب الحديث بجامعة القاهرة، والناقد الأدبى، قال لـ«الوطن» إنه يتصور أن حماية أعمال المبدعين والمبدعات من السطو يمكن أن تتحقق من خلال طرق متنوعة تتكامل معاً.
من هذه الطرق أن تكون هناك قوانين دقيقة ومفصّلة وحاسمة ورادعة لحماية حقوق الأعمال الإبداعية، ولمعاقبة السطو عليها، والحقيقة أن هناك أشكالاً متعددة من السطو، بعضها واضح وبعضها يتم بكيفيات ملتوية، ومن هذه الطرق لحماية المبدعين أن تكون هناك وسائل متعددة لمحاصرة لصوص الإبداع، عن طريق بث الوعى بحقوق الملكية الفكرية، بحيث تكون معروفة للجميع، وبحيث تشكّل ضميراً جماعياً يقظاً إزاء حدود الإبداع وحقوق أصحابه.
وأضاف أن من هذه الطرق أيضاً أن يتم دعم أصحاب وصاحبات الأعمال التى تم السطو عليها، بكل أشكال الدعم الممكنة، من أجل تجاوز الإحساس بالظلم الذى وقع عليهم، وهناك حالات كثيرة ارتبطت بإحساس اللاجدوى عند بعض مَن تعرَّضوا للسرقات الأدبية ولم يحصلوا لا على حقوقهم ولا على ردود فعل إيجابية كافية.
وشدد على ضرورة حماية الإبداع والمبدعين والمبدعات بتعاون جهات متعددة، ثقافية وفنية وإعلامية، فى إرساء قواعد التعامل مع الإبداعات السابقة واحترامها، وتجنب محاولات النقل منها، أو السطو عليها.
يوسف نبيل، مترجم متخصص فى اللغة الروسية، أوضح أن القانون هو الأساس لوقف السرقات الإبداعية، مع ضرورة تفعيل النقد الترجمى فى الترجمة خصوصاً، لأن النقد هو الأساس لإيقاف مثل هذه الأعمال، وهو الرقيب عليها.