فى مقالى السابق بعنوان: «نعم نحن جادون.. ولكن!!»، أوضحت أن الرئيس السيسى بإعلانه عن قانون الاستثمار الموحد أثناء زيارته إلى الصين وما تلاه من اتفاقيات استراتيجية بين مصر والعملاق الصينى، خير دليل على الجدية، ثم اتجه السيد الرئيس إلى المحطة الثانية، دولة الكويت، تليها محطات عديدة لإعادة الثقة لمناخ الاستثمار المصرى بضمان قانون الاستثمار الموحد، حيث ظل هذا القانون متعثراً لأكثر من أربعة عقود، نتج عنها عشرات المشاكل وأصبحت العلاقة بين المستثمر والدولة أسيرة لجنة فض المنازعات الوزارية والمحاكم المصرية والدولية، أدت إلى خسائر فادحة للاقتصاد وبالتالى هروب المستثمر المحلى قبل الأجنبى!! ولا يخفى على أحد أن مصر بحكم التاريخ والجغرافيا واحتواء أراضيها على كنوز لا تنضب وتمثل أفضل مناخ جاذب لفرص الاستثمار فى كافة المجالات، ويكفينا مشروع قناة السويس الجديدة بعد التطوير وتكالب العالم على موضع قدم فى أهم معبر ومحطة لوجيستية فى العالم والبوابة الرئيسية للانطلاق إلى أفريقيا، ولكم أن تعلموا مدى أهمية بناء العلاقة بين المستثمرين والدولة على أساس عادل، بعيداً عن الفهلوة وأصحاب الأطماع من كافة الأطراف، وبالتالى حتمية «قانون الاستثمار الموحد»، وقد وجهت ندائى إلى كافة المسئولين كفانا موظفين، مصر تريد مبدعين، وعلى الجميع الانضمام إلى ثورة الجادين والعزف ضمن أوركسترا الرئيس الذى ثبت أنه من المؤمنين بالله، المخلصين للوطن.
ونموذج ثانٍ فى الإصرار على الجدية، يتمثل فى ملاحظات السيد الرئيس فى احتفالات المولد النبوى الشريف إلى المؤسسات الدينية: الأزهر بجناحيه الأوقاف والإفتاء، وأن مصر فى أشد الحاجة إلى ثورة دينية مع حتمية تجديد الخطاب الدينى.
وللإنصاف، أسجل هنا أن كتيبة الأوقاف بقيادة الدكتور محمد مختار جمعة، منذ توليه وزارة الأوقاف فى 17 يوليو 2013م، فإنه يسجل كل يوم نجاحاً جديداً فى مجال الدعوة وتجديد الخطاب الدينى بادئاً بتطهير وزارة الأوقاف من خفافيش الإخوان وتطهير المساجد من عناكب السلفية، وحتى عندما هربوا إلى الزوايا الصغيرة، كان هذا الرجل وراءهم بالمرصاد، فـ«الزاوية» التى تحتاج إلى خطيب أو واعظ أو إمام، لا بد فيها من وضع المعايير التى لا تقصى أحداً، ومن يتأهل منهم فليتقدم للحصول على الترخيص.
إنه يكاد يكون الوزير الأول الأوسع خطوة، والأسرع أداءً..
أتعلمون سر نجاح الدول؟؟ إنه الإيمان بالله، والإخلاص للوطن، والسلاح هو العلم، العلم، العلم، والتطبيق بالقانون، ومنظومة القيم الإنسانية.
لقد راهن الرئيس السيسى على الشعب، فالمصرى المستهدف من جميع الطامعين فى جميع أنحاء العالم له جيناته، وطاقاته التى تتفجر فى وقت الشدائد مغلفة بسماحة ومحبة كافة الرسل والأديان، وكل ما يحتاجه هو القيادة الرشيدة.
وكما ترون لو طبقنا معايير النجاح، لعلمنا سر نجاح الرئيس السيسى، وعلى نفس النهج ها هو المقاتل فى الحق الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، نراه متسلحاً بالعلم والإيمان (ولكم فى رسول الله أسوة حسنة) وليس بالسيف والعنف، فالعلم والقدوة الطيبة هما الوسيلة الناجعة للقضاء على داعش وأخواتها، والرجوع إلى الحق فضيلة. وكلٌ فى مجاله يجب عليه تعظيم مدرسة العقل وتفضيلها على مدرسة النقل، وعلى سبيل المثال: عودة المساجد إلى دورها الطبيعى وإلى مالكها الحقيقى (إن المساجد لله) وليس لجمعية أو فرد أو لافتة..!! وهذا نموذج عملى يتم تطبيقه، وهناك عشرات بل مئات الأوضاع تحتاج إلى الأسلوب العملى (العمل الجاد) بمنهج علمى للخروج من المستنقع، وليس بالأمن وحده تعالج الأمور.
ولا يخفى على أحد، أنه بنجاح مصر فى مواجهة أعداء الإنسانية، ستستعيد دورها الريادى كما كانت دائماً، وكم من دول عربية وإسلامية فى احتياج إلى النموذج المصرى فى معالجة هذه القضية التى تمس الأديان. وفقنا الله..