في الاجتماع الذي عقد السبت من هذا الاسبوع، قامت 12 دولة من أصل 27 عضو في الاتحاد الأوروبي بتوزيع اقتراح، يطالب بأن يكون الحد الأقصى لسعر الغاز الروسي أقل "بشكل ملحوظ" من أحدث مستوى تتفاوض الدول بشأنه.
دول الاتحاد الأوروبي تخوض جدلا منذ شهور حول ما إذا كانت ستتمكن من وضع حدا أقصى لأسعار الغاز، لكنها حتى الآن لم تسد الفجوة في وجهات النظر المتباينة، تلك الدول المؤيدة لفرض سقف لأسعار الغاز، ترى أن هذا الإجراء سيحمي اقتصاداتها من ارتفاع تكاليف الطاقة، فيما تعارضه كلا من هولندا وألمانيا، حيث تعد الأخيرة أكبر اقتصاد وسوق للغاز في أوروبا وترى أن تحديد سقف سعري، يعطل الأداء الطبيعي لأسواق الطاقة ويثني منتجي الغاز عن إرسال الوقود الذي تشتد الحاجة إليه إلى أوروبا.
المسودة الأحدث للاقتراح تذهب إلى أن يتم تفعيل الحد الأقصى، في حال تجاوزت أسعار الغاز (231.66 دولار) لكل ميجاوات/ ساعة، لمدة خمسة أيام في تعاقدات أقرب شهر استحقاق، على أن يجري هذا التقييم في مركز تجارة الغاز الهولندي على السعر المرجعي للغاز الطبيعي المسال بناء على تقييمات سعره في ذلك الوقت.
هذا الحد الأقصى المقترح يقل عن سعر (275 يورو) لكل ميجاوات/ ساعة الذي اقترحته المفوضية الأوروبية، فيما بقيت الدول 12 المعارضة تعتبره لا يزال غير منخفض بما فيه الكفاية.
فقد ارتفعت أسعار الغاز لمستويات قياسية في غالبية دول أوروبا هذا العام، بعد أن خفضت روسيا شحنات الغاز في أعقاب غزوها لأوكرانيا، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الوقود ونمو التضخم وكلاهما يضغط بشدة على المواطن الأوروبي.
مما دفع الدول أعضاء الاتحاد لتلك المفاوضات التي تحاول تقليص الخلافات، وإن ظلت وفق هذه الصورة قائمة حتى الآن على الأقل.
لم تقف مواجهة إشكالية استخدام سلاح الطاقة من دول الاتحاد ضد روسيا والعكس، عند حد الغاز وتحديد أسقف سعرية له، فلازالت أزمة ناقلات النفط الخام جاثمة على مشهد هذا الصراع، والنفط شهد هو الآخر تقليص وتقييد سعري صارم في حال كان روسي المنشأ.
فما يجري بتركيا منذ أيام يهدد منظومة التقييد الأوروبي، ويصف البعض أنقرة بأنها صارت تمثل "حجر عثرة" أمام الخطة الدولية لحرمان روسيا، من عائداتها النفطية التي تمول منها الحرب على أوكرانيا.
وكالة الشحن "تريبيكا" أعلنت الجمعة الماضية إن عدد ناقلات النفط التي تنتظر الآن في البحر الأسود، ارتفع ليصل إلى (28 ناقلة) يفترض عبورهما مضيقي البسفور والدردنيل، وقد رفضت أنقرة بصرامة إلغاء قاعدة "فحص التأمين" الجديدة التي طبقتها منذ بداية الشهر، رغم تعرضها على مدى أيام لضغوط من مسؤولين غربيين.
شركات التأمين الغربية ذكرت بأنها لا يمكنها تقديم الوثائق التي تطلبها تركيا، فقد تتعرض لعقوبات إذا تبين أن شحنات النفط التي تغطيها بيعت بأسعار تتجاوز السقف السعري المحدد من قبل الاتحاد الأوروبي، في المقابل كان القرار التركي الحاسم من هيئة الملاحة البحرية بأنها ستواصل منع ناقلات النفط التي لا تحمل خطابات التأمين المناسبة من دخول مياهها.
الشكوك بدأت تتسرب لجانب المعسكر الغربي؛ من هذا السلوك التركي غير المفهوم الذي أصاب تدفق النفط لموانئ أوروبا بالشلل المؤقت، وهذا دفع وزيرة الخزانة الأميركية "جانيت يلين" إلى التصريح بأن الإدارة الأميركية لا ترى مبررا لتطبيق الإجراءات التركية الجديدة على تلك الشحنات، من أجل تهدئة الخواطر الأوروبية الملتهبة.
فالمفوضية الأوروبية ترى أن التأخيرات في عبور الناقلات غير مرتبطة بالسقف السعري، كما أن أنقرة يمكنها مواصلة التحقق من وثائق التأمين "كما كان يتم في السابق بالضبط". والمراقب للأداء التركي ومبرراته يجد أن هناك شكوك عدة بالفعل تغلف الموقف برمته، فقرار المنع الذي بدأ شاملا سرعان ما تبين أن هيئة الملاحة التركية في أنقرة تخطط للسماح لـ"8 ناقلات" لا تمتلك وثائق تأمين الحماية والتعويض ولا تزال تنتظر في بحر مرمرة، بعبور مضيق الدردنيل من مياهها.
وقد تساءل المراقبون الأوروبيين بالفعل عن ناقلة نفط ترفع العلم التركي، حصلت مؤخرا على خطاب تأمين الحماية والتعويض من شركة تأمين دولية، تابعة للمجموعة الدولية لأندية الحماية والتعويض بعد أن طلبت تركيا لأول مرة خطابات تأمين من ناقلات النفط، وقد عبرت تلك الناقلة مضيق البوسفور بالفعل ولم يطبق ذات الإجراء على غيرها من الناقلات !الإجراء المنفصل الذي تطبقه تركيا منذ بداية الشهر، المتسبب في تكدس الناقلات المنتظرة، تمثل في طلب الحكومة التركية من السفن إظهار خطاب من شركة التأمين الخاصة بها، يضمن تغطية فترة تواجدها في "المياه التركية"، في أعقاب تبني الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع قرارا بفرض سقف لأسعار النفط الروسي.
وكالة بلومبيرج توقعت بداية هذا الاسبوع نتيجة الطلب التركي، أن ما لا يقل عن (20 ناقلة) تحمل 18 مليون برميل من النفط الخام، ستنتظر لأيام قد تمتد لأسابيع من أجل عبور مضيقي البوسفور والدردنيل. المعلومات التي سربها الجانب الروسي؛ كشفت أن الناقلات المحتجزة في المياة التركية، تحمل شحنات خام من "كازاخستان" ومن الأورال الروسي متجهة إلى الهند، وهناك سماح من الاتحاد الأوروبي باستيراد النفط الكازاخستاني المشحون من محطة على ساحل البحر الأسود في روسيا.
الولايات المتحدة وبريطانيا قاموا بضغوط كبيرة على المسؤولين الأتراك، لإعادة النظر في نهجهم التقليدي للتحقق من التأمين، باعتبار أن هذا يمكن اتمام مراجعته عبر مواقع شركات التأمين لكنها الآن لم تعد كافية للسلطات التركية.
في الوقت الذي يتحفظ فيه مقدمو خدمات التغطية التأمينية ضد المخاطر، بأن الوثائق التي تطالب بها تركيا لا يمكن ولا ينبغي نشرها في الوقت الحالي. هذه الشركات في موقف لا تحسد عليه بين فكي كماشة معارك العقوبات التي بدأت ولن تنتهي قريبا؛ حيث يظل عدم اليقين السائد على جبهات الاقتتال حاضرا وبصورة أوسع على ساحات النشاط التجاري والامداد.