رصد تقرير أذاعته قناة الوثائقية المصرية فى افتتاحها شهادة مهمة للداعشى هيثم عبدالحميد، المعروف داخل التنظيم باسم رشيد المصرى، ويُلقب بأمير حدود «داعش»، وفتح بشهادته الكلام علاقة بين «الإخوان» وتنظيم داعش، ومسألة العلاقة بين التنظيمين يقول بها البعض ويرفضها البعض، والواقع أن جل الأفكار التى تؤمن بها جماعة الإخوان والمتعاطفون معها تتطابق وتتقارب مع الأفكار التى تؤمن بها التنظيمات العنيفة، وأن الفرق بينهما فرق فى الأساليب والإجراءات والقدرة والتوقيتات، ذلك أن المصدر الأول لفكرة التكفير بدأت من كتاب (الظلال) لسيد قطب، منظِّر الإخوان، وتابعيه «فتحى يكن» و«رفاعى سرور» (وكلاهما من منظِّرى الإخوان)، وتوغلت القطبية فى محاضن الإخوان التربوية، واضطلع سيد قطب بالدور الرئيس فى توجيه فكر وأطروحة الإخوان والجماعات الأخرى، فقد تناول سيد قطب، وأيضاً (يكن وسرور)، قضايا تكفير الحاكم وجاهلية المجتمع وتطبيق الشريعة وغيرها، فأخذها «عبدالسلام فرج» فى كتاب «الفريضة الغائبة» فأنشأ (تنظيم الجهاد)، وأخذها «شكرى مصطفى» فى وثيقة «الخلافة» فأنشأ (التكفير والهجرة)، وأخذها «صالح سرية» فى «رسالة الإيمان» فأنشأ (الفنية العسكرية)، ثم تولدت ونبعت جماعات مثل «القاعدة وداعش» من نفس هذه الأفكار، وتناول ذلك طلال الأنصارى فى مذكراته.
أبومحمد العدنانى السورى، واسمه الحقيقى «طه صبحى فلاحة»، وهو الرجل الثانى فى تنظيم داعش، والمتحدث باسم التنظيم والذى كان مرشحاً لخلافة «البغدادى»، هذا الرجل تأثر بفكر الإخوانى سيد قطب، وكان كتاب «الظلال» لقطب من أحب الكتب إلى قلبه، وعكف على قراءته عشرين سنة، حتى كان ينوى أن يكتبه بخطه من شدة شغفه به، وحين مر على آية (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)، توقف عندها وسأل ثم قرر ثم اتخذ الإجراء الفعلى: (حكومتنا كافرة)، وقد ذكر هذا القيادى الداعشى «تركى البنعلى» فى كتابه: «اللفظ اللسانى فى ترجمة العدنانى».
و«مروان حديد» شيخ «أبومصعب» -لمن لا يعرفه- هو قيادى إخوانى ولُد بحماة عام 1934م، وقال عن نفسه: «اطلعتُ على رسائل حسن البنا فتحولتُ من العماية إلى الهدى، ومن الضلال إلى الرشاد، ومن الجندية للباطل إلى الجندية للحق»، ثم انخرط فى صفوف الإخوان مع «سعيد حوى»، والتقى «سيد قطب» وإخوان مصر، ونشِطَ فى نشر دعوة الإخوان، ونشأ على يديه جيلٌ من الشباب المصرى الذى أحب الموت والاستشهاد، والأمثلة كثيرة جداًهيثم عبدالحميد خلال شهادته أكد هذا الارتباط من أن جماعة الإخوان مثلت رافداً لجميع التنظيمات الإرهابية، وقال إن جبهة أحرار الشام كانت أكثر التنظيمات الجاذبة للمصريين، وقد مثل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وجماعة «حازمون» أكثر الروافد التى شكّلت التنظيم، وأن التنظيم الداعشى الذى نشط فى سوريا بعد عام 2011 تلقى دعماً دعائياً من جماعة الإخوان المسلمين، دفع الكثيرين من التيار الإسلامى للانضمام إلى تنظيم أحرار الشام، وأنّ الانضمام لتنظيم داعش كان اختيار معظم المصريين الذى غادروا إلى سوريا، وأنّه بعد أسبوعين من إعلان ظهور تنظيم داعش كان التنظيم بدون هيكلية، لذلك اختار عناصر الإخوان وغيرهم من الشباب حركة أحرار الشام التى تتولى اختيار المهاجرين، ثم تولّت الحركة بعد ذلك ضم العناصر المدربة إلى «داعش».
وتحدث عن تأثير المؤتمر الإخوانى الشهير «نصرة سوريا» شجع الشباب على الانضمام إلى الثورة المسلحة فى سوريا، وفى هذا الوقت، وبعد مؤتمر «نصرة سوريا»، فإنّ كلّ من كان متردداً فى السفر إلى سوريا حسم أمره وعزم على السفر، ومن كان متخوفاً، ذهب عنه خوفه، لأنّ خطاب مرسى خلال المؤتمر أعطى غطاءً أمنياً وسياسياً، بجانب الغطاء العقائدى من شيوخ السلفية فى المؤتمر، أمثال؛ محمد عبدالمقصود، ومحمد حسان، وياسر برهامى وغيرهم، ممّن وفروا الغطاء العقائدى والفقهى للشباب للانضمام إلى التنظيمات الجهادية فى سوريا ممّن يدعمونهم أيديولوجياً.