حديث الدنيا والإعلام فى العالم هو نظارة أبل الجديدة التى تجعل عالمك الافتراضى مجسداً أمامك، فتشاهد ما هو على تليفونك أو اللاب توب فى الهواء وتحركه بأصابعك، الخيال يتعانق مع الحقيقة فى اللحظة نفسها، وأعتقد أننا فى اتجاه مزيد من التشرنق وجيتوهات العزلة، كل حين نزداد عزلة عن بعضنا البعض أكثر، وينقطع التواصل وتنفرط أواصر الحميمية، لم يعد هناك حوار أسرى فى البيوت، الموبايل مع الطفل منذ الحضانة، هو غارق فى ألعابه، المشكلة أنك بعد كل هذا التقدم فى التكنولوجيا، فأنت لم تنفصل أو تنعزل عن الآخرين فقط، أنت انعزلت حتى عن ذاتك، ليست هناك أى فرصة حتى للحوار مع الذات، أنت منساق فى قطيع أصنام التكنولوجيا، تتشكل حيث يريد أصحابها وبالطريقة والشكل الذى صنعوه، انقلبت وسائل التواصل إلى وسائل تفكيك، وصل الفوتوشوب بالذكاء الاصطناعى إلى مستويات مرعبة من تزييف الحقيقة، صرت لا تعرف الصدق من الزيف، وليست عندك الرغبة فى معرفتها، فتصبح الشعوب ضحية لشائعات تسوقها إلى المجهول، مرحباً بالتكنولوجيا التى تحسّن من حياتنا بشكل كبير، لكن لا بد أن نعى تلك الأعراض الجانبية الاجتماعية، لأننا نتحول رويداً رويداً لقارات منعزلة، لا حوار، لا تأثير متبادل، لا نقل خبرات، لا فلترة شوائب اجتماعية وسلوكية، فلنخترع أى طريقة لكسر تلك العزلة حتى لا نصبح مجتمعات بعدد أفراد العالم، كل واحد داخل حدود نفسه لا وطنه.