لا أحد بمقدوره أن ينكر الحقيقة أو يحجب الواقع أو يشطب التاريخ أو يغيره بالجغرافيا أو يمنع المستقبل.
لأكثر من ٧٥ عاما، تدفع مصر ثمن دفاعها عن القضية الفلسطينية.
٣ حروب.. آلاف الشهداء.. بلد بأكملها سخرت إمكاناتها لأجل القضية الفلسطينية.
وإذا كان العالم يعتبر القضية الفلسطينية، هامشا من بين قضاياه، فمصر لم تفعل ذلك أبدا.
القضية الفلسطينية، قضية كل مصري. هي محور حياته ومعبره الوحيد.
مصر ناضلت بشرف.. وكافحت بإخلاص لأجل القضية الفلسطينية، وعرت بمواقفها ازدواجية المعايير ونفاق المدعين وكذب من زعموا أنهم أصحاب الفضيلة والمبدأ الواحد.
ولأن الموقف المصري ثابت ولأن التاريخ حاضر ويستحضر في مثل هذه الظروف ومثل هذه المواقيت، مصر وحدها تحملت من المزايدات، دون أن تأخذ خطوة للوراء. نادت بالسلام، وتطبقه قولا وفعلا، متجاوزة غرور دعاة الحروب وتجار القضايا.
ولأن الأزمات كاشفة، ولأن المواقف مكتوبة، مصر أكدت من اليوم الأول، بعد اندلاع الاشتباكات، أنه لا حل سوى السلام العادل القائم على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. هذه الحقوق المتمثلة في حل الدولتين والعودة لحدود يونيو ١٩٦٧، رافضة تسوية القضية على حساب أرضها أو حق الشعب الفلسطيني نفسه في أرضه.
تعاملت مصر مع كل بالونات المؤامرة، بالتخلي عن أرضها لتصفية القضية، واتخذت مواقفا لها ثمنا، وسيظل التاريخ شاهدا عليها.
مصر رفضت المسكنات وأعلنت أن الأزمة الإنسانية حلها الوحيد، وضع الحقوق موضعها السليم.
وإذا كانت المساعدات الإنسانية مهمة، وأدخلت مصر منها الكثير، فإنها بالتوازي، خلقت أصواتا عربية وغربية، أعادت القضية الفلسطينية، في مقدمة قضايا العالم الرئيسية، أو قضية القضايا، بتعبير الرئيس السيسي نفسه.
وإذا كان الليل طويلا وثقيلا، فإن مصر لن تفقد أملها أبدا في طلوع الفجر، فجر القضية الفلسطينية.
كانت مصر ولا تزال حجر الزاوية في القضية الفلسطينية، أعلنت بأمانة وإخلاص وبرؤية حكيمة، أن انسداد أفق الحل السياسي، بداية لنكبات جديدة للمنطقة، سيدفع ثمناها دعاة الحروب قبل دعاة السلام.
إننا أمام كلمة تاريخية لرئيس الحكومة المصري مصطفى مدبولي، بعد ساعات أمام مجلس النواب، يتوقع أن يعبر فيها بضمير حي عن الموقف المصري. عن نضال الأمة، متجاوزا حاجز المزايدات وبالونات المؤامرة وادعاءات الواهمين وكذب دعاة الحروب.
إننا أمام مشهد تاريخي، وفرصة لكشف الحقائق أمام أمة أبت أن تتخلى عن قضية القضايا ومحور من محاور نضالها الإنساني.
هذه الكلمة التاريخية المنتظرة لرئيس الحكومة، ستكون التعبير الصادق الواضح، لموقف صلب وحكيم وشجاع من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي شهد له خصومه قبل محبيه، بشرفه ونزاهة موقفه من القضية الفلسطينية.