يبدو أن نظام الفيتو المعمول به في العالم منذ إنشاء الأمم المتحدة في منتصف الأربعينات، علاج أمريكاني مستورد، حرام على الغلابة، كلقاحات كورونا الـ vipالممنوعة على شعوب العالم الفقيرة، علاج مكتوب في نشرته الداخلية يحظر استعماله على الأطفال والنساء والعجائز الفلسطينيين، يحفظ في الثلاجة لدواعي الاستعمال الصهيونية فقط، فالفيتو الأمريكي بمثابة فيتامينات معززة لقوة الجسد الإسرائيلي المستفحل، ليفتري بغشامته على المستضعفين في الأرض، ويستعرض عضلاته المنفوخة بالقنابل والفسفور الأبيض ليرتكب جرائم إبادة جماعية لم ترها أعين البشرية من قبل، ولم يسمع بها العميان من صناع القرار الغربي المتواطئين مع إسرائيل، ويدهم مغموسة في دماء أكثر من ستة آلاف طفل فلسطيني.
عشر مرات خلال عشر سنوات، منحت فيها «ماما أمريكا» دواء الفيتو لصغيرها «بيبي - نتنياهو» ضد مشاريع قرارات تتعلق بالقضية الفلسطينية، ومنذ عام 1945، تم استخدام المقوي الأمريكاني المسمى بـ"الفيتو" ضد 36 مشروع قرار لمجلس الأمن تتعلق بإسرائيل وفلسطين، ومن بين هذه القرارات، اعترضت الولايات المتحدة على 34 قرارًا، ولم تفعلها ولو مرة بالخطأ لتنقذ بدوائها الحامض شعب فلسطيني ممزق جسده جراء مجازر حليف أمريكا الصهيوني.
فنشرة دواء الفيتو، المكتوبة منذ أكثر من 78 سنة دواعي استعمالها، تنص على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، فهل يحق لمحتلٍ يعيث في الأرض دمارا أن يدافع عن نفسه يا دعاة الشرعية الدولية، أم أنتم تعانون من انفصام الشخصية، تحمون مغتصب الأرض!
فمن يحمي طفل سكن قلبه الرعب، وأرملة فلسطينية تربي أيتاما يسقطون أمام أعينها كورق الشجر في الخريف، نشرة الفيتو كل دواعي استعمالها قاتلة، وأعراضها الجانبية تراها في إعلام غربي، يكذب كما يتنفس، وأرى مشاهد الكوميديا السوداء الآن، وأنا أتذكر المدافعين عن مهنية وموضوعية سي إن إن، وبي بي سي وإخواتها في الجارديان ونيويورك تايمز، مهنية لو وضعت على جهاز كشف الكذب الإسرائيلي لانهار في حينها من الافتراء والخبث والإدعاءات الباطلة، فيبدو أن المقويات الأمريكية المستوردة كانت مضروبة أو انتهت صلاحياتها على الشاشات الغربية، فحولت نشرات أخبارها وبرامجها وتقارير مراسليها لإستاند أب كوميدي يجلب الضحك والسخرية.
فترى مراسلة cnn تصنع فيلما خيال علمي أمريكاني لكنه هذه المرة كان «تقفيل هندي»، فتطلب من المحيطين بها أن يتظاهروا بالخوف والفزع من صواريخ المقاومة الفلسطينية، وشاشتها تنضح بكذب فج بأن المقاومة الفلسطينية قطعت رؤوس أطفال إسرائيل، ليردد وراءها رجل البيت الأبيض البالغ من الكبر عتيا دون أن يمرر المعلومة على عقله، وكأن من يدير أقوى دولة في العالم، ولديه عتاة الاستخبارات في الكوكب لا يعرف شيئا من الحقيقة، أم أن الكذبة كانت حلوة المذاق على لسانه.
«فيتو الغابة»، يبرئ الذئاب من دماء الأبرياء، وإن كان الذئب برئ من دم يوسف بن يعقوب، فذئاب وضباع حكومة نتنياهو ليست بريئة من دم الطفل «يوسف الأبيضاني أبو شعر كيرلي»، فيدها مغموسة في بركة دماء آلاف الأطفال الفلسطينيين، ومجازرهم ترتكب تحت حماية مجلس الأمن الإسرائيلي الأمريكي، والذي يمنح فيتامينات القوة لحلفائها من الأبطال الخارقين كمن صنعتهم أفلام هوليود، فتجد سوبر مان حقوق الإنسان، وهالك الشرعية العالمية، وإيرون مان العقوبات الدولية، يحملون القنابل ليدكون بها أرض فلسطين، ليحولوها لهيروشيما جديدة، ومواثيقهم وعهودهم الحقوقية تجدها للاستعمال الشخصي فقط، بديل للبلطجة يرتدي الثوب الديموقراطي للجباية والإتاوة والاستيلاء على ثروات الدول المستضعفة.
أكثر من 50 يوما يصمد فيها شعب فلسطين، ضد صاحب العضلات المنفوخة بالفيتو الأمريكي، ضد مغتصب أرضه بوعد بلفور المشؤوم، 50 يوما كشفت عن مجازر وحشية، فهتلر بكل ومحارقه كان تلميذا في مدرسة نتنياهو وغالانت وأيزنكوت وغيرهم من مجرمي الحرب العتاة، 50 يوما يحقن فيها بايدن وبلينكن بعقار الفيتو ضد بنود حقوق الإنسان العالمية، والقوانين الدولية، والمعاهدات المثالية، التي آن الأوان أن تمزق، وآن لأحرار العالم أن يصرخوا في وجه الفيتو الملعون.