اللواء محمود منصور: علمنا بقرار العبور في تكتم.. وعدت للسرية بعلم كبير
أكد اللواء محمود منصور، قائد السرية الأولى بالكتيبة 163 صاعقة في الجيش الثالث الميداني، أن يوم 29 سبتمبر 1973 كان واضح أن هناك شيئًا غير عادي، حيث صدرت إلينا الأوامر بإقامة مشروع تدريب إستراتيجي بكامل الجبهة باستخدام ذخيرة العمليات وهي أفضل أنواع الذخيرة، والتي كان استخدامها يعني أن وقت الحرب حان، لأنه لا يمكن فتح الصناديق وعدم خوض الحرب وإلا ستتلف، ولن نستطيع تعويضها، لذا استشعرنا أن الموضوع "حرب بجد".
وأضاف منصور في حواره لـ"الوطن"، أنه قبل الحرب بـ3 أيام، حضر في صحبة قائد الكتيبة، ونقيبين آخرين كانا قادتي سرايا، اجتماعًا لقائد الجيش الفريق واصل، وكنا أصغر نقباء وأصغر رتبة من حاضري الاجتماع، وكان هذا الاجتماع في ملجأ أسفل سطح الأرض بنحو 9 أمتار.
وقال عبد المنعم واصل، "إنني أعتمد اعتمادًا كبيرًا على أن أحقق ذاتي من خلال انتصاركم في الحرب، إذا حدثت حرب، وتأكدوا أن عبدالمنعم واصل بكل الشهادات الحاصل عليها داخل وخارج مصر مفيش في إسرائيل قائد ممكن يكون في وزني، لذلك فأنا واثق من تحقيق النصر، بأيديكم لأننا نستحقه، واللي هيبدأ النصر هم النقباء الصغار الجالسون في الخلف، وحينها التفتت جميع الرتب والقادة العسكريين الموجودين في الاجتماع إلينا".
وأوضح منصور، أن هذه الكلمة كانت لإعطائنا إحساسًا أن الموضوع جد، ولكن دون إعلان، وبالفعل أخذنا التدريب على مبدأ الجد بنسبة 100%؛ فإذا تحول للحرب فإنه حلمنا، وإذا لم يتحقق فإننا نواصل استعداداتنا لتحقيق هذا الحلم.
وتابع، أنه استدعي صباح يوم 6 أكتوبر في الـ11 صباحًا إلى ملجأ عميق تحت الأرض، وأعطاهم العميد قائد الفرقة الأوامر، وكنت والنقباء الاثنان الآخران أصغر الموجودين سنًا ورتبة، وأقسمنا على عدم إذاعة التعليمات أو أمر القتال لأي من المساعدين أو الجنود، وقال قائد الفرقة إننا سنعتمد على اقتحام السرية الأولى من الكتيبة 163 صاعقة، لمنع الدبابات الإسرائيلية من احتلال مكان جيد لإصابة قواتنا، وإحداث أكبر قدر ممكن من الخسائر فيها، وكانت مواقعنا في أقصى جنوب الجيش الثالث، ولم يكن يوجد قبلنا سوى كتيبة واحدة تعاملت مع نقطة قوية، وكانت معركة طاحنة.
وأشار إلى أنه عاد لجنوده، وكان معه علم مصر بحجم كبير يصل ارتفاعه لـ3 أمتار، وأن الجنود تفحصت وجهه، وقال: "جاء الضباط المساعدون لي وأخذوني جانبًا وسألونى: «بجد فيه حرب؟»، فأكدت لهم أنه لا يوجد حرب، وأن مشروع التدريب لا بد أن يؤخذ بجدية، لأن الحرب حال حدوثها ستعتمد على عبور قناة السويس ثم القتال لما بعد العبور، وحينها وجدت أن الجنود يحلمون بيوم النصر".
وقال: "نُفخت القوارب المطاطية قبل موعد العبور بـ45 دقيقة فقط، وكنت أمسك صافرة في يدي ونفخت فيها إيذانًا بدفع القوارب لمياه قناة السويس، وحينها قلت لهم «إنها الحرب بجد»، وهنا بدأ التجديف، وكنا نتوقع أن يحدث 70% خسائر في القوات أثناء عبور أصعب مانع مائي في التاريخ، ونجحنا في العبور دون خسائر في صفوف جنود السرية، وعبرنا الساتر الترابي الذي زاد ارتفاعه عن 16 مترًا وكان شكله عموديًا.
وأكد أنهم تفاجوا بعدم وجود إسرائيليين في الموقع الذي عبروا منه، قائلًا: "لم أكن أعلم أن يوم العبور هو يوم عيد لهم، وأنهم يتجهون إلى المواقع الخلفية لأداء صلاة خاصة بهم، لذلك كان التوقيت عبقريًا من قادة قواتنا المسلحة لحمايتنا، وحينها سارع كثير من المقاتلين بتقبيل الرمال، ورفع 4 من الجنود علم مصر، ولكن لم يكن هناك وقت للفرح بل الاستعداد لمواجهة العدو".