د. محمد حسن يكتب: بيت الرفاعي.. «إخوات وأفاعي»
د. محمد حسن
بيت الرفاعى يُقصد به عائلة الرفاعى، كما هى التسمية الشائعة فى الريف والصعيد والطبقات الشعبية، ولأن الإخوة الثلاثة بكبيرهم الأب تاجروا فى الآثار، ونبتت أجسادهم من الحرام فتمكن منهم ومن سلوكياتهم الحرام وأكل كل منهم لحم أخيه، فنجد شخصية «محمود» التى يجسدها الفنان المتميز (أحمد فؤاد سليم)، وهو الأخ الكبير، الذى يضلل أخاه الأصغر وينصب له فخاً بإجراء قرعة مدبرة لاختياره هو لينزل المقبرة الأثرية ليجلب لهم خيراتها، وهو يعلم أنها ستنهار عليه، ليضحى بحياة أخيه من أجل أن يثرى بالمال الحرام.
وبعدها جعل «فاروق» (النجم أحمد رزق) ابن أخيه الذى غدر به كأحد أبنائه وحينما كبر جعله نسخة من شخصيته وذراعه اليمنى فى تجارة الآثار، وحينما اشتد المرض على «محمود» وشعر بقرب النهاية، صرح للعائلة بأنه اختار «فاروق» ابن اخيه كبيراً للعائلة وكتب له كل أملاكه وأمر الجميع بطاعته، وهنا نقطة تفجير الحدث العام للدراما التليفزيونية (بيت الرفاعى)، حيث رفض الجميع قرار الأب ولكن «عبدالحميد» (الفنان القدير سيد رجب) قرر قتل أخيه الأكبر بتحريض الخادمة لتنفيذ ذلك بإيهامها أنه سيتزوجها وأخذت له مفتاح خزانة الدولارات السرية من رقبته، ونجح فى إلصاق التهمة بابنه الأكبر «ياسين» (النجم المتألق أمير كرارة).
وبلغ ذلك الصراع الدرامى ذروته بهروب «ياسين» لإثبات براءته من ناحية وتحول «فاروق» على جميع أفراد العائلة من ناحية أخرى واصطياد «عبدالحميد» فى الماء العكر للتخلص من الجميع، ليتأكد أن الإخوة ما هم إلا ثعابين وأفاعٍ تلدغ بعضها البعض من أجل المال والنفوذ، نحن إذن أمام موضوع درامى اجتماعى مفتقد تقديمه فى الآونة الأخيرة كتبه المخرج المبدع دكتور (بيتر ميمى) ولم يخرجه بنفسه ربما لانشغاله بمسلسل «الحشاشين» أو لأنه لا يفضل إخراج الدراما الاجتماعية، المهم أنه قدم للمشاهدين موضوعاً درامياً جيداً وإن كان ليس جديداً على الدراما المصرية، لكنه قدمه بشكل جديد وجذاب.
وساعد على تعظيم جاذبية عرض الفكرة المبدعان «عمرو أبوزيد وهند عبدالله» من خلال كتابتهما لسيناريو ممتاز متدفق الإيقاع مفعم بالتشويق ورسم شخصيات درامية متكاملة الأبعاد، ولا يخلو من كوميديا سوداء وحوار نابع من طبيعة وثقافة وبيئة الشخصيات، ولا ينكر الجهد الإبداعى الواضح للمخرج «أحمد نادر جلال» ومحافظته على الإيقاع العام للعمل وحسن اختياره لفريق الممثلين، ومنح فرص ذهبية لأغلبهم ويؤخذ فقط على المخرج تعجله فى عدم دراسة بيئة المكان موضع الأحداث وهو (نزلة السمان)، التى تقع بداخلها، خلف (أبوالهول)، مدافن لأهل النزلة وأهل الجيزة القديمة وشكلها مغاير تماماً لما جاء فى الأحداث، وما يميز هذه المدافن أنها لحود أرضية من دون شواهد قبور، ومفتوحة وملاصقة لبعضها البعض فى ازدحام رهيب.
بينما أحداث المسلسل أظهرت مدفن العائلة له حوش تقطن فيه «جمالات» وشكل اللحد كقبور المناطق الريفية، أما عن الأداء التمثيلى فأجدنى منبهراً بقدرة أمير كرارة على تدريب وتطوير موهبته من عمل إلى آخر يقفز للقمة، ففى بدايته المتواضعة جداً فى (للعدالة وجوه كثيرة)، ثم فاجأنا بنضجه فى (المواطن x)، ووصل إلى قمة الوعى بالأبعاد النفسية والاجتماعية والجسدية للشخصية فى مسلسل (الطبال)، أما فى هذا العمل فحافظ على تلقائية الأداء دون الوقوع فى المبالغة وهذا أمر صعب جداً فى مثل هذه الشخصية وهذه الأحداث.
وكعادته فى الآونة الأخيرة، نجح أحمد رزق فى تطبيق القاعدة الذهبية لفن التمثيل وهى «أن يسلك الممثل سلوك الشخصية وينفعل بانفعالاتها»، حتى لا يلمح المشاهد شخصية الممثل الحقيقية، ويقتنع بما جسده الفنان من شخصيات درامية، فنجح «رزق» فى تطويع صوته وإحساسه لتقديم الشخصية الخشنة فى مواجهة نعومة الثعبان التى قدمها الفنان القدير (سيد رجب)، فى مباراة تمثيلية مدهشة تحقق المثل القائل: (ناعم الرجال يأكل خشنها)، وأتمنى أن يخرج سيد رجب من شخصية الشرير وينوّع أدواره، وتامر نبيل قدم طاقته المبدعة فى أعماله الأخيرة، وكذلك وفق إبراهيم السمان، ومحمد لطفى استطاع إبراز التحول فى مراحل الشخصية من البلطجة إلى الجدعنة، وأخيراً أشكر من منح الفرصة لفنانة مركز الإبداع ميرنا جميل فهى كوميديانة وتراجيديانة متميزة وقد أتاح لها هذا الدور فرصة النجومية.