أستعير من معلقي مباريات كرة القدم تعبير "لعبة حلوة" وأطلقه على ما لعبته روسيا وزعيمها بوتين الذي قام خلال الأيام القليلة الماضية بإعادة ترتيب قطع الشطرنج وحرك بعضها ليدعم قواته وطوابيه المحيطة به من الجنوب. عقد بوتين معاهدات مع كوريا الديمقراطية الشعبية – الشمالية – وكذلك مع فيتنام ولا نعرف إن كان سيستكمل مع دول أخرى أم سيكتفي ولو مؤقتا بما فعل.
اتفاقيات بوتين مع كوريا وفيتنام تعيد للذاكرة تحالفات تقليدية كانت بين هذه الدول إبان الحقبة السوفيتية. في عام 1961 عقد الاتحاد السوفيتي في عهد خروشوف معاهدة صداقة شاملة مع كوريا بقيادة الزعيم التاريخي كيم إيل سونج، جد الرئيس الحالي وقائد استقلال كوريا. كما كان الاتحاد السوفيتي الداعم الرئيسي لفيتنام في حربها ضد أمريكا لنيل الاستقلال والمحافظة على وحدة البلاد في مواجهة نوايا أمريكا تقسيم البلاد إلى شمالية وجنوبية كما فعلت مع كوريا وتطبيقا لنظرية قطع الدومينو التي تبناها الرؤساء الأمريكيين على مدى عقود من الأربعينات وحتى السبعينات.
جدد بوتين اتفاقات السوفييت وتضمنت الاتفاقات بنودا خاصة بالتعاون العسكري وقيام كلا الدولتين – كوريا – وفيتنام – مع روسيا بالتعاون في صد العدوان ضد أي منهم واستخدام كافة السبل في سبيل الحفاظ على دولهم باستخدام كل أنواع الأسلحة، وقد أثارت نصوص المعاهدات التي نشرتها وسائل الإعلام في روسيا وكل من كوريا وفيتنام قلق الغرب وصرحت كوريا الجنوبية بمخاوفها وسارعت بتحليل نصوص المعاهدة وأعربت اليابان كذلك عن قلقها وشاركتهما دول غربية.
يترقب العالم نتائج هذه الاتفاقات التي تعبر عن تحركات مناوئة ورافضة للهيمنة الغربية التي تقودها أمريكا وتهدف من ورائها السيطرة على العالم ولا تعترف بقوى كبرى سواها وحلفاءها. تتشكل في العالم كتل كبيرة لمواجهة الصلف الغربي، وتتحالف روسيا والصين سياسيا وعسكريا واقتصاديا ومعهما دول أخرى كبيرة في مجموعة بريكس بلص وغيرها وتتبلور في الفترة القادمة كيانات اقتصادية داخلية مثل عملة بريكس وهو أمر له نتائج إيجابية لصالح الدول التي كافح من أجل شعوبها ولا تعتدي على دول أخرى.
يتصايح الغرب وحلفاؤه عندما يتعاون آخرون بينما هم في ذات الوقت يتآمرون ضد الدول وكأن هذا حق لهم، لم نسمع أن كوريا اعتدت على دولة أخرى أو أن الصين احتلت دولة أخرى أو روسيا غزت دولة خارج مجالها الحيوي.
إن تحركات روسيا تعيد ترتيب قطع الشطرنج على الرقعة الدولية وهو ما سيكون له نتائج ستنعكس بالتأكيد على كل العالم.