محمد رمضان يكتب: الزيادة السكانية.. لا تكلِّف نفسك فوق وسعها
الكاتب الصحفي محمد رمضان
كان جدي لأمي إمام مسجد وعاملا زراعيا بمحافظة الدقهلية، رزقه الله من الأبناء عشرة، مات منهم مَن مات طفلا، وعاش مَن عاش، ثم إن هؤلاء الذين عاشوا وتحمَّلوا ضيق العيش والتدهور الصحي والاجتماعي الذي عانته الأسرة، لم يكن لهم جميعا حظ من التعليم باستثناء اثنين أو ثلاثة، كانت أمي الراحلة من هؤلاء الذين لم يتلقوا التعليم، ولكنها ورغم ذلك كانت حريصة كل الحرص على أن يتلقى أبناؤها تعليمهم، كانت تجلس بجواري وأنا أمسك الكراسة وتشير إلى الحرف أو الكلمة وتقول لي «اكتب زي دي».
كانت مهمة أمي وأبي في تعليمنا وتربيتنا ليست بالعسيرة، فقد كنا 3 إخوة، ولدان وبنت، وكذلك الحال مع كل مَن أنجب هذا العدد المعقول من الأبناء، فلن يجد صعوبة في تنشئتهم، أما كثرة الإنجاب دون حساب ودون تخطيط ودون قدرة على استيعاب وتربية هذا العدد من الأبناء فهو بداية التدهور الأسري والاجتماعي.
لا يستقيم أبدا أن تكون «رجلا أرزقيا» ومحدود الدخل وتتجه لإنجاب هذا العدد الكبير من الأبناء، فتجد نفسك حائرًا متعبًا، لا تقدر على تربيتهم جميعا ولا إعالتهم ولا علاجهم ولا تعليمهم، فأنت في النهاية بشر لك طاقة وقدرة محدودة، ولست ذكاء اصطناعيا قادرا على فعل أكثر من شيء في الوقت ذاته.
«العيال عزوة».. مصطلح ذو بريق خادع، قد يكون صحيحا، فالأبناء سند وقوة عاملة فعَّالة، مثلما يحدث في الصين والهند اللتين استطاعتا تحويل النقمة إلى نعمة والاستفادة من الزيادة السكانية وتحويلها إلى طاقة بشرية هائلة.. وقد تكون هذه الزيادة وبالا على المجتمع، في حال غياب التخطيط والإمكانيات وعدم الاستفادة من هذه الموارد البشرية وتهميشها، وأيضا في حال غياب وضعف التعليم وفرص العمل فإن هؤلاء السكان يتحولون إلى عبء على الدولة.
لقد آن الأوان لإعمال عقولنا والنظر إلى ما في أيدينا من إمكانيات محدودة لا تستوعب أسرة كبيرة لها من الأبناء أكثر من اثنين، وكما قال الله تعالى «لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها»، فعليك أنت أيضًا ألا تحمِّل نفسك فوق طاقتها واستيعابها حتى تنعم بحياة هادئة ومستقرة.