تأهُّب عسكرى، ضغوط دبلوماسية، تحركات علنية لحاملات طائرات من البحر المتوسط للبحر الأحمر والعكس لإعادة تموضع قواتها، كبار قيادات البنتاجون والخارجية والبيت الأبيض موجودون فى «تل أبيب»، تصريحات فى طهران عن ضربة قاسية ورد مناسب، تقابلها تصريحات سريعة من «بنيامين نتنياهو»، رئيس الوزراء الإسرائيلى، بأن الضربة ستقابلها ضربتان والجيش الإسرائيلى مستعد للدفاع والهجوم، بريطانيا فى حالة فوضى داخلية ورغم ذلك تعلن حالة التأهب القصوى للتدخل، عدد من الدول العربية والأوروبية - ومنها (الكويت وفرنسا) - تُعلن عن وقف رحلات الطيران من وإلى «لبنان» وسفارات كثيرة تُحذر رعاياها من السفر إلى لبنان، «مطار بيروت» مكتظ بالمسافرين بعد تزايد حدة الصراع وبعد تزايد التهديدات بين حزب الله وإسرائيل، حزب الله يُخلى مواقع له فى جنوب لبنان، وزير الخارجية الأردنى فى زيارة خاطفة لـ«طهران»، إسرائيل تُعلن عن عدم السماح للمستوطنين بالوجود فى شمال إسرائيل حتى (40) كم، عملية قتل لمواطنين اثنين، إسرائيل والشرطة الإسرائيلية تقتل الجانى وتكثيف أمنى فى شوارع «تل أبيب» و(بن غفير - وزير الأمن الإسرائيلى) يدعو لتوزيع سلاح على المستوطنين لحماية أنفسهم، الجيش الإسرائيلى يُعلن عن قيامه بالحرب على عدة جبهات فى نفس الوقت وتحديداً فى لبنان وغزة واليمن، وفد التفاوض الإسرائيلى فى القاهرة ويغادر سريعاً، وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن يدعو دول مجموعة السبع للضغط على طهران لخفض التصعيد لمنع «الحرب الشاملة»، حركة حماس لم تستقر حتى الآن حول اسم الشخصية التى ستخلف إسماعيل هنية لرئاسة المكتب السياسى والمناقشات مستمرة والمداولات حتى الآن تؤكد وجود خلافات بين مجموعة الخارج ومجموعة الداخل، أمريكا تعلن عن إرسال مقاتلات شبحية لمنطقة الشرق الأوسط لحماية إسرائيل وتقول: فقط نحاول منع التصعيد وهدفنا الردع.
ما كل هذا؟ فالأوضاع فى الشرق الأوسط لا تحتمل مزيداً من الصدامات والنزاعات، أى محاولة لإشعال الشرق الأوسط سيتضرر منها الجميع، فالحديث عن «السلام» انتهى، والحديث عن «التنمية» فات، والحديث عن «الاستقرار» راح زمانه، والحديث عن «فض الاشتباك والتفاوض والمباحثات» أصبح من الماضى، والكل متأهب ومستعد للمواجهات التى ستُلقى بظلالها على جميع الأطراف وستطول الجميع.. لم يعُد هناك ضابط أو رابط للميليشيات المسلحة الموجودة فى (العراق وسوريا ولبنان واليمن) وخطرها أصبح يهدد الجميع، وليعلم الجميع أن استخدام هذه الميليشيات خلال المواجهات فى الشرق الأوسط أقرب إلى إيجار بندقية واستخدامها لإحداث فوضى، وهذا يعنى أن (هذه الميليشيات المسلحة مثل «بندقية للإيجار»).
من يسألنى عن سبب الكوارث فى الشرق الأوسط؟ سأقول له: السبب الأول هو احتلال إسرائيل للأراضى الفلسطينية وأطماعها التوسعية بمعاونة القوى العظمى، والسبب الثانى هو الميليشيات المسلحة وهى بمثابة «بندقية للإيجار» تهدف للسيطرة على مُقدَّرات عدد من الدول، وللأسف نجحت حتى الآن فى مهامها ونشرت الفوضى والعنف فى كثير من الدول وتعمل لحساب من يمولها ويسلحها ويدرب عناصرها ويوجههم لخدمة أهدافه ومصالحه حتى لو كانت هذه الأهداف والمصالح إشعال النار فى كل شىء فى الشرق الأوسط.