كان الكل يستعد لانتهاء المؤتمر الصحفى لوزيرى الخارجية المصرى الدكتور بدر عبدالعاطى والدنماركى لارس لوكا راسموسن، ولكن أشار وزير الخارجية الدنماركى بوجود سؤال لأحد مندوبى وسائل الإعلام، اتضح أنه مندوب التليفزيون الدنماركى، الذى وجَّه سؤاله لوزير الخارجية المصرى وقال: هل ستضمن «مصر» عدم تهريب السلاح إلى داخل غزة فى حال التوصل لوقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيل من محور فيلادلفيا؟..
فى هذه اللحظة هب وزير الخارجية الدكتور بدر عبدالعاطى وقال نصاً: (أشعر بالدهشة من تلك الأقاويل، فكلها محض افتراءات وأكاذيب هدفها صرف الانتباه عن مسألة التوصل لصفقة تضمن وقف إطلاق النار، يتم ترديد تلك الأكاذيب حتى يُصدقها البعض لتشتيت الانتباه، والجميع يعلم أن «مصر» استثمرت بمبالغ مالية ضخمة على مدار العشر سنوات الماضية لإقامة سياج أمنى على حدودنا لضمان التدمير لكل الأنفاق التى كانت موجودة من الجانب الآخر، وقد دمرنا عدة آلاف من الأنفاق تماماً، وقمنا بنقل منازل وبعض القرى إلى مناطق أخرى، لأن تلك المنازل كانت تستخدم كفتحات للأنفاق، هذا ما تم اتخاذه، الدولة المصرية استثمرت الكثير من الموارد المادية لتدمير هذه الأنفاق وبناء شبكات أمنية قوية على طول الحدود لتأمينها، لكن كلما نقترب من الوصول إلى اتفاق، تظهر أكاذيب جديدة وافتراءات جديدة لا علاقة لها بالواقع، وهم يعلمون ذلك).
رد وزير الخارجية الدكتور بدر عبدالعاطى كان درساً قاسياً وحاسماً لكل مَن يُردد أكاذيب ضد «مصر» فى هذا الشأن.. لكنه لم يتوقف عند هذه النقطة بل استكمل حديثه مُوجهاً سؤالاً لمندوب التليفزيون الدنماركى وقال له نصاً: (دعنى أسألك عن الأسلحة الموجودة فى الضفة الغربية؟ هل وصلت أيضاً من «مصر»؟، كل ما يُقال فى هذا الشأن غير منطقى، وهم يعرفون مصادر الأسلحة من الطرف الآخر، ولدينا معلومات كاملة عن مصادر التهريب، ولكننا لا نريد الحديث عنها.. إننى أُكرر أن الموقف المصرى واضح، نحن اُبتلينا بالإرهاب على مدار السنوات الماضية ولا أحد يستطيع المزايدة على مصر فى موقفها من مكافحة الإرهاب ومنع التهريب، والكل يعلم ذلك، وكل الأكاذيب لا علاقة لها بالواقع، وعلى الإعلاميين ألا يرددوا هذه الأكاذيب بل ينقلوا الواقع والحقيقة).
دقائق معدودة وكانت كلمات وزير الخارجية الدكتور بدر عبدالعاطى فى المؤتمر الصحفى قد تناقلتها جميع وسائل الإعلام العالمية، بداية من قناة «إكسترا نيوز والقاهرة الإخبارية وسكاى نيوز والعربية الحدث والجزيرة وروسيا اليوم والعالم وتى آر تى والميادين وبى بى سى»، حتى قناة الحرة الأمريكية، مروراً بقناة (١٢) الإسرائيلية.. تداولت وسائل الإعلام تصريحات وزير الخارجية بسرعة شديدة، والتى أكدت على الموقف المصرى الصلب وثبات وجهات نظره تجاه ضرورة العمل على وقف إطلاق النار وتنصل «نتنياهو» الدائم من أى اتفاق وهروبه المتواصل واختلاق أكاذيب.
ساعات قليلة وكانت كل الوسائل تناقش وتُحلل الموقف المصرى وتأثير ذلك على المفاوضات الرامية لإتمام اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وإدخال المساعدات لإنقاذ غزة، ومواجهة المعاناة المؤلمة التى يعانيها الأطفال والسيدات من عدم وجود غذاء ودواء وتفشى الأمراض المعدية قبل أن تحدث كارثة مُزدوجة هى المجاعة والعدوى.
الرد الحاسم من وزير الخارجية أثلج صدورنا ورفع رأسنا وأسعدنا، وجعلنا نتأكد من أن الخارجية المصرية يُديرها رجل شديد الذكاء ومُحَنك ولديه دراية كاملة بكل الملفات وعلى وعى كامل بما يدور حولنا وقادر على مُجابهة أى استفزازات من شأنها أن تنال من الموقف المصرى.