تابعت مثلما الملايين حول العالم المناظرة التى أقيمت بين المرشحين الرئاسيين فى الانتخابات الأمريكية «كامالا هاريس» نائبة الرئيس الحالية، و«دونالد ترامب» الرئيس الأمريكى السابق، الاستعدادات المُصاحبة للمناظرة، التى جعلتها مُناظرة القرن، فوسائل الإعلام العالمية اهتمت بها، والجميع حبس أنفاسه. المرشحان تدرّبا على فنون المناظرات. حملة «هاريس» عقدت العزم على استفزاز «ترامب» وتذكيره بتاريخه المؤلم -على حد قولهم- من قضايا مُتعدّدة اتهم فيها عقب اقتحام الكونجرس فى 6 يناير 2021، إضافة إلى اتهامات جنسية. حملة «ترامب» ركّزت على ضعف «هاريس» وأحوال الاقتصاد التى تسبّب فيها حُكم «بايدن» وتورّطه فى زيادة الضرائب ودفع أموال طائلة لأوكرانيا.
وخلال المناظرة، «هاريس» فعلت المتفق عليه، وظلت تهاجم «ترامب» شخصياً وتتحدث باسم الأمريكان، وتقول له: الأمريكان يرفضونك ولا يريدونك.. لكنه وصفها بأنها: نُسخة من «بايدن»، وستتسبب فى حرب عالمية ثالثة.. «هاريس» لم تعرض برنامجها وأفكارها بالشكل الجيد لكنها قالت مراراً وتكراراً سأفعل، وحينما نحارب ننتصر. «ترامب» هاجم القضاء ووزارة العدل. «هاريس» سخرت واستهزأت بـ«ترامب» وضحكت كثيراً أثناء المناظرة، وكانت توجّه نظرها إليه طوال المناظرة. «ترامب» لم ينظر إليها وكان يوجّه حديثه إلى الشعب الأمريكى ودافعى الضرائب الأمريكان، واتهمها بأنها: يسارية ووالدها يسارى. «هاريس» استخدمت قضية الإجهاض لكسب أرض جديدة فى المناظرة، لكن «ترامب» تحدّاها بأن تخرج للناس وتقول إنها توافق على الإجهاض فى الشهر الخامس أو السادس أو السابع أو الثامن أو قبل الشهر التاسع بيوم؟ لكنها لم ترد.
«ترامب» حاول كسب المناظرة بـالضربة القاضية حينما طالب «هاريس» بأن تذهب إلى «بايدن» لكى يُصدر قراراً بإغلاق الحدود، لأن هذا القرار فى يده، لكنها لم ترُد. «ترامب» ظل يُردّد بأن قضية فتح الحدود هدفها الحصول على دعم 21 مليون لاجئ فى الانتخابات، وهو السبب فى انتشار المخدرات، وفضح «هاريس» فى هذه النقطة تحديداً، لأنها المسئولة عن ملف الحدود فى عهد «بايدن».
«هاريس» استخدمت أسماء شخصيات كبرى فى الحزب الجمهورى للنيل من شعبية «ترامب»، وأرادت توجيه لكمة له، وقالت: أسماء كبرى فى الحزب الجمهورى لم تؤيدك، مثل «ديك تشينى»، لكن «ترامب» رد قائلاً: أنا الذى طردته من الحزب، لأنه فشل من قبل، وأنتم فى الحزب الديمقراطى لا تطردون الفاشلين بل تدافعون عنهم.. «هاريس» نجحت فى الحصول على شعبية حينما قالت: سنُدافع عن إسرائيل، ونعمل على وقف إطلاق النار فى غزة، ونريد حل الدولتين، لكن «ترامب» ابتعد عن هذه النقطة تحديداً وهرب منها، واتّهم «هاريس» بالفشل، وقال لها: كيف تقولين إنكِ تُدافعين عن إسرائيل ورفضتِ حضور خطاب نتنياهو فى الكونجرس؟
ملفات السياسة الخارجية فضحت المرشحين -هاريس وترامب- وكشفت أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل لخدمة مصالحها ولا تعترف بالمبادئ. ترامب قال: أنا الذى وقفت ضد إيران ومنعتها من الحصول على أموال، وإيران الآن لديها أموال على أيديكم، وأنتم أعطيتم إيران 300 مليار دولار. «هاريس» أحرجت «ترامب» مرتين وقالت له: كيف تهاجم القضاء والجيش؟ أنت هدّدت بحمامات الدم إذا لم تفُز بالانتخابات، رد «ترامب» كان غريباً حينما قال: لقد تم تزوير الانتخابات الماضية.
من الواضح أننا أمام انتخابات رئاسية دراماتيكية لم تُحسم بعد، وستحسمها ملفات كثيرة، منها: ملف الحرب على غزة وإيران والحرب بين روسيا وأوكرانيا والاقتصاد والإجهاض والحدود والضرائب والتضخّم والبطالة.