النائب علاء عابد يكتب: الانتخابات الأمريكية بين «غزة وأوكرانيا»
النائب علاء عابد
لا يعول العرب والمسلمون كثيراً على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية التى تجرى فى نوفمبر المقبل بين مرشح الحزب الجمهورى والرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب وبين مرشحة الحزب الديمقراطى كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكى الحالى جو بايدن، فى وقف الحرب على غزة والإبادة الجماعية للفلسطينيين.. فالأمر بات سيان.
نعم كانت غزة حاضرة فى المناظرة الأولى بين مرشحى الرئاسة الأمريكية فى أول مواجهة بين هاريس وترامب، وإن كانت لدقائق معدودة، لكن كان الرهان فى المناظرة محسوماً لصالح إسرائيل، فالطريق إلى بوابة البيت الأبيض يبدأ من تل أبيب.
كلا المرشحين أعلن دعمه وحمايته لإسرائيل وأمن إسرائيل، بل زايد ترامب على هاريس بأنها تكره إسرائيل، وردّت هاريس بتأكيدها دعم إسرائيل.
تبدّدت منذ زمن بعيد فكرة أن الولايات المتحدة وسيط نزيه فى الشرق الأوسط، فبعد المساعدات العسكرية التى تجاوزت 14 مليار دولار من الولايات المتحدة لإسرائيل لم يعد هناك ثقة فى نزاهة الوسيط الأمريكى، سواء كان الرئيس المقبل هو ترامب أو هاريس. النخبة الأمريكية، بل وفى العالم، تعلم أن اللوبى الإسرائيلى وجماعات الضغط اليهودية تسيطر العملية الانتخابية الأمريكية المعقدة فى الوقت الذى لا يمثل العرب والمسلمون قوة انتخابية ولا يملكون كتلة تصويتية موحدة ولا يمثلهم أى جماعات ضغط قوية على عكس ما تملكه إسرائيل من أدوات تمويل وجماعات ضغط هى الأقوى فى أمريكا وآلة إعلامية مرعبة وضخمة، وهو ما يجعل بوابة البيت الأبيض بالفعل فى تل أبيب.
ولكن.. البعض يرى فى هاريس أقل الضررين على عكس ترامب، حيث أعلنت هاريس صراحة خلال المناظرة التى جرت بينها وبين ترامب مؤخراً أنها ملتزمة بحق الدولة للفلسطينيين ووقف الحرب.
ولكن مرة أخرى.. لا يثق الفلسطينيون كثيراً فى ترامب، وخاب ظنهم فى إدارة بايدن، وبينها هاريس، عندما عجزت عن إيقاف الحرب على غزة، لكن ميلهم إلى هاريس أكبر لأنهم يرون فيها أخف الضررين، وربما تكون أقدر على الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أكثر من العجوز بايدن.
ويعلم الجميع أن نتنياهو هو العائق الأكبر أمام كل مبادرات ومحاولات وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب على غزة ومحاولات التوصل لأى اتفاق حتى تنتهى الانتخابات الأمريكية، على أمل أن يكون ترامب أكثر تضامناً مع إسرائيل من هاريس وأن يحصل على شروط أفضل.
وتتجدد أكاذيب نتنياهو التى تطل برأسها كل فترة لوقف المفاوضات، ويضع العراقيل ويُلقى بأكاذيب لإطالة أمد الحرب حتى يحتفظ بمنصبه وحتى لا يحاكم كمجرم حرب أمام محكمة العدل، فهو يقتات على الأكاذيب ليحيا سياسياً.
ورغم إشارات هاريس إلى أنها قد تكون أشد ضغطاً على نتنياهو من جو بايدن، فإن هذا الأمر أيضاً لا يمكن الاعتماد عليه، حيث لا يملك الحزب الديمقراطى أى أوراق ضغط على إسرائيل، وإن ما فشل فيه جو بايدن فى ذروة الإبادة الإسرائيلية لغزة لن تنجح به هاريس فى نوفمبر المقبل، خاصة أن ترامب تلقَّف خلال المناظرة الأخيرة حديث هاريس عن وقف الحرب على غزة وحق الفلسطينيين بقوله إن نائبة الرئيس «تكره إسرائيل»، بل هدد بأن إسرائيل ستزول خلال عامين إذا فازت هاريس، وهنا أكدت هاريس على دعمها لإسرائيل. على العكس تماماً جاء موقف هاريس من الحرب الروسية على أوكرانيا، ففى حين أكدت هاريس على سعيها لوقف الحرب على غزة، إلا أنها أكدت أنها مع استمرار الحرب ودعم أوكرانيا، بينما ترامب يريد وقف الحرب على أوكرانيا ويعد بأنها ستنتهى بمجرد توليه الرئاسة لعلاقته القوية مع زيلينسكى وبوتين، واعتبر أن انتخاب هاريس يؤدى إلى حرب عالمية ثالثة، فجاءت تحذيرات ترامب خلال المناظرة زوال إسرائيل وحرب عالمية ثالثة إذا فازت هاريس.