قدم أحمد الغندور الشهير بـ«الدحيح» حلقة رائعة عن «أم كلثوم»، اقشعر بدنى فى لحظات، وبكيت فى لحظات، وانتشيت فخراً فى لحظات بتلك الفنانة الأسطورة، التى من فرط وطنيتها وهى تقترب من السبعين تجمع للمجهود الحربى بعد ٦٧ ثلاثة ملايين جنيه مصرى، ونصف مليون عملة صعبة، تجوب المحافظات من دمنهور للإسكندرية للمنصورة، وتتبرع بالدخل لمصر التى تمرض ولا تموت.
تذهب لتونس والمغرب والسودان.. تذهب لمسرح الأولمبيا فى باريس، فى حفلتين حققتا أكبر دخل فى تاريخ هذا المسرح، تتحدى اللوبى الصهيونى هناك، وتتحمل اتهامات اليساريين العرب الذين اتهموها بفقدان الحس الوطنى، تتبرع بدخل الحفلتين أيضاً للمجهود الحربى.
حكايات وقصص عن تلك الفنانة العظيمة أيقونة الطرب، السيدة المصرية، نموذج الوطنية والكبرياء والعناد والعظمة على عظمة يا ست، إنها الست التى كان يجب أن نضع صورها على الميكروباصات بدلاً من الشيخ الذى فى عز الحرب سجد لله شكراً على هزيمتنا!!!
وأنقل لكم جزءاً من تلك الحلقة المهمة باللغة العامية اللذيذة البسيطة التى يتكلم بها «الدحيح»:
قبل حفلة «أم كلثوم» فى باريس، مدير مسرح الأولمبيا راح لـ«أم كلثوم» وسألها: «الحفلة متوقعة تخلص إمتى؟»، فقالت له إنها هتغنى 3 أغانى وبعدها تشوف مزاج الناس، كوكتريكس «مدير المسرح» متعود على الأغنية الصغيرة دقيقتين تلاتة وافتكر الست اللى دافع لها 14 ألف إسترلينى «وقتها مبلغ رهيب»، وقلق هنا، ونستقبلها فى مطار صغير، وننقلها، ونجيب صحفيين من التليفزيون الفرنسى عشان الناس تصدق إن أم كلثوم فى باريس جاية عشان تغنى 3 أغانى بس؟!!، ماكانش يعرف إن 10 دقايق فى أغنية لأم كلثوم لا تعنى أى شىء، فلما عدت ساعة كاملة من أغنية «انت عمرى» الراجل بدأ يفهم قصد الست.. بعد ساعة.. الجمهور كله، عربى وفرنساوى، كان تحت سحر أم كلثوم فيما وصفته صحيفة فرنسية بالـ«معجزة»، حتى اليهود الشرقيين اللى الجماعات بتاعتهم حذرتهم من حضور الحفلة، إلا إن بعضهم لما حضروا الحفلة افتتنوا بأم كلثوم وبصوتها.. ولما اتسأل واحد منهم: إزاى بتعظّم منها كده وهى ضد شعبك؟ رد وقال: «مش مهم.. دى أحسن مطربة فى الدنيا»، بعد الأغنية الأولى لقت الست الناس مبسوطة، فتحررت من كل القلق والانفعال وهتوصل لذروة السلطنة فى جملة «أعطنى حريتى.. أطلق يدىّ»، الصحافة الفرنسية قالت فى اللحظة دى إن أم كلثوم كانت بتصرخ فى وش الغرب وبتطالب بالحرية لبلادها، تكرار المقطع ده أثار إعجاب ممثل فرنسى شهير «جيرارد ديبارديو»، واتكلم عنها فى 2015، يعنى بعدها بأكتر من 50 سنة، وقال إنه اتفاجئ بنفسه «بيعيط» (رغم إنه مش فاهم الكلام!)، وده كان نفس الوقت اللى وصل فيه إعجاب العرب لذروته لدرجة تخطى البعض منهم الحواجز الأمنية عشان يبوسوا إيد أم كلثوم.. وبعد الـ3 أغانى بيتم إسدال الستار بعد 5 ساعات من أم كلثوم.
5 ساعات يا عزيزى، وقتها كوكتريكس «المدير» اتفاجئ بأعظم وأنجح حفلة عملها الأولمبيا فى تاريخه.. الناس كانوا فى حالة من النشوة والطرب، كانوا متمسمرين فى كراسيهم، وكأن أم كلثوم دى ساحرة جاية من الشرق عشان تنيم آلاف المستمعين مغناطيسياً بقدراتها، وقادرة تلهم الناس اللى بيتكلموا لغتها واللى ما بيتكلموهاش، لدرجة إن مجلة فرنسية شهيرة كتبت عن أم كلثوم مقالاً عنوانه: «بعد منتصف الليل كانت أم كلثوم لا تزال تغنى»، واتكلموا فيها عن عمال البناء اللى ضحوا بأجورهم القليلة عشان يحضروا حفلة أم كلثوم، وقعدوا فيها جنب السفراء والملوك.. وكأن الكل سواسية فى الخضوع لسحر أم كلثوم، وكأن العالم العربى لو قدره إنه يتوحد من الوزير للغفير فمحدش يقدر يعمل الوحدة دى غير.. أم كلثوم.