«عبدالرحيم علي» و«الطاهري».. ثنائي «معركة الوعي»

بلال الدوي

بلال الدوي

كاتب صحفي

تابعت بمزيد من الاهتمام والانتباه والتركيز برنامج «كلام فى السياسة» الذى يُقدّمه الكاتب الصحفى أحمد الطاهرى على قناة «Extra News» -وهى القناة الواسعة الانتشار وصاحبة نسبة المشاهدة الأكبر فى مصر- أمس الأول، كان الضيف الرئيسى فى البرنامج الباحث المتميز الكاتب الصحفى عبدالرحيم على رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس. كانت حلقة نارية ثرية بالمعلومات والحقائق، ولم تخلُ الحلقة من التحليل الرشيد الجاد الموضوعى الواقعى لمجمل الأحداث فى الشرق الأوسط، حوار راقٍ أقرب إلى سجال يعرض فيه المحاور -الطاهرى- أسئلته بهدوء وإتقان ودقة ليرُد الضيف -عبدالرحيم على- بكل فهم ووعى وجسارة.

فى البداية، سعدت جداً بعودة «عبدالرحيم على» مرة أخرى للظهور الإعلامى، وسعدت أكثر لأنه سيواجه الكاتب الصحفى أحمد الطاهرى، لأنهما -من وجهة نظرى- يمثلان «ثنائى الوعي»، ويقودان «معركة الوعي»، والمطلوبان للظهور هذه الأوقات، ليمارسا دورهما فى ترسيخ الوعى لدى الرأى العام.. توقيت الحلقة مهم للغاية وضرورى جداً، حيث مر عام على أحداث (7 أكتوبر 2023)، التى غيّرت شكل الصراع فى الشرق الأوسط ومثلت متغيراً جسيماً فى خريطة الصراعات والتحالفات فى المنطقة، حوار أسهم بقدر كبير فى إنعاش الذاكرة الوطنية حول أحداث مهمة عاشها المصريون طوال السنوات الـ13 الماضية، ورغم أن هذه الأحداث ما زالت عالقة فى أذهان المصريين، فإنه كان لا بد من التذكير بها وتفنيدها وربطها بما يحدث الآن محلياً وعربياً وإقليمياً وعالمياً، حوار شدّد على ضرورة التماسك الوطنى، وأنه لا مفر من وحدة الجبهة الداخلية، التى تعد بمثابة صخرة تتحطم عليها جميع أطماع المغرضين والمتربصين والأعداء.

الحوار بين («عبدالرحيم على» و«الطاهرى») شمل عدة نقاط مهمة، منها: تأثير أحداث (7 أكتوبر 2024) على القضية الفلسطينية، وهل سينجح «بنيامين نتنياهو» رئيس الوزراء الإسرائيلى فى تنفيذ المُخطط الإسرائيلى وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم وتصفية القضية الفلسطينية؟.. بحرفية شديدة نجح «الطاهرى» فى استدراج «عبدالرحيم على» للحديث عن نقطة مهمة كنا ننتظر الخوض فيها وهى: دور الفاعلين من غير الدول (Non-State Actors) فى إضعاف الدول ونشر الفوضى، ليقول «عبدالرحيم على»: إزاى يتم السماح لميليشيات مدرّبة وممولة من الخارج، وقرارها نابع من الخارج، وفى يد الخارج لتحمل السلاح لتصبح أقوى من الجيوش الوطنية؟.. وأضاف «عبدالرحيم على» (إن البندقية من دون عقل سياسى لا يمكنها تحرير الأرض، وقراءة ما يدور فى رأس نتنياهو يجعلنا نفهم طبيعة الصراع الحالى، وأقسم بجلالة الله مستعد أموت فداءً للقضية الفلسطينية، وأبويا حارب من أجل فلسطين من قبل، ومصر حاربت فى 1948، و1956، و1967، وحرب الاستنزاف و1973 من أجل فلسطين، ومصر تنادى بوحدة وطنية فلسطينية وترعى الفصائل الفلسطينية منذ زمن بعيد، وتحاول إحداث توافق فلسطينى وإصلاح منظمة التحرير، ولم تتخلّ عن القضية الفلسطينية، وعقدت مئات اللقاءات لقادة الفصائل هنا فى القاهرة).

.. وخلال الحوار - الممتع - كشف «عبدالرحيم على» عن استراتيجية نتنياهو التى يتبعها، وقال: «نتنياهو» أصدر كتاباً (عام 1993) بعنوان (مكان تحت الشمس)، الذى يعلن فيه عن مستقبل الصراع العربى الإسرائيلى، ويعتمد على القوة لفرض كل شروطه، ولن يُحارب الحرب التقليدية، التى تتمثّل فى جندى يواجه جندياً، لأنه يعتمد فى الحرب على الطيران.

.. أتمنى استمرار مثل هذه الحوارات الكاشفة.. إن معركتنا جميعاً -الآن- تتمثل فى (الوعى) ولا شىء غيره، حتى نُدرك أن الحفاظ على الوطن هو الهدف الأسمى الذى نسعى إليه.