أحمد عبدالحفيظ مشردا بالشارع والأهالي: "عايزينه يتدفن زي ولاد الناس"
ملابس رثة، رائحة انتشرت حوله تقشعر لها الأبدان، وجه أحرقته الشمس، عيون ذهب نظرها بسبب إصابتها "بانفصال بالشبكية" فلم يعد يرى، وأصبح اعتماده على الحركة بالأذن، "أحمد عبدالحفيظ سليمان الفولي" الذي اشتهر في منطقة الغورية بـ"تاكسي"، تجده مفترشًا للأرض بجوار أحد الأبواب المغلقة لمسجد الفكهاني، ناظرًا للسماء، غير مهتم لما يدور حوله.
رجل سبعيني تمركز في المنطقة منذ سنوات، لا يتحدث لأحد عن ماضيه، ولا ينطق إلا بكلمات قليلة، استغلها البعض في معرفة اسمه كاملًا الذي قاله مرة واحدة وحفظه الجميع، جدول زمني كان يمارسه يوميًا، الاستيقاظ باكرًا، ثم التجول على أقدامه في شوارع القاهرة حتى اشتهر بين مناطق السيدة زينب والجمالية وباب الشعرية، فأطلقوا عليه لقب "تاكسي" لأنه لا يتعب ولا يشعر بألم قدميه عند السير كثيرًا، "الناس بقت عرفاه، يوم ما يقول تعبت نلاقي اللي بيرجعه المنطقة بتاعته تاني"، كلمات جاءت على لسان "محمد محمود" أحد أهالي المنطقة، والذي تعلق بـ(تاكسي) منذ 20 عامًا حتى أصبح يناديه "آبا"، "أنا ربنا سخرني لمساعدته، أشتري له هدوم، وأجيب له أكل، وأخلي بالي منه على قد ما أقدر"، سنوات جمعتهم كأب وابنه، ينصحه في الشدائد، ويساعده عند الحاجة "بقيت حاسس إنه ابني، ومسؤول مني لو حصلت له مشكلة".
5 لغات مختلفة، يتحدث بها السبعيني عفويًا، فتعرَّف عليه قليل من الناس، منهم من قال إنه عمل لسنوات مدرسًا للغة الإنجليزية، وآخرين قالوا إنه خبير في أحد مصانع الفحم، فلم يهتم "محمد" بما قيل، وأخذ يتحدث مع "تاكسي" متمنيًا معرفة عنوانه الحقيقي، أو أحد من أهله، حتى يقوم بإرجاعه لهم ولكنه لم يرد عليه بإجابة وافية، "أنا مش عايز غير إننا نوصل لأهله أو سكنه أو عنوان عشان يتدفن زي ولاد الناس، منتفاجئش إنه مات ومرمي في الشارع".