إذا نظرت بهدوء وقرأت الأحداث التي تجري في قطاع غزة أو لبنان بروية لرأيت مواقف مصر في معالجة هذه الأزمة هي من عدة منطلقات وهي: الحفاظ على الأمن القومي المصري، والأمن القومي العربي، والحفاظ على القضية الفلسطينية وعدم تصفيتها.
ومن أجل المنطلقات الثلاث تحملت مصر الكثير من دماء وأموال شعبها وجنودها، وحوربت في أمنها المائي، وفي نقلها البحري، وفي تطورها التكنولوجي، وفي متطلبات شعبها الزراعية والصناعية.
ووصل الأمر أن تستهدف في أمنها واستقرارها عبر دعم الجماعات الإرهابية العابرة للحدود لكي يستهدفوا الاقتصاد والسياحة ويهددوا أرواح شعبها.
وكان من الواضح عقب هذه الأزمة التي أعقبت عملية الطوفان في قطاع غزة أن مصر اتخذت موقفا نابعا من ضميرها العربي والإسلامي، حين أعلن رئيسها عبد الفتاح السيسي أنها ضد التهجير وتصفية القضية، ورغم ذلك فإن مصر تواجه حملة تشويه ممنهجة ليل نهار تستهدف تشويه موقفها الوطني والعربي والإسلامي.
ومن الملاحظ أن هذه الحملات الدائمة تزداد حين تعلن مصر عن رفضها تصفية القضية، أو تستنكر ما يجري في لبنان وفلسطين، أو ترفض العروض المتوالية التي يقدمها قادة الغرب، أو حين تعبر عن موقفها الواضح في الوساطة التي تقوم بها.
وقد لوحظ خلال الأيام القليلة الفائتة التي سبقت الانتخابات الأمريكية وأعقبت رفض مصر لدعاوي التهجير إلى سيناء أن الحملة الإعلامية من إعلام جماعة الإخوان قد ازدادت عليها لأسباب كثيرة أهمها: الأزمة الاقتصادية العالمية، وتصور الإخوان ومن يقفون وراءهم من الأجهزة المعادية أنهم يمكن أن يقوموا بتثوير الشعب بسبب هذه الأزمة، وأن وصولهم للحكم مرة، يمكن أن يتكرر لو حدثت معجزة أخرى.
كما أن الجماعة قامت بتطوير أدواتها الإعلامية ومنظومتها بالكامل على مدار العامين الماضيين، وتلقت دعما وتمويلا كبيرا جدا، وكان عليها أن تقدم للراعي لها كل ما يلزم من هجوم على مصر حتى يستمر التمويل.
أطلقت الجماعة ما يسمى لجنة التربية والتدريب على مهارات القيادة (لجنة الموارد البشرية)، وأعادت تقييم وبناء الإعلام القديم بعنوان “خطتنا بناء وتدافع” فأصبحت أدواتها للهجوم على مصر كالتالي:
أ. شركات إعلامية خاصة، مثل شركة نون فيلم، وقناة الحوار في لندن، وموقع عربي 21، وموقع «ميدل إيست إى»، وموقع ساسة بوست، ونون بوست، وشركة ايه تو زد، وشركة «ريفليكشنز»، وهي شركة إنتاج فني تشبه نون فيلم، وكلاهما ينتج أفلام لقناة الجزيرة القطرية.
ب. قنوات فضائية، وهي ممولة من نفس الممولين السابقين، عزام التميمي، وأحمد زين، وفريق أغلبه مقيم في أوروبا، وهي مقسمة إلى قنوات خاصة بالجماعة مباشرة مثل (وطن) وأخرى تعبر عن الاتجاه العام للجماعة مثل (مكملين) وأخرى تعبر عن الاتجاه السياسي لحلفاء الجماعة مثل (الشرق) و(الشعوب)، وقنوات تعبر عن اتجاه التنظيم الدولي السياسي مثل (الحوار)، وقنوات تعبر عن كل إقليم للجماعة مثل (بلقيس اليمنية) و(السراج).. الخ.
ت. الجروبات والمجموعات المغلقة على الواتس والتلجرام ومواقع التواصل الأخرى، على سبيل المثال (مجموعة وصل صوتك)، ومجموعة (الجوكر) التي يديرها الإرهابي تامر جمال، وكل هذه المجموعات تعمل وفق خطة محكمة، وهي: تثوير الناس، واستقطاب المتفاعلين بالتعليقات وتجنيدهم في مجموعات يطلقون عليها (البراغيت)، ثم نقلهم بعد فترة من اختبارهم، وفتح الكاميرات للتحدث معهم أكثر من مرة إلى مجموعة (السباع) وهي مشكلة من 7 أفراد، كل مجموعة على حدا، وهؤلاء الذين سيتم استخدامهم فيما بعد في أعمال مباشرة.
ث. صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، التي في الأغلب تحمل أسماء غريبة مثل (ابن مصر) على سبيل المثال، ولا يتم فيها الهجوم مباشرة، بل كل فترة يوضع السم في العسل كما يقولون، إضافة إلى الجيش الإلكتروني والغرف التي يطلقون عليه (غرف التصدي) وهي غرف تدافع عن الجماعة وتطلق الشائعات.
ج. المواقع الإلكترونية المعارضة التوجه، التي تتلقى تمويلات خارجية، والصحفيون الذين يتلقون تمويلات، ويقدمون تحليلات وتقديرات موقف وأخبار... الخ لتضليل الناس وقادة الرأي.
وإذا وضعنا تصنيفا لهذا الإعلام فلن نجد أفضل من وصفه بالمعادي، فهو دائم العداء للقضايا الوطنية، وهو دائما ما يقف في صف أعداء مصر وحلفائها مثل المملكة العربية السعودية والأردن والإمارات.
ومن الواضح أن إعلام الإخوان هو العدو الحقيقي الذي يجب أن نحذره، فقد استمر مشغليه في دعمه وتمويله رغم أن المنطقة بالكامل تمر بأزمات فارقة.
ولا يزال هذا الإعلام يتواجد في عواصم غربية ويلقى حماية كبيرة من بعض الأجهزة الأمنية نظير جهد عناصر الجماعة الذين يقومون بتمرير معلومات لها، عبر غرف مغلقة تتم في البوسنة والهرسك أو أذربيجان أو لندن... الخ، والدليل وجود أكثر من 30 مركز دراسات، و70 جمعية إخوانية، وكامل طقم قيادات الجماعة بأجنحتها المختلفة، إضافة إلى الجماعات الأخرى، وتنظيمات الدول المختلفة تعمل من لندن وبعض العواصم الأوروبية.
أما عن استراتيجية الخطة الإعلامية الإخوانية فهي ما أطلقوا عليه (استراتيجيات القوة الناعمة) عن طريق الحملات الإعلامية والتوعية الجماهيرية والمراكز الحقوقية، ومخاطبة اللاشعور في العقل الجمعي، وهو ما لم ينجحوا فيه حتى الآن، لذا فهم مستمرون في الكذب وإطلاق الإشاعات والأكاذيب.