على بُعد خطوات قليلة من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يتبادر إلى الأذهان ما هو النهج الذى ستتبعه الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه إيران حال إذا فازت كاميلا هاريس أو دونالد ترامب؟
هناك سيناريوهان يجب النظر فيهما على الرغم من عدم تحديد الرئيس المستقبلى للولايات المتحدة؛ سيناريوهات بشأن فوز هاريس مرشحة الحزب الديمقراطى وفوز ترامب مرشح الطيف الجمهورى فى الانتخابات التى على بُعد ساعات من الآن.
فى حال فازت كاميلا هاريس فمن المتوقع أن تنتهج سياسة خارجية تجاه إيران تقوم على الضغط والدبلوماسية فى مواجهة إيران، ومن ثم فإن أولويات سياسة هاريس الخارجية ستكون الدبلوماسية النووية وجهود العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة.
أى أنه من المرجح أن يكون أحد المحاور الرئيسية لسياسة هاريس هو العودة إلى الاتفاق النووى (JCPOA).
ورغم فشل جو بايدن فى إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، فمن المرجح أن تحاول هاريس استئناف المفاوضات، فقد سبق أن صرحت هاريس خلال حملتها الانتخابية بأنها تخطط للعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة طالما أن إيران تلتزم بها بشكل يمكن التحقق منه.
كما من المتوقع استمرار سياسة العقوبات الأمريكية خلال إدارة هاريس، فقد فرضت معظم العقوبات ضد إيران خلال إدارات الديمقراطيين، وبهذه الطريقة، ستحاول هاريس إجبار إيران على التفاوض بأداة الضغط الاقتصادى، رغم أن العقوبات الاقتصادية سياسة فاشلة أظهرت دائماً عدم كفاءتها، لكن كل الحكومات الأمريكية اعتادت استخدامها.
لذا من غير المتوقع أن تكون العقوبات فى ذات شدة العقوبات كما كانت فى عهد ترامب، ولكن سيستمر نهج الإدارة الحالية من حيث عدم التشدد، ومن المرجح أن تستمر العقوبات على صادرات النفط الإيرانية، خاصة إذا أرادت هاريس مواصلة الدبلوماسية مع إيران ببطء.
كما يمكن أن تتجه هاريس للتعاون مع الحلفاء الأوروبيين ودول المنطقة من أجل عزل إيران إقليمياً، لتحقيق استراتيجية مشتركة ومنسقة تجاه إيران، ويمكن أن يشمل هذا النهج التنسيق فى تطبيق العقوبات وتبادل المعلومات الأمنية والتعاون لمنع الأنشطة العسكرية الإيرانية.
لكن جدير بالذكر أن إيران تراهن على أن علاقتها بدول المنطقة تغيرت للأحسن، خاصة مع انتهاجها سياسة دبلوماسية الجوار وحرصها على الدبلوماسية الإقليمية مع دول المنطقة وقت التوترات مع إسرائيل، ومن ذلك أيضاً حرصها على اتفاق المصالحة مع السعودية.
لذا قد ترى إيران أنه حتى استراتيجية الإدارة الأمريكية القادمة لعزل إيران لن تجدى، لأن إيران تحاول تحسين علاقتها بدول الإقليم التى من مصلحتها عدم التوتر مع إيران، حسبما يفكر صناع القرار الإيرانى، فإيران ترى أن المعادلات الأمنية فى المنطقة تغيرت وتسعى لاستمرار هذا التغيير والاستثمار فيه لإفساد أى تحالفات فى مواجهتها.
وفيما يتعلق بنهج ترامب فى التعامل مع إيران، فإنه فى حال فوزه فى الانتخابات المقبلة، من المتوقع تشديد العقوبات والعودة إلى سياسة الضغط الأقصى.
أى سيستخدم هذا النهج مرة أخرى ويفرض عقوبات على الصادرات النفطية والصناعات البتروكيماوية والشخصيات والمؤسسات المالية والاقتصادية وغيرها، ورغم أن العقوبات أظهرت عدم كفاءتها فى الوقت نفسه، لكن هذه هى أداة ترامب المعتادة.
ومن غير المتوقع أن يسعى ترامب إلى العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، ولكنه قد يحاول التوصل إلى اتفاق ثانوى، وربما يحاول ترامب تصعيد التحالفات الدولية والإقليمية ضد إيران، حيث من المحتمل أن يحاول تشكيل تحالفات ضدها على المستويين الإقليمى والدولى من أجل فرض عقوبات وقيود على طهران، لكن تعتبر طهران أن ذلك مغاير للواقع الإقليمى الذى يختلف عن إدارة ترامب فى الفترة السابقة.
لذا تراهن إيران على أن البيئة الإقليمية اختلفت، وأن تحسن علاقتها بدول المنطقة سيدفع بترامب إلى الدخول فى عالم الصفقات مع طهران، وليس بالضرورة بشأن الاتفاق النووى إنما من الممكن بشأن المساحات الأخرى التى تتداخل فيها المصالح الإيرانية والأمريكية.
لكن بشكل عام ترى إيران أن الوضع سيزداد سوءاً حال فاز ترامب، والذى قد يطلق يد إسرائيل حرة فى التصرف منفردة تجاه إيران والميليشيات فى المنطقة.
وفى حال فازت هاريس بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، فمن المتوقع أن يكون نهجها فى التعامل مع إيران مزيجاً من الدبلوماسية والضغوط الاقتصادية والسياسية على غرار إدارة بايدن الحالية.
* أكاديمية ورئيس وحدة الدراسات الإيرانية بـ«المركز المصرى»