عالم أزهري يوضح المعنى الحقيقي للتصوف: ليس العبادة وحدها
الدكتور أحمد تركي، أحد علماء الأزهر الشريف
قال الدكتور أحمد تركي، أحد علماء الأزهر الشريف، إن التصوف الحق يرتبط ارتباطا وثيقا بالصفاء والجمال، موضحا أن التصوف لا يعني فقط العبادة أو الزهد، بل هو صفاء الروح ونقاء القلب من كل ضغينة أو حقد.
مفهموم التصوف الحقيقي
وأضاف الدكتور أحمد تركي، في تصريحات لـ«الوطن»، أن الصفاء هو الخلو من الكدر، إذ إن صفاء القلب دليل على حسن الأخلاق، وجمال الأقوال دليل على صدق الإحساس، وجمال الأفعال دليل على الوفاء والإخلاص.
وأوضح العالم الأزهري، أنّ صاحب القلب الصافي لا جزاء له إلا الجنة، مستشهدا بما جاء عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه قَال: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: (يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ تَنْطِفُ لِحْيَتُهُ مِنْ وُضُوئِهِ قَدْ تَعَلَّقَ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشِّمَالِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِثْلَ الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضًا فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الْأُولَى، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ: إِنِّي لَاحَيْتُ أَبِي فَأَقْسَمْتُ أَنْ لَا أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَمْضِيَ فَعَلْتَ. قَالَ نَعَمْ قَالَ أَنَسٌ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثَ فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا تَعَارَّ وَتَقَلَّبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَبَّرَ حَتَّى يَقُومَ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ إِلَّا خَيْرًا. فَلَمَّا مَضَتْ الثَّلَاثُ لَيَالٍ وَكِدْتُ أَنْ أَحْتَقِرَ عَمَلَهُ قُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنِّي لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي غَضَبٌ وَلَا هَجْرٌ ثَمَّ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ: ( يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ) فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَّلَاثَ مِرَارٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ لِأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ فَأَقْتَدِيَ بِهِ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرَ عَمَلٍ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ، قَالَ: فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي فَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ؛ غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ.
صفاء القلب والمشاعر من أعظم الغنائم
وأشار تركي إلى أن صفاء القلب والمشاعر من الحسد والكراهية أصبح من أعظم الغنائم التي يمكن أن يحصل عليها الإنسان في هذا الزمن المليء بالفتن والضغوط، مشددا على ضرورة الحفاظ على صفاء القلوب والأرواح، مؤكدًا أن الإنسان السعيد حقا هو من يمتلك قلبا صافيا لا يحمل في داخله سوى الخير للجميع.
كما استشهد بما جاء عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لشاب من الأنصار كيف أصبحت يا حارثة، قال أصبحت مؤمنا بالله حقا قال انظر ما تقول فان لكل قول حقيقة قال يا رسول الله عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري وكأني بعرش ربي بارزا وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها وإلى أهل النار يتهاوون فيها قال أبصرت فالزم، عبد نور الله الإيمان في قلبه.