كنت في زيارة عمل للولايات المتحدة عام 2009 وكان أوباما فاز بالرئاسة حديثا. سألت الطبقات الشعبية العالمة في مجالت قيادة السيارات وخدمة المطاعم ومحال الملابس وغيرهم من الطبقات الفقيرة والمهمشة، لماذا انتخبوا أوباما ؟ كان الجواب تقريبا موحدا: إنه واحد منا ، طلب فقط 20 دولار تبرعا لحملته ولم يطلب الآلاف ، إنه أسود ذو جذور أفريقية فهو لن ينحاز للعرق والعنصر الأبيض . حصد أوباما أصوات السود والمسلمين باعتباره ابن رجل مسلم من كينيا كما حصد أصوات اللاتينيين وهم بالملايين.
هذا ما حدث مع ترامب الذي يوصف بالشعبوي ليس لأن خطابه أو توجهاته يسارية وإنما لأنه يدغدغ مشاعر الطبقات الفقيرة ويوج هذه المشاعر ضد النخب التي يعتقد أنها لا تؤيده . لعب ترامب على وتر «أمة متنوعة» تضم الجميع ولا تفرق بين أبنائها ، وهو أمر جديد على الحزب الجمهوري وربما يكون فاتحة لأن يكون الحزب مرنا وأن يجعل برامجه وتوجهاته تستوعب هذه الطبقات التي ربما اكتوت، تحولا لمنافسة الديمقراطيين في جذب هذه الطبقات والأقليات.
عاد ترامب بقوة بعد أن خسر الانتخابات السابقة أمام بايدن لكن اللافت أنه فاز في المرة السابقة عام 2016 في مواجهة هيلاري كلينتون وفاز هذه المرة في مواجهة كارلا هاريس وفي المرتين أمام سيدتين وهو ما جعلهم يطلقون عليه قاهر النساء، كما أن له الحق في الترشح مرة أخرى قادمة.
يذكر أن تقليد بقاء الرئيس لدورتين فقط هو عرف وتقليد رسخ منذ عهد جورج واشنطن الذي رفض الترشح لمرة ثالثة بعدما انتخب لدورتين عن الحزب الفيدرالي بالتزكية، ولم يحدث أن بقي رئيس لثلاث دورات إلا روزفلت لظروف الحرب العالمية الثانية وتوفي عام 1945 لكنه لم يكن الرئيس الذي أمر بإلقاء القنبلة الذرية على اليابان.
كما استطاع ترامب اجتذاب عدد كبير من الشخصيات المشهورة في مختلف المجالات وكان في مقدمتهم رجل الأعمال الأبرز إيلون ماسك الذي تبرع بمبالغ كبيرة لصالح حملة ترامب كما سانده من خلال منصته الإعلامية المشهورة ( X ) ما أتاح له انتشارا مؤثرا في مجال التواصل الاجتماعي واستفاد في ذلك من مشاركة باريس هيلتون وتيفا شيلد وكيندال جينر وهي سمة من سمات الانتخابات الحديثة ، الاستعانة بكل من هو مؤثر لجذب الأنصار وحصد الأصوات .
ربما يكون خسارة ترامب في المرة السابقة مصلحة للعالم بعدما شاهد من الخارج ما قد يصلحه وهو داخل البيت الأبيض .