تحدثت فى المقال السابق أننا على أبواب موجة حاسوبية جديدة ستغير من حياتنا جميعاً كما غيرت الهواتف الذكية (Smart Phones)، والحواسب اللوحية (Tablets) من نمط تواصل البشر مع بعضهم ونمط أداء الأعمال فى المؤسسات، والسؤال هو: ما المفاهيم الجديدة التى ابتكرتها ميكروسوفت لكى تستطيع منافسة أمازون وجوجل بقوة فى هذا السوق؟
تعتبر ميكروسوفت أكبر مصنع لنظام تشغيل يعمل على الحاسبات الشخصية فى العالم (Windows)، ولذلك فإن الطريق للسيطرة على سوق الحوسبة السحابية (Cloud Computing) كان لا بد أن يمر من سوق البرامج التى تهم الأشخاص والمؤسسات معاً وعلى رأسها نظام الويندوز. ففى يناير الماضى، أعلنت ميكروسوفت عن كثير من ملامح نسخة الويندوز الجديدة (Windows 10). والمحلل لهذه الملامح يكتشف أنها كلها تصب فى أساليب للسيطرة على سوق الحوسبة السحابية من خلال زيادة الاعتماد على سحابة ميكروسوفت العامة.
طبقاً لهذه الإعلانات فإن ويندوز 10 سيكون آخر النسخ الأساسية، بمعنى أنه لن يكون هناك ويندوز 11، فبمجرد تنزيلك لويندوز 10 فإن جهازك سيكون متصلاً دائماً بسحابة ميكروسوفت ليحصل منها على كل أو بعض التحديثات الجديدة لنسخة الويندوز (وأهمها التحديثات التى تغلق ثغرات أمنية لمنع الفيروسات والمخترقين) وهو المفهوم الذى يطلق عليه (Windows as a Service). الأمر الذى سيجبر مئات الملايين من أجهزة (Phones، Surface Tablets، PCs، XBox) بالإضافة إلى الملايين من أجهزة إنترنت الأشياء IoT (التى أصبحت ويندوز 10 تدعمها) من الاعتماد على سحابة ميكروسوفت لاستمرار العمل بشكل آمن. علماً بأنه من المتوقع تنزيل أكثر من مليار نسخة ويندوز 10 فى خلال الثلاث سنوات المقبلة، وهو ما يعكس كم الاعتماد المتوقع على سحابة ميكروسوفت فى الفترة المقبلة. لكن ميكروسوفت لم تكتف بذلك، فلأول مرة فى التاريخ سيصبح بإمكان مستخدمى برامج جوجل التى تعمل على نظام Android من تنزيلها من الـWindows Store بل واستخدامها وتشغيلها على نظام الويندوز 10 هى وبرامج نظام iOS الخاص بشركة أبل. ناهيك عن مجهودات ميكروسوفت فى تحويل برامج وملفات الأوفس إلى خدمة (Office 365) السحابية التى يمكن الوصول إليها من الإنترنت. ناهيك عن كم الخدمات المؤسسية الجديدة التى طرحت فى مؤتمر (Microsoft Build 2015) لضرب المنافس الأول على هذه السوق (أمازون). فكيف سترد أمازون وجوجل؟ سؤال ننتظر أن تجيب عنه الشهور المقبلة!