تقوم الدولة -أى دولة- على أكتاف شعبها، يحمل شعبها همومها ومشاكلها ويتصدى للمخاطر بسواعد أبنائه، بطولات الشعوب تُكتب فى التاريخ حينما يُناضل ويكافح من أجل بقاء دولته والمحافظة عليها وحمايتها بكل ما أوتى من قوة وبالتعب وبالعرق وبالمجهود، وتحتفظ الدولة -أى دولة- بكيانها وحدودها وأرضها حينما يتصدى شعبها لأى تهديد يأتى إليها.. حينما يكون هناك خطر يحيط بالدولة -أى دولة- فإنه من الواجب لم الشمل لمواجهته بل من الرجولة والنخوة والمروءة والوطنية -أيضاً- مواجهته.. فالاتحاد قوة، والفُرقة ضعف.
لن تقوم دولة بحماية دولة أخرى، وإذا حدث ذلك فعلينا البحث عن سببين لا ثالث لهما؛ إما (المصلحة والاستفادة أو الطمع فى مواردها وثرواتها)، ورغم ذلك وقت الجد لن يُجدى ذلك نفعاً ولن تُضحى دولة من أجل دولة أخرى إذا انقطعت المصلحة أو انعدمت الاستفادة.. الانتماء للأوطان ليس محل شك، ولا بد أن يكون الترابط بين المواطن -أى مواطن- والوطن -أى وطن- وثيقاً، يُضحى المواطن من أجل وطنه مجاناً ولا ينتظر مُقابلاً من وراء ذلك، فالأرض أرضه والدفاع عنها واجب مُقَدّس ونيل الشهادة فى سبيل الوطن هى أسمى الأمانى.. تظل راية الوطن -أى وطن- مرفوعة بسواعد أبنائه، وإذا ضعفت السواعد فإن الوطن فى هذا الوقت يُصبح مُباحاً للأعداء ومُتاحاً لكل من تُسول له نفسه الطمع فيما يمتلكه الوطن.. فلا بد أن يكون لدى المواطن -أى مواطن- الوعى الكافى بالمخاطر التى تحيط بوطنه، لا بد أن يشغل نفسه بهموم وطنه ومشاكله ولا بد أن يكون مهموماً بها وبضرورة حلها.
«منطقة الشرق الأوسط» مُشتعلة دائماً، لا تهدأ، وإذا هدأت فترة قصيرة يكون ذلك نبوءة ببركان قادم يُهدد الجميع، لذلك فالشعوب عليها مسئوليات جِسام وعليها دور رئيسى فى التعامل مع البركان مهما كانت شدته وخطورته، الشعوب هى خط الدفاع الأول عن بلدانها، فالبلاد عبارة عن (شعوب وأرض وعَلَم ونشيد وطنى) وأساس البلاد هو الشعوب والأرض وعلى الشعوب الدفاع عن أراضيها، دفاع وتشبُث وموت واستشهاد من أجلها، تُروى أرض الوطن بدماء شهدائه الأبطال الذين يدفعون حياتهم ثمناً لبقاء الوطن وحمايته والدفاع عنه لذلك تُكتب أسماؤهم فى أنصع صفحات التاريخ ويتم الاقتداء بهم فى الوطنية وتُضرب بهم الأمثال فى النضال وتتشرف بهم الأجيال ويُصبحون رموزاً للوطن أبد الدهر.
والآن، تتعرض «منطقة الشرق الأوسط» لأشرس بركان، وأقوى تهديد، وأعنف تغيير، وكل المخططات السابقة التى كانت تهدف لتقسيمه كانت تسير على وتيرة واحدة، أما الآن فقد وضحت الصورة من أن تنفيذ المخطط يسير بسرعة شديدة ويشترك فى تنفيذه عدد من الأذرع المتورطة فى تمهيد الأرض، مُخطط ضمن ما أسموه «الشرق الأوسط الجديد» لكنه نسخة ليست طبق الأصل من (مُخطط 2011)، نُسخة مُعدلة ومُختلفة فى مسارها وأدواتها المتنوعة لكنه نُسخة طبق الأصل فى أهدافها ومُحدداتها.
بالتأكيد، ستتغير خريطة «الشرق الأوسط» عما كانت عليه، ستتغير بفعل فاعل لا يعرف مبادئ الحق والعدل وحق الشعوب فى تقرير مصيرها، فاعل مُتهم بالطمع فى أرض وثروات وموارد شعوب لا تريد فقط إلا العيش فى أمان الله.