«سالوبيك» لن يعود لطفليه
«سالوبيك» لن يعود لطفليه
لقطة بثها «أنصار بيت المقدس» للرهينة الكرواتى بعد ذبحه
المهندس الكرواتى قتيل «داعش» كان فى طريقه إلى مطار القاهرة.. والإرهابيون اختطفوه بـ«الواحات»
19 يوماً هى المدة التى قضاها المهندس الكرواتى توميسلاف سالوبيك، 31 سنة، بين يدى عناصر «داعش»، حتى بثوا فيديو لذبحه مساء الأربعاء الماضى.
سالوبيك كان يوم الخطف، 22 يوليو الماضى، يستعد للسفر إلى بلاده، كانت حقيبته ممتلئة عن آخرها ليعود إلى حضن طفليه وزوجته، ولكن الخطف كان حاسماً وفاصلاً فى حياة الشاب الكرواتى الذى يعمل فى شركة بترول بطريق الواحات، خطف بدأ بطريقة درامية توسطه تهديد وعرض رسالة صوتية مصورة على لسان الشاب ثم المشهد الأخير بـ«رأس» الضحية، تعلن خط النهاية، يعلن الموت والخيانة واللاإنسانية.. «الوطن» رصدت المشاهد العشرة التى رسمتها التحريات والتحقيقات.. وكانت كالتالى:
المشهد الأول: توميسلاف سالوبيك،31 سنة، مهندس، يحمل الجنسية الكرواتية، يودع زملاءه فى العمل بشركة «أردبيسد» للبترول، شركة فرنسية بعد أن قضى 45 يوماً فى الشركة، توميسلاف سالوبيك مهندس كرواتى، يحضر إلى القاهرة للعمل فى تلك الشركة التى تقع فى الكيلو 179 بطريق الواحات، وعن حياته الشخصية فهو متزوج ولديه طفلان ويوم الاختطاف كان يستعد للسفر والعودة لأسرته فى كرواتيا وحقيبته جاهزة لـ«الرحيل».
المشهد الثانى: عقارب الساعة كانت تشير إلى الرابعة والنصف فجر يوم 22 يوليو الماضى، سالوبيك يتصل بسائق الشركة ويستعد للتحرك لمغادرة موقع الشركة بالواحات البحرية بمدينة 6 أكتوبر، متجهاً إلى منطقة المعادى بالقاهرة لكى يحصل على مستحقاته المالية، وبعدها يتوجه إلى كرواتيا لقضاء إجازته مع زوجته وابنيه وباقى أفراد أسرته.
المشهد الثالث: يستقل سالوبيك سيارة الشركة ماركة «تويوتا لاند كروزر»، التى كانت تحمل لوحات بأرقام «س ب ر»، وبجواره سائق الشركة ويدعى محمود متولى 47 سنة، وانطلقت السيارة واستمر السائق فى السير حتى قطع 90 كيلو فى الجبل، وبعد ذلك توقف عند الكيلو 66 بطريق الواحات فى مكان مخصص للراحة، ونزل منها الاثنان وأشعل كل منهما «سيجارة»، ثم انطلقا بالسيارة مرة أخرى بعد فترة توقف للراحة واستعادة الطاقة لاستكمال طريق السفر.
المشهد الرابع: مرت 10 دقائق وظهرت سيارة دوبل كابينة تسير خلف سيارة الكرواتى، بدأت تعطى إشارات ضوئية، وفى تلك اللحظة حاول سائق الشركة السير ببطء لكى تمر تلك السيارة، وفجأة اقتربت منهما السيارة وأشهر منها ملثم بندقية آلية وهدد السائق بالقتل إذا لم يتوقف، وتوقف السائق، ونزل من سيارة المتهمين 4 ملثمين يرتدون ملابس بدوية، وشالات فلسطينية، مدججين بالأسلحة الآلية، أجبروا السائق والمهندس على النزول من السيارة وطرحوا الاثنين أرضاً، ثم أوثقوهما بالحبال، وقام أحد المتهمين باستقلال سيارة الضحيتين، بعد أن أجبروهما مرة أخرى على استقلال السيارة، وقاموا بتغيير اتجاه السيارة من القاهرة إلى الواحات، ثم قطعوا بهما أكثر من 4 كيلو فى طريق الواحات، واستولوا على متعلقات السائق، وخطفوا المهندس الكرواتى وهربوا.
المهندس الكرواتى يظهر فى فيديو لـ«بيت المقدس» قبل إعدامه
المشهد الخامس: السائق يسرع إلى قسم شرطة ثان أكتوبر، ويبلغ بتفاصيل الواقعة، وعلى الفور تنطلق قوة من المباحث، من إدارة البحث الجنائى بالجيزة، والأمن الوطنى، لفحص البلاغ، وتبين من خلال المعاينة الأولية وجود آثار لسيارة الجناة، وتتبعت القوات آثار سيارة المتهمين، واستمر التتبع حتى انتهت آثار السيارة بطريق العلمين غرب الإسكندرية.
المشهد السادس: فريق البحث يبدأ فحص العاملين بالشركة وعلاقة الضحية وذلك بعد أن تبين أن دافع الجريمة ليس السرقة، بعد أن ترك المتهمون الأموال والمتعلقات الشخصية الخاصة بالمختطف، وفحص فريق البحث 248 شخصاً من العاملين بالشركة، وتبين وجود 10 من العاملين بالشركة مطلوب ضبطهم وإحضارهم فى قضايا عنف وينتمون لتنظيم الإخوان الإرهابى، وتمت مناقشتهم لمعرفة ما إذا كانت لهم صلة بالواقعة من عدمه والتحقيق معهم فى القضية المطلوبين فيها، ولم تتوصل المباحث إلى أى معلومة تقودهم إلى المتهمين.
المشهد السابع: فريق من الأمن الوطنى وإدارة البحث الجنائى بالجيزة بالتنسيق مع جهات سيادية، تقتحم عدة بؤر إجرامية فى محافظات البحيرة ومطروح والقليوبية والمنوفية والوادى الجديد والفيوم والجيزة، للبحث عن مشتبه فيهم بارتكاب وقائع مماثلة، وضبطت القوات 8 متهمين تبين أنهم ارتكبوا واقعة سطو مسلح على شركة نقل أموال، بمنطقة الوراق بنفس طريقة اختطاف الضحية، وتمت مناقشتهم ولم تتوصل القوات إلى أى معلومات تقود فريق البحث للوصول إلى تحديد هوية المتهمين، استمر الفحص ومطاردة الخطرين والهاربين وتمكنت القوات من ضبط 38 متهماً من خلية أنصار بيت المقدس وأجناد مصر وبدو متورطين فى أعمال إرهابية ووقائع مماثلة، وتبين أيضاً اشتراك متهمين من المتهمين فى واقعة اغتيال وليام هندرسون خبير بترول فى شركة أباتشى الأمريكية فى شهر أغسطس من العام الماضى.
المشهد الثامن: الشركة التى يعمل فيها المهندس تلقت رسالة عبر البريد الإلكترونى الخاص بالشركة، واردة من البريد الشخصى للمهندس المختطف بعد مرور 10 أيام من الحادث، وحملت الرسالة «توميسلاف سالوبيك تم اختطافه ونريد مبلغ 30 مليون دولار كفدية لعدم تعرض حياته للخطر»، وبفحص الرسالة تبين للقوات والأجهزة الفنية أنها مرسلة من الأراضى الليبية.
المشهد التاسع: يوم 5 من الشهر الحالى، بث أنصار بيت المقدس مقطعاً مصوراً بعنوان «رسالة إلى الحكومة المصرية» يعلن فيه اختطاف مهندس كرواتى الجنسية ويهدد بقتله ما لم تتم مبادلته بجميع الأسيرات المسلمات بالسجون المصرية خلال 48 ساعة، وبدأ فريق البحث يبذل جهوده للكشف عن مكان بث الفيديو لسرعة ضبط الجناة، وفى ذلك الوقت عرفت أسرة المهندس المختطف بخبر خطف نجلها، وناشدت عائلة الرهينة الكرواتى، تنظيم «ولاية سيناء»، إطلاق سراح ابنها المختطف منذ نهاية يوليو الماضى، ووجه والد الرهينة، الذى كان يعمل مع شركة فرنسية، نداء عبر وسائل الإعلام إلى محتجزى ابنه يتوسل فيه إطلاق سراحه ليعود إلى أولاده، وزوجته، مقابل أى مبلغ مالى يطلبه الجناة.
الشرطة تتبعت خط سير الجناة من أكتوبر إلى «العلمين» والسائق: «كانوا يرتدون جلاليب وشال فلسطين»
المشهد العاشر: ينشر تنظيم أنصار بيت المقدس صورة للمهندس الكرواتى وهو مذبوح، وقوات الشرطة لا تزال تكثف جهودها للقبض على المتهمين، وكثفت من وجودها بالتنسيق مع قوات الجيش، وتم نشر مجموعات قتالية ومدرعات على طريق الواحات، وشددت القوات التأمين على شركات البترول، وأيضاً تم وضع خبراء البترول والمهندسين الأجانب تحت الملاحظة الأمنية، لعدم تكرار مثل هذه الحوادث، وأيضاً تكثف جهودها لكشف مكان بث الفيديو الذى تم من خلاله الإعلان عن اختطاف الضحية، ولا يزال الغموض عما إذا كان الضحية تم ذبحه بالصحراء الغربية فى مصر أم فى الأراضى الليبية.
وخيمت مشاعر الحزن على أسرة وأقارب الكرواتى «توميسلاف سالوبيك»، الذى أعلن تنظيم داعش الإرهابى إعدامه بالذبح فى سيناء، وذلك خلال الصلاة لأجله فى كنيسة قريته بكرواتيا.
وتكثف أجهزة الأمن بالجيزة، بالتنسيق مع جهات سيادية والأمن العام وإدارة الأمن الوطنى، والأمن العام بوزارة الداخلية، مطاردتها للعناصر الخطرة والبدو الهاربين من أحكام جنائية وقضايا سياسية، للبحث عن خيوط تقود ضباط المباحث لضبط المتهمين، ولمعرفة ما إذا كان المتهمون قد حضروا من ليبيا عن طريق بدو وتمكنوا من تنفيذ عملية اختطاف توميسلاف سالوبيك وهربوا به من مصر واحتجزوه بالأراضى الليبية وقاموا بذبحه.