بالفيديو| سكرتير مصطفى حسين لـ"الوطن": "زعلت عليه أكتر من أبويا"
شاهد.. سكرتير الرسام مصطفى حسين يروي ذكرياته لـ"الوطن"
منصور يوسف
"عشت معاه 34 سنة، كانت كل الصفات الحلوة فيه كان أبويا الروحى، زعلت عليه أكتر ما زعلت على أبويا"، هكذا بدأ منصور يوسف، سكرتير رسام الكاريكاتير مصطفى حسين، حديثه لـ"الوطن" فى الذكرى الأولى لرحيل مصطفى حسين.
فى تمام الساعة 12 ظهرًا ينتظر الكاتب أحمد رجب قدوم صديق عمله مصطفى حسين الذى اعتاد التأخير عن عمله، ليدفع عن كل دقيقة تأخير 5 جنيهات، يأخذها الكاتب أحمد رجب ويتبرع بالمبلغ في ليلة القدر.
واستكمل منصور حديثه وقال: "يدخل الأستاذ مصطفى مكتب الكاتب أحمد رجب ويغلقان الباب ويجلسان لتبادل الحوار حول فكرة الرسمة التي يرسمها الأستاذ مصطفى بريشته، لينصرف بعد ذلك إلى مكتبه، ويظل مفتوحًا يستقبل فيه كل من يريد مقابلته لأمر ما، مكتبه كان دائما مفتوحًا للكل، كان يقابل الصغير قبل الكبير".
ويضيف منصور قائلاً إن الراحل مصطفى حسين كان يستكمل عمله بعد ما يفرغ من الاجتماع، يذهب إلى مكتبه ويبدأ فى الحديث مع العاملين فى مكتبه ويسألهم عن أحوالهم "مكنش بيحب يشوف حد زعلان ولو شاف حد مبوز ميسبهوش غير لما يضحك كان دايما بشوش.. كان أب لينا كلنا، وكان أكتر حد ميحبوش هو الكداب أو ناقل الكلام أو أبو أيد طويلة".
اعتاد مصطفى حسين على شرب الشاى والقهوة والسجائر إلا أن الطبيب منعه منها، ليعلق لافتة فوق مكتبه "أرجو من الزائر عدم التدخين"، ويستبدل الشاى والقهوة بالشاى الأخضر، ويبدأ العاملون في مكتبه في إبلاغ من يريد مقابلته بعدم التدخين أمامه حتى لا يشعر بالضيق.
التواضع وحب الخير هى أكثر السمات التى تبرز شخصية مصطفى حسين، تواضعه بلغ إلى أن يأكل مع العاملين دون تكبر "فى مرة كنا بناكل فسيخ ورنجة برا المكتب، ولما جه المكتب افتكرناه هيزعق دخل مكتبه وندا عليا وقالي إيه اللي أنتم عملينوه برا قولتله دا فسيخ ورنجة قالي طب اعملي سندوتش وعملته رغيف وبعد كدا طلب مني نص رغيف عملته سندوتش تاني وقالى أنا على طول باكل نص رغيف أول مرة أكل رغفين".
ومن المواقف التى ذكرها "منصور" الدالة على تواضع مصطفى حسين ولم ينسها "في مرة كنا بناكل كشري وسألني جايبين الكشري منين قولتله من واحد برا قالي وطلب منى علبة أجبهاله".
وأما عن فعله للخير، لم يستطع "منصور" حصر المواقف الخيرة لفنان الكاريكاتير الراحل، ولكنه تذكر آخر المواقف التي فعلها مع سيدة ممتلئة يصل وزنها إلى 130 كيلو وحضرت إلى مكتبه قبل وفاته بحوالى 15 يومًا وتريد إجراء عمليه شفط دهون وذهبت إلى مستشفى أحمد ماهر ولكنها وجدت صعوبة من الشؤون الاجتماعية لمعرفتها حالتها الاجتماعية، اتصل بمصطفى حسين سكرتير مكتبه ليبلغه بالحالة وعلى الرغم من مرضه الشديد لم يتردد عن مساعدة السيدة حيث تحدث مع إدارة المستشفى وأجرت السيدة العملية.
وهذا كان آخر عمل خير فعله الرسام مصطفى حسين قبل وفاته، موقف أخر تذّكره "منصور" وقال "الأستاذ أطول منى وفى مرة كنا نازلين من المكتب لقيته بيقولى خبينى، سألته ليه، قالى علشان الراجل اللى جاى علينا دا كان طلب منى خدمة وأنا معرفتش أعملها".
وأضاف منصور أن كرم مصطفى حسين امتد إلى العاملين معه فى جميع المناسبات "كان دايما يجيبلنا شنط رمضان، يدبح فى عيد الأضحى ويوزع لحمة، وكمان فى مولد النبى" ولكنه كان دائما ينحاز إلى مساعدة النساء "كان يحب يعطف على النساء أكتر، كان دايما بيقول دى ست وبتصحى من الفجر علشان تنزل وتيجى وتنظف المكاتب قبل ما نيجى واللى كان زيه الأستاذ أحمد رجب".
ابتسامة فنان الكاريكاتير الراحل من العلامات التي ميزت وجهه و"التكشيرة" لم تعرف طريقًا إلى وجهه حتى وفاة أخيه سعيد "تأثر بوفاة أخيه سعيد كان دراعه اليمين بيعمله كل حاجة كان شغال فى وزارة الثقافة، لما جاله الخبر إنه مات اتأثر والزعل بان عليه".
استكمل "منصور" حديثه بأن مصطفى حسين كان يمتلك أحد المطاعم في الدقي ويعزمهم على الفطار فى رمضان، وأضاف أن المطعم كان فى العمارة التى يعيش بها الفنان عادل إمام صديقه الشخصى وكان دائما يجلس معه فى المطعم.
ظل أحمد رجب هو توأم عمله وعلى الرغم من توافقهما العملي إلا أنهما مختلفان فى حياتهما الشخصية، قال "منصور"الأستاذ مصطفى حسين كان شخصًا اجتماعيًا يحب الحديث مع الناس ودائمًا فاتح مكتبه، لكن الأستاذ أحمد رجب كان يأتي إلى مكتبه في تمام العاشرة صباحًا ويغلق مكتبه ليكتب "نص كلمة" إلى أن يأتى الأستاذ مصطفى حسين ويجلسا في المكتب وهما يغلقان الباب وعندما يخرج الأستاذ مصطفى من مكتبه، يرحل الأستاذ أحمد رجب ولم يكن يقابل أي أحد لأنه كان وسواس لو حد دخل عليه وكح يأخذ إجازة لمدة أسبوع ولم يدخل عليه هذا الشخص مرة أخرى، وكان ينزل في الأسانسير لوحده".
وظل مصطفى حسين وأحمد رجب في حياتهما العملية لم يفترقا، ظلا أيضًا هكذا وهما على فراش الموت، استكمل منصور حديثه "ذهب الصديقان في آخر حياتهما إلى نفس المستشفى، وحينما دخلا فى العناية المركزة ولما كان حد منهم بيفوق كان بيروح يشوف التانى، وبعد وفاة الأستاذ مصطفى حسين بـ3 أيام فاق الأستاذ أحمد رجب وراح علشان يشوف الأستاذ مصطفى ملقهوش فسأل عنه وعرف أنه توفى منذ 3 أيام".
ظل مصطفى حسين يأتى إلى مكتبه كل يوم وابتسامته لم تفارقه وحبه للخير لم يغفل عنه، إلى أن أقعده المرض فى بيته وظل العاملون فى مكتبه يواصلون مسيرته يرسلون الرسمة حسب المناسبة أو ما يلائم الفكرة، حتى توفي في صباح يوم 16 أغسطس 2014 "في اليوم دا كلمنى المحامى بتاعه الساعة 7 الصبح وقالى خلاص الأستاذ مصطفى تعيش أنت، معرفتش استقبلت الخبر ازاى كأن عيلتى كلها ماتت وفضلت كل ما أعدى على المكتب بتاعه أعيط، ووصى ابنه عصام أن يصلى عليه فى مسجد السيدة نفيسة".
"أنت لسه عايش ممتش روحك ربنا خدها لكن أنت لسة عايش جوانا" بهذه الكلمات ختم منصور يوسف لينعى الرسام وأبيه الروحى مصطفى حسين فى ذاكره الأولى.