النص الكامل لكلمة الرئيس السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة
النص الكامل لكلمة الرئيس السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة
الرئيس عبدالفتاح السيسي
ألقى الرئيس عبدالفتاح السيسي، كلمته أمام قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لما بعد عام 2015، منذ قليل، وهذا نصها:
أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات، السيد سكرتير عام الأمم المتحدة، السيد رئيس الجمعية العامة، السيدات والسادة، أود في البداية أن أنقل إليكم تحية تقديرٍ واحترام من شعب مصر العظيم الذي تحرّك لمواجهة وتغيير أفكار متشددة مثل تلك التي عانت منها "مالالا" وغيرها في كثير من الدول، كما أتوجه بالشكر لرئيس الجمعية العامة لعقد هذه القمة المهمة، وأن أثمن الجهد القيّم الذي بذلناه جميعًا على مدار أعوام ثلاثة، من أجل صياغة أجندة تنموية دولية جديدة لما بعد 2015، والذي نتوجه باعتماد هذه الأجندة الطموحة حتى عام 2030، والتي وضعنا فيها أهدافًا غير مسبوقة للحد من الفقر والقضاء على الجوع، وتحقيق التنمية المستدامة وتوفير المستوى المناسب من الرعاية الصحية والتعليم للجميع.
فقد شهدت الفترة الأخيرة حراكًا دوليًا مُكثّفًا بغرض خلق مناخ مناسب للتنمية المستدامة للجميع، تسارعت وتيرته هذا العام، وتبلورت ملامحه في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث لتمويل التنمية في أديس أبابا في يوليو الماضي، وصولًا إلى أجندة التنمية المطروحة أمامنا اليوم لاعتمادها.
وأؤكد في هذا الصدد، على أهمية مشاركة كافة فئات المجتمع، في عملية التنمية المنشودة لتحقيق تنمية عادلة ومتوازنة، تعود بالنفع على الجميع، وفي مقدمتهم المرأة التي تثبت التجارب يومًا تلو الآخر، محورية دورها في شتى مناحي الحياة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فضلًا عن إدراكها العميق للمسؤولية ومسارعتها لتلبية نداء وطنها.
السيد الرئيس، السيدات والسادة، لقد شاركت مصر بفاعلية في كافة مراحل صياغة أجندة التنمية، وكانت لنا رؤية واضحة دفعنا بها بقوة، بأن أي جهد دولي لتحقيق التنمية المستدامة، يجب أن يأخذ بعين الاعتبار حيّز السياسات التنموية للدول النامية وسيادتها في تبني برامج اقتصادية واجتماعية وطنية مناسبة تحدد أولويات التنمية بما يراعى خصوصية كل منطقة واحتياجاتها.
إن الحق في التنمية وتوفير سبل الحياة الكريمة، كانت نصب أعين الشعب المصري حينما نهض لصياغة مستقبله، ومن أجل ذلك أطلقنا في مارس من العام الحالي "استراتيجية التنمية المستدامة حتى عام 2030"، والتي تستهدف تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة وتحسين بيئة الاستثمار وتعزيز رأس المال البشري، كما تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير سبل العيش الكريم للمواطن المصري.
كما جاء إطلاق تلك الاستراتيجية متزامنًا مع المؤتمر الدولي الذي عقدناه في مارس الماضي لدعم وتنمية الاقتصاد المصري، بمشاركة دولية واسعة النطاق من الحكومات والقطاع الخاص العالمي، وقد كان النجاح الكبير للمؤتمر دليلًا إضافيًا على إيمان المجتمع الدولي، بأن استقرار مصر يعد استقرارًا لمنطقة الشرق الأوسط بأكملها.
في ذات السياق، وإدراكًا لدور مصر المحوري، قمنا في الشهر الماضي بافتتاح قناة السويس الجديدة، تتويجًا لجهد شعب عظيم تمكّن في عام واحد ليس فقط من أن يحفر مجرى ملاحيًا عالميًا فحسب، بل دشّن بذلك مشروعًا تنمويًا عملاقًا ومكونًا رئيسيًا في خارطة التنمية الجديدة، وبما يسهم في جعل مصر مركزًا إقليميًا ودوليًا للتجارة والاستثمار.
السيد الرئيس، بقدر الأمل الذي يغمرنا ونحن نجتمع لاعتماد أجندة طموحة، تضع أهداف المجتمع الدولي نحو التنمية على مسار مستدام، يساورنا القلق من عدم تناسب الأدوات المتاحة لتنفيذ الأجندة، مع مستوى الطموح المأمول وحجم التحديات القائمة.
فالاختلاف في القدرات والتباين في مستويات التنمية، يفرض تفاوتا في الأعباء والالتزامات بين أعضاء المجتمع الدولي، وهي مسؤولية تاريخية تقع على عاتق من يمتلك الإمكانيات تجاه من يفتقدها.
إضافة إلى ذلك، فعلى المجتمع الدولي أن يتعامل بفعالية مع التحديات الأخرى، التي تعرقل تحقيق التنمية المستدامة، وأهمها الإرهاب، والذي بات ظاهرة عالمية لا تعاني منها منطقتنا العربية فحسب، بل الكثير من بلدان العالم، فالشعب المصري، في مسيرته من أجل البناء والتعمير، يواجه أخطر فكر إرهابي ومتطرف ويتصدى بقوة وعزم لمن يريد تدمير التنمية، أو يعبث بتطلعاته نحو حياة أفضل ومستقبل أكثر إشراقًا.
السيدات والسادة، ختامًا، لطالما كانت التنمية حقًا تاريخيًا تتمتع به الدول، وقد أصبحت ممارسة هذا الحق اليوم ضرورة حتمية لتعايش الجميع معًا، وهو ما يتطلب تقديم الدعم اللازم للدول النامية في مسيراتها لتحقيق التنمية والعيش الكريم لشعوبها.
شكرًا للسادة الحضور.