بالفيديو| "المكفوفين في نعيم"..مركز "إبصار"يقهر العمى في جامعة عين شمس
"المكفوفين في نعيم".. مركز "إبصار" يقهر العمى في جامعة عين شمس
أرشيفية
معملان مقسم أحدهما بجدران خشبية، على شكل غرف منفصلة، يحتوي كل منهما على 35 جهاز حاسب آلي، يجلس طلاب كلية الآداب جامعة عين شمس من المكفوفين إلى جوار بعضهم، دون أن يكونوا منتمين لنفس القسم، ينفصل كل منهم عن العالم الخارجي بسماعات ملاصقة لأذنيه، لا يعاونه شيء على أداء امتحان منتصف العام وآخره غير لوحة مفاتيح الجهاز المتاح والبرنامج الناطق، فلا مرافق ولا معاون هناك للطالب المكفوف لأداء الامتحانات.
"إبصار".. مركز إلكتروني استحدثته كلية الآداب جامعة عين شمس منذ 10 سنوات مضت، لتكافؤ فرص التعليم للطلاب المكفوفين، بدأت فكرته كما روت ريهام عاصم نائب أمين المركز، بمحاولة الكلية التي تشهد أكبر عدد من الطلاب عامة ومن المكفوفين خاصة بمساعدة هؤلاء بتسجيل شرائط صوتية بالمقررات الدراسية عليهم حتى يتمكن الطالب من مذاكرته منذ عام 1995، إلى أن طور الدكتور محمد خليل وكلية الكلية لشؤون التعليم والطلاب حينها المركز بسبب ما قابله من مشاكل الطلاب المكفوفين من سوء إمكانيات المرافق لهم خاصة وقت أداء الامتحانات، فمنهم من يكتب بخط سيء وآخر لا يكتب كل ما يمليه الطالب وثالث يضيق من الكتابة ويختصر، وفي النهاية ينتقص من درجات الطالب.
قالت نائب أمين المركز بكلية الآداب جامعة عين شمس، لـ"الوطن"، إن وكيل الكلية لشؤون التعليم والطلاب آنذاك قرر التطوير بإدخال البرنامج الناطق على أجهزة المعمل وهي عبارة عن ما يسمى بـ"دُنجل" يركب في "الكيسة" الخاصة بكل جهاز، والتي من شأنها تشغيل البرنامج الناطق، الذي يتيح للطالب المكفوف الكتابة على لوحة المفاتيح مباشرة والبرنامج يقوم بتنبيهه إن أخطأ ما ساعدهم على أداء الامتحانات بمفردهم.
"تمهيدية، تنشيطية، تكميلية".. أسماء الدورات المتتابعة التي يحصل عليها الطالب المكفوف منذ أن يدخل الجامعة، حيث يستقبله المركز ويبدأ الدورة التدريبية الأولى التي تستمر لمدة 15 يوما بمعدل 30 ساعة منذ دخول الدراسة، وإن رسب فيها يأخذها مرة أخرى تحت مسمى "تنشيطية" وإذا رسب في الأخرى يأخذ الدورة التدريبية التكميلية، لكنه لا يخرج من العام الدراسي إلا وقد اعتاد على استخدام البرنامج وجهاز الحاسب لآلي لأنه سيؤدي امتحانه من خلالهم فقط دون مرافق.
خالد حمدي، شاب عشريني كفيف تخرج في العام 2009 من كلية الآداب، روى لـ"الوطن" تجربته مع المركز الذي استقبله في السنة الرابعة له بالجامعة كان المركز قد دُشن، وظل به حتى صار مدربا فيه للطلاب المكفوفين، واجه خالد في بداية إلتحاقه بالجامعة مشاكل عدة مع المرافق الذي يكتب له الامتحان منها عاد إلى الخط السيء وآخر ذهب لدورة المياه ولم يعود وتركه في اللجنة والوقت يمر، غير عملية الإملاء التي يرتفع فيه صوته تلقائيا فيسمع الطلاب ما يقولوه ويكتبوه، ومراقبة وصفته بـ"الجنون" لإجابته بصوت عال.
تلك العقبات، دفعت "خالد"، إلى الإصرار على تدريب من يشبهون حالته من الملتحقين بالمركز إجباريا، وفقا لقوانين الكلية، معتمدا في بداية التدريب الذي يستمر 15 يوما على إعطائه الثقة بنفسه بأنه قادر على الاستغناء عن المرافق، مشيرا إلى أن أزمة مواجهة "الكمبيوتر" تخطاها العديد من الطلاب في ظل وجود الـ"لاب توب"، والإمكانيات الحديثة إلا أن الأزمة تكمن في طلاب الأقاليم المنعزلين نوعا ما عن التطور التكنولوجي في المدينة.
شرح "خالد"، فكرة برنامج "إبصار" والمتمركزة في إنه حلقة الوصل بين الكفيف والجهاز، حيث يوجد في تصميم البرنامج 4 قوائم "أدوات، إدادات، مساعدة، قائمة النظام"، داخل القوائم يوجد النظام التعليمي، موضحا أن أكثر ما يميز البرنامج هو تدريب الطالب على اتقان الكتابة، ويصحح له البرنامج أنه أخطأ بمعنى أن كلمة "أسد" إذا كُتبت دون همزة يوقف البرنامج الطالب عن الكتابة فيعلم أن هناك خطأ ما في الكلمة المكتوبة وهكذا، كما يحتوي البرنامج على "قاموس" ينطق كل حرف يُكتب، ثم يتعلم الطالب كيفية حفظ الملفات وتشغيلها والعثور عليها والتعامل مع الجهاز بشكل عام.
"طابعة برايل".. الحل السحري الذي ساعد الطلاب المكفوفين بالمركز، وهي عبارة عن طابعة صممت خصيصا لتحويل الملفات المكتوبة بالطريقة المعتادة إلى أوراق مكتوبة بطريقة "برايل" حتى يتمكن المكفوفين من قراءة المقررات الدراسية كما اعتادوا في سنوات دراستهم الأولى.
عبلة عادل طالبة الدراسات العليا بكلية الآداب، لا تعير اهتماما للرحلة الشاقة في المراجع المكتوبة بطريقة "برايل" والتي تساعدها على تحضير رسالة الماجستير، فهي اعتادت منذ دخولها الجامعة على استخدام الحاسب الآلي كما درَّبها المركز منذ دخولها إلى الجامعة، وأوضحت لـ"الوطن"، أن المركز رفع عن كاهلها عبء المرافق الذي يكتب كما يهوى دون مراعاة لما تريده، مشيرة إلى أنها بعد تلقيها التدريب أصبح الأساتذة يعرفون ورقة إجابتها من أسلوبها المميز وتنسيقها لإجاباتها.
وأوضحت نائب أمين المركز بكلية الآداب جامعة عين شمس أن المركز كان على استعداد لخدمة طلاب كلية الألسن لكن ما أعاقهم هو أن لوحة المفاتيح لا تقرأ غير الإنجليزية فقط ولم تدخلها اللغات الأخرى مثل الفرنسي أو الإيطالي، مشيرة إلى أن المركز يخدم طلاب كلية الحقوق، لكن أكبر عدد من المكفوفين يوجد في كلية آداب لذا هو المركز الرئيس حيث يوجد ما يقرب من 300 طالب في حين وجود أعداد أقل بكثير في كليتي الألسن والحقوق، مستكملة أن المركز يخدم طلاب أقسام الللغة العربية والتاريخ وعلم الاجتماع والإنجليزي فقط بالكلية.