مساعد قائد «نسور الجو» الأسبق: إسرائيل قصفتنا ولم تحقق 1% من أهدافها
مساعد قائد «نسور الجو» الأسبق: إسرائيل قصفتنا ولم تحقق 1% من أهدافها
اللواء نبيل شكرى
بعد 42 عاماً على حرب 6 أكتوبر، يكشف اللواء نبيل شكرى، مساعد قائد القوات الجوية سابقاً وأحد أبطال القوات الجوية وقت الحرب، عن أحد أسرار «حرب التحرير» التى لم تُذكر فى تاريخ الحرب على مدار السنوات الماضية، حيث تحدث مساعد قائد القوات الجوية سابقاً عن معركة «رد الاعتبار» للقوات الجوية المصرية، حينما نجحت فى التصدى لـ«ضربة جوية شاملة» وجهتها إسرائيل إلى القوات الجوية المصرية فى السابع من أكتوبر 1973 ليفشل العدو فى لمس أى مقاتلة مصرية أو تدميرها على الأرض، مثلما كان الحال وقت «النكسة»، وذلك فى الوقت الذى حققت فيه قواتنا الجوية أكثر من 95% من أهداف ضربتها التى مهدت للعبور، واسترداد الأرض التى اغتصبتها إسرائيل.
■ بدأت الحرب ضد إسرائيل مبكراً حتى تمكنت من أن تكون أول طيار مصرى يسقط طائرة ميراج إسرائيلية.. ما ذكرياتك فى هذا الأمر؟
- فى 5 يونيو 1967، كنت مقاتلاً فى سرب مقاتلات ليلية من طراز ميج 21 إف إل فى قاعدة إنشاص الجوية، ونجحت إسرائيل فى تدمير طائراتنا على الأرض، نظراً لعدم وجود أجهزة رادار كافية لتنذرنا قبل هجوم العدو، وإلا كنا أقلعنا وواجهناهم، لأن استقلال الطائرة والإقلاع بها يستغرق نحو 3 دقائق فقط، لكنهم دخلوا ودمروا الطائرات بقنابل الممرات، وحينها وجدت ممراً فرعياً سليماً ولم يتأثر من الهجوم، وكان طوله نحو 900 متر، وكان لدينا عدد من الطائرات بين الشجر الكثيف هناك الذى لم يتضرر من الهجوم، واتصلت بالفنيين ليجهزوا طائرة كان يوجد بها صاروخان موجهان، لأنجح فى الإقلاع، وإسقاط قائد تشكيل طائرة ميراج.
اللواء نبيل شكرى يكشف أسراراً جديدة فى «معركة التحرير»: موقعة استعادت بها مصر قدسية سمائها
وكانت تلك أول طائرة إسرائيلية نسقطها بواسطة طيار من قواتنا الجوية.
■ وما كان حالكم بعد هذا الهجوم؟
- على نقيض ما قد تتصوره، لم تتدمر روحنا المعنوية بل أصبح لدينا حافز لنتدرب ونتجهز لـ«رد الكرامة والاعتبار»، وبدأت قواتنا الجوية فى التجهيز لحرب أكتوبر عقب وقف إطلاق النار فى 9 أو 10 يونيو.
■ وكيف خضت حرب أكتوبر؟
- كنت قائد لواء مقاتل بالقوات الجوية، وكان قائدى المباشر بحكم منصبى قائد القوات الجوية ذاته اللواء محمد حسنى مبارك.
■ سمعنا حديثاً حول عدم وجود دور لـ«مبارك» فى الحرب، فبحكم قيادته لك، كيف كان الأمر؟
- لا، فالرجل كان له دور قوى فى الحرب، وكان هو واللواء صلاح المناوى، رئيس شعبة عمليات القوات الجوية، من وضعا خطة القوات الجوية بالحرب لتُعرض على قيادة القوات المسلحة ويتم التصديق عليها.
منظومة الإنذار مكنت طائراتنا المقاتلة من التصدى لهم.. واتخاذ «الدفاع الجوى» «وضع الاشتباك».. وهاجمونا بنحو 12 طائرة لكل مطار
■ وهل وجه «مبارك» لكم حديثاً قبل الحرب؟
- قبل بدء الحرب قال لنا قائد القوات الجوية إن كل قائد لواء منا عليه تنفيذ الخطة الموضوعة له، ولكن حال وجود حالة طارئة فعليه أن يتخذ الإجراء الذى يراه سليماً، فإذا جاء بالنتيجة المرجوة «يبقى أهلاً وسهلاً»، ولو كان قراره خاطئاً؛ فأنا الذى سأتحمل المسئولية، فالرجل كان مسئولاً عنا ويؤيدنا، و«اللواء المناوى» كان يقوم بمجهود كبير جداً.
وقبل الحرب أعطانا اللواء صلاح المناوى ظرفاً مغلقاً به موعد الحرب، وذهبت لمركز القيادة لأبلغ قائد ثانى اللواء، وقبيل الحرب بنصف ساعة فقط وزعت بياناً على اللواء الذى أقوده بأن الحرب بدأت، ليأتينى الرد عبر أجهزة التواصل بيننا بقول واحد «الله أكبر»، وهى الكلمة التى «رجت» مركز قياداتنا.
■ بحكم كون «مبارك» قائدك المباشر وقت الحرب.. كيف كان أداؤه فى فترة الحرب؟
- كان يقوم بواجباته كقائد للقوات الجوية، ويعمل على رفع روحنا المعنوية باستمرار.
■ وكيف استقبلتم نبأ وفاة شقيق الرئيس السادات؟
- الشهيد عاطف السادات كان مقاتلاً فى إحدى طائرات السوخوى القاذفة، وكان يطير معه حينها قائده، لكن تم إسقاطه بـ«المدفعية»، وهو طيار عادى ضمن طيارى القوات الجوية، ولم يكن مميزاً لكونه شقيق رئيس الجمهورية.
مصر امتلكت 30 راداراً فقط عام 67.. وفى أكتوبر كان هناك 300 رادار ونقاط مراقبة بـ«النظر»
■ وهل هناك أحد المواقف التى لا تنساها من الحرب؟
- كان لدىَّ نقيب طيار يُدعى بهاء فريد، وكانت زوجته فى حالة وضع وقت الحرب، واتصلوا به ليقولوا إن وضعها صعب ليبلغنى لأقول له إنى «مقدرش أديك إذن بالنزول»، وتحدثت مع اللواء حسنى مبارك ليقول لى «نزله فوراً»، وحينما جىء بالطيار أخبرته ليرد علىَّ: «لا يا فندم.. مش هنزل وأسيب الحرب» لأبلغ «مبارك» ليوجه أطباء ليعتنوا بزوجة الطيار «أكتر من لو كان هو نزل بنفسه».
■ وماذا حدث فى مجريات الحرب حينها؟
- مرت الحرب بالمجريات التى ذكرها القادة والتاريخ، ومُنحت عقب الحرب وسام النجمة العسكرية من الرئيس السادات، وكانت تلك المرة الثانية الذى أُمنح فيها هذا الوسام بعدما أخذته من الرئيس جمال عبدالناصر بعدما أسقطت طائرة الميراج.
■ لكن القوات الجوية الإسرائيلية تمثل نقطة تفوق لها، فلماذا لم ترد على ضربتنا الجوية أو تهاجمكم مثلما حدث فى «النكسة»!
- يبتسم ليرد: «هقولك حاجة قليل قوى اللى يعرفها.. إسرائيل قامت بضربة جوية شاملة ضد قواتنا الجوية صباح 7 أكتوبر 1973».
■ وماذا حدث حينها؟
- استخدمت إسرائيل قواتها الجوية لتوجه ضربة شاملة ضد القوات الجوية المصرية، لكنهم لم يستطيعوا أن يضربوا طائرة على الأرض أو ممراً أو دشماً أو حتى مقاتلاً بل خسروا طائرات لهم.
■ وما كان شكل هذا الهجوم؟
- هاجموا كل مطار بعدد من 8 إلى 12 طائرة، لكننا تصدينا لهم عبر الطائرات المقاتلة، والدفاع السلبى الموجود فى المطارات.
■ كانوا يريدون تكرار ما حدث فى «النكسة»، لكن ما سبب تفوقنا تلك المرة عما حدث من قبل؟
- سبب ضرب طائراتنا على الأرض كان منظومة الإنذار المبكر وقتها، فكان لدينا 30 جهاز رادار فقط على مستوى الجمهورية، أما فى حرب أكتوبر فكانت 300 جهاز، كما أن قوات الدفاع الجوى نجحت فى إقامة نقاط مراقبة بالنظر، وكانت تُبلغ مركز قيادة المقاتلات حال اختراق طائرات العدو مجالنا الجوى، وتلك الطائرات كُشفت منذ اقترابها من الحدود، لينجح «الدفاع الجوى» فى أخذ وضع الاشتباك، ولنطير لنتصدى لهم، ولم يتحدث أحد عن تلك الضربة حتى الإسرائيليين أنفسهم.
■ ولماذا لم تعلن من قبل تفاصيلها؟
- القادة الذين تحدثوا عن الحرب لم يتحدثوا عنها.
■ ذكرت أن الإسرائيليين خسروا طائرات فى تلك الضربة، فكم تقدر؟
- لا أستطيع أن أحصر الإجمالى، لكن ما أقوله لك أنهم لم يحققوا «واحد على مية» من هدفهم من تلك الضربة، وأنا حين أتحدث عن تلك الضرب «مابكدبش ولا أعرف يعنى إيه كدب، أنا بتكلم بكل صراحة، وهما مالمسوش جندى أو ضابط أو طيارة على الأرض، فأنا أعلم أن الإسرائيليين سيقرأون هذا الحديث، ولو رغبوا فى تكذيبه أو الرد علىَّ فأنا موجود»، وأذكر أن الرئيس مبارك كان سعيداً بنجاح ضربتنا، وفشل ضربتهم.