فى ظل أعداد كبيرة من المرشحين غير المعروفين وصلت إلى 64 مرشحاً فى بعض الدوائر الانتخابية، وفى ظل حالة من التخفى مارسها المرشحون «الفردى» من المنتمين لأحزاب «الحرية والعدالة»، و«النور»، والموالين لتلك الفئة من تجار الدين والفاسدين لخداع المواطن البسيط والحصول على صوته، وفى ظل حالة من الارتباك والحيرة أصابتنا جميعاً قبل بدء المرحلة الأولى من الانتخابات لعدم معرفة الناس بوجوه المرشحين أو انتماءاتهم أو مدى صلاحيتهم، وفى ظل تقاعس أحزاب تدعى ممارسة السياسة عن شرح وتوعية المواطن بالمرشحين والعملية الانتخابية، وفى ظل تضارب المعلومات على مواقع التواصل الاجتماعى التى اعتمد الناس عليها لمعرفة خلفيات المرشحين فى قوائم الفردى. فى ظل كل تلك الصورة غير واضحة المعالم والتفاصيل، أكرر طلبى من اللجنة العليا للانتخابات بل أتوسل إليهم لتلافى تلك المأساة فى المرحلة الثانية من الانتخابات حتى لا نكرر حيرة الناس التى تسببت فى تقاعس الكثير منهم عن الإدلاء بصوته خوفاً من منحه لفاسدين أو إخوان أو سلفيين سواء كانوا منتمين لحزب النور أو من خارجه.
يا سادة يا أفاضل فى اللجنة العليا للانتخابات أرجوكم أن تطلبوا من كل المرشحين فى المرحلة الثانية كتابة سيرتهم الذاتية وانتمائهم الحزبى وتاريخهم فى العمل السياسى والعام إن وجد وفى سطور موجزة لا تزيد على صفحة واحدة. وأن يضعوا تلك السيرة على الموقع الخاص باللجنة العليا للانتخابات على الإنترنت ليعرف الناس مرشحيهم، ويكون لهم الحكم عليهم. أتوسل إليكم أن تنقذوا المرحلة الثانية من لغط المتاجرين والمزايدين، وألا تتركوا المواطن فى حيرة تدفعه للاختيار الخاطئ أو عدم الذهاب للانتخابات التى يعتبرها الكثيرون منا أمانة سيسألنا عليها مالك الملكوت يوم العرض عليه.
سيرة ذاتية للمرشح بما فعل فى الأيام السابقة ومؤهلاته وانتمائه الحزبى والسياسى ونشاطه العام تكفينا شر سؤال اللئيم والمخادع والمتخفى من فساد وخيانة فى عباءة الدين أو الترشح المستقل. أتوسل إليكم أن تفعلوها اليوم للمرحلة الثانية، وهى خدمة لوطن قبل أن تكون لمواطن. ويشترط فيها الدقة والصحة وتعرض صاحبها للمساءلة والعقاب الذى يصل لحد الشطب من عضوية البرلمان لو نجح فى دخوله ببيانات كاذبة. نعم سيرة ذاتية تشترط الصدق والأمانة وإلا استبعد صاحبها من الانتخابات.
وليس عيباً أن نتدارك أخطاءنا، أو ما سهونا عن فعله. فمصر تستحق التعديل والضبط والإجادة. دعونى أخبركم بما حدث معى حينما انهالت التساؤلات على عبر الهاتف وصفحتى على الفيس بوك من كل محافظات مصر تسأل جميعها سؤالاً واحداً كل فى دائرته: «من ننتخب ومن نمنح أصواتنا؟» جميعها تتحدث عن خوف أصاب أصحابها من الاختيار الخاطئ وتكرار مأساة الانتخابات الماضية فى برلمان قندهار، الذى أسس له الإخوان والسلفيون وأعوانهم عام 2012.
ونزيد أن الخوف لم يكن من تجار الدين وحدهم، بل أيضاً من تجار الأوطان من الذين تاجروا بنا فى كل مرحلة وعاشوا على موائد أصحاب النفوذ بها متنقلين من مائدة إلى أخرى وهم ما زالوا يرفعون اسم «مصر». ويتخفون هم أيضاً تحت شعارات الوطنية والانتماء والترشح الفردى بأموال يُغدقونها فى اللجان التى ينتشرون فيها كالجراد طامعين فى نهب المزيد من النفوذ والثروة. ولذا كان من الطبيعى أن تصيب بعض الدوائر كدائرة الدقى والعجوزة -على سبيل المثال- المواطنين فيها بالغثيان والقلق اللذين وصلا لحد إعلان مقاطعة التصويت.
السادة الأفاضل فى اللجنة العليا للانتخابات.. فى زمن نقول عنه إنه حمل لنا حروب الجيل الرابع المؤسسة على التلاعب بالمعلومات وإخفاء الصحيح منها ونشر الشائعات وتضليل المواطن، وفى زمن اختلط فيه الحابل بالنابل باسم الوطنية، وارتدت فيه شياطين الإنس عباءات التدين لصالح الدنيا، تصبح المعلومة الصحيحة فرضاً للمواطن إن أردنا حماية الوطن.
ولا تعتمدوا على أحزاب وسياسيين ونخبة صدقت كلماتها وأدمنت وقعها فى نفوسهم هم، لا فى مدى تأثيرها على الجماهير، فغابوا عن ساحة وعى المواطن فتصارعوا على المصالح والمكاسب الخاصة دون أن يدركوا مصالح الوطن فى تلك اللحظات الحاسمة التى نحياها وحاجة المواطن للفهم والمشاركة الجادة من خلال برامج كان من المفترض أن تطرحها تلك الأحزاب المسماة بالسياسية.
ولا تعتمدوا على تحالفات وكيانات نسيت عند تحالفها أهمية تعريف أعضائها للمواطنين واختيار دماء شابة نقية يختفى منها المرتزقة وأتباع الأسياد أياً كان السيد. ولا تعتمدوا على الإعلام، فهو مشغول لرأسه فى مصالح تثبيت النفوذ وتمدد العلاقات واستعراض العضلات وادعاء المعرفة فى صياح وضجيج لا يتوقف، مدعياً المهنية والحياد والفهم وحماية مصالح الوطن الذى قارب على إعلان ملله منا جميعاً. ولا تعتمدوا على المواطن ذاته فليس من ثقافته الانتخابات ولا أسئلة الاختيارات مفضلاً عليها إدمان النقد على صفحات التواصل الاجتماعى والمقاهى، ولعن الحكومة وأيامها وسياساتها والشكوى من كل صغيرة وكبيرة فى البلد، فتكاسل حتى عن حماية حقه وممارسة سلطاته ونفوذه الدستورى ولو لمرة واحدة كل أربع سنوات، وبات يتساءل عمن يختارهم من مرشحين فى دائرته.
ولكل هذا أتوسل إليكم أن تضعوا سيرة ذاتية لكل مرشح فى المرحلة الثانية بانتمائه السياسى وما سبق له القيام به قبل بداية انتخابات المرحلة الثانية، لعلكم ولعلنا ننقذ ما نستطيع إنقاذه.