حكايات شباب من تصفح المواقع الإباحية إلى إدمانها.. والعلاج «حرر نفسك»
حكايات شباب من تصفح المواقع الإباحية إلى إدمانها.. والعلاج «حرر نفسك»
صورة أرشيفية
عندما أعلنت شركة بريطانية متخصصة فى تكنولوجيا المعلومات أن مصر ثانى دولة عربية استهلاكاً لهذا النوع من المواقع بعد العراق، الأمر ببساطة يتعلق بشريحة كبيرة يمرون فى البداية عبر مواقع الأفلام الجنسية بغرض التعرف على العالم الآخر، ولكنهم دون أن يدركوا يتحولون بمرور الوقت إلى مدمنين لها.. كلمات لخص بها أحد أطباء علم النفس ما حدث للعديد من الشباب، بعضهم تدارك مشكلته وبحث عن رحلة العلاج من هذا النوع من الإدمان، والبعض الآخر ما زال يتابع ولا يعرف أنه كالمخدرات سيحتاج يوماً لفترة علاج طويلة كى يشفى منها، فى أحد مراكز علاج مدمنى المواقع الإباحية قابلت «أصحاب» شباباً تعافوا وآخرين ما زالوا فى مرحلة العلاج.
«منير» 8 ساعات يومياً حولته إلى «مدمن».. و«أسماء» 10 سنوات مشاهدة فيديوهات انتهى أثرها فى 40 جلسة نفسية
«البداية كانت من السايبر لما صاحبى جر رجلى من اللعب للأفلام» طريق سلكه «م. منير» طالب بكلية الطب، وكانت تلك بداية قصته التى حكاها مع أحد أطباء العلاج النفسى فقال «البداية كنت فى الإعدادية وقتها قابلت واحد صاحبى وقعدنا على نت كافيه نلعب، وماكنتش عارف هنعمل إيه، بعد كده لقيت صاحبى قالى هفرجك على حاجة هتعجبك، وبالفعل دخلنى على أحد المواقع الجنسية، ومن وقتها بقيت متابع جيد جداً للنوع ده من المواقع، بصديقى أو من غيره، 12 سنة باتفرج على أفلام إباحية، أصبحت جزء من حياتى زى ما الفيس بوك جزء من حياتنا كلنا دلوقتى، ولما دخلت الكلية أصبحت منطوى تماماً بعيد عن أصحابى حتى أستطيع أن أعزل نفسى أحياناً فى غرفة التدريب على العمليات لمشاهدة كل فيلم جديد».
أكثر من 8 ساعات يومياً يجلسها «منير» لمتابعة المواقع الإباحية جعلته يشعر أنه فى خطر، فتوجه إلى أسرته وحكى لهم ما حدث فى محاولة للبحث عن حلول، فكان ردهم «بكرة لما تتجوز هتبعد عن كل ده»، كلمات لم تقنع الشاب العشرينى
وقال «بدأت أواظب على الصلاة، ولكن فى الوقت نفسه لم أتوقف عن المتابعة، بات الأمر صعباً حتى وجدت إعلاناً لأحد المراكز لعلاج هذا النوع من الإدمان، وتواصلت معهم بالفعل وبدأت جلسات العلاج بالقراءة والفضفضة والجلسات الجماعية وغيرها من الطرق التى واظبت عليها 3 شهور وما زلت أتابع، ولكن الآن أشعر وكأنى ولدت من جديد».
المشكلة ليست متعلقة بالأولاد فقط، ففى أحد المراكز جلست «أسماء. ن» 20 سنة فى انتظار دورها فى العلاج وحكت قصتها قائلة «عمى كان أول حد يجيب كمبيوتر فى عيلتنا، وأنا فى إعدادى كنت بلعب عليه كتير، وفى مرة بعمل بحث على جوجل وكتبت حروف غلط طلعلى موقع مش مظبوط، الفضول خلانى أتفرج عليه وأتابعه، ومن وقتها أشوف أى حجة عشان أطلع لعمى اللى ساكن فوق شقتنا وأتفرج على المواقع دى، لما وصلت ثانوية عامة ومع النت والتليفونات الأندرويد لقيت ناس معايا فى الفصل متابعة للأفلام الجنسية، بمرور الوقت بقيت أحس إنى ناقصنى حاجة مهمة لو عدى عليا كام ساعة من غير ما أشوف فيلم أو مقطع فيديو، وقتها حسيت إنى خلاص أدمنت اللعبة ومش هسيبها، حاولت أقرب من ربنا وأستغل شهر رمضان مثلاً عشان أبعد ماقدرتش».
40 يوماً الآن مرت على «أسماء» دون أن تشاهد أى موقع غير لائق -على حد قولها- خلالها جربت عدة طرق للعلاج وقالت «الدكتور تفهم وضعى وإنى مكسوفة أواجهه فبدأ رحلة علاج تليفونياً شرح لى فيها خطورة الأفلام دى على حياتى ومستقبلى وبدأ يصف حالتى النفسية بالضبط زى ما أنا عايشاها، بدأت أسجل مكالماته عشان لو ضعفت أسمعها وأرجع كويسة، ودلوقتى حاسة إنى أحسن وعشان كده مبقاش عندى مشكلة آجى وأسمع بنفسى نصائح الثبات على العلاج».
لظروف خاصة به تأخر «طارق. م» عن الزواج حتى بلغ سن 29، بات يجد لذته الوحيدة فى متابعة المواقع الإباحية يومياً، يعمل بالنهار ويخرج مع أصدقائه، وفى الليل لا يقدر على النوم قبل متابعة عدة أفلام حتى شروق شمس اليوم التالى وقال «كنت شايف أن ده من حقى لأنى مش ملاك لا أنا قادر أتجوز ولا قادر أصاحب، طب على الأقل أعيش حياتى بشكل يرضى شهوتى زى غيرى من الشباب، حاولت كتير أبطل وأمنع نفسى بالنوم، أوقات نجحت وأوقات كتير فشلت، أصبت بداء الأرق فأصبح الأمر أصعب، لم أعد قادراً على التركيز فى عملى، ومعاملتى لأهلى تسوء يوماً بعد يوم، وجدت موقعاً لدكتور يحمل شعار (حرر نفسك من الإباحية) تواصلت معه منذ 10 أشهر، وبجلسات استماعية وطريقة علاج مختلفة تم علاجى بالتدريج من قلة المشاهدة حتى توقفها تماماً».
قال الدكتور محمد السيد، صاحب أول مبادرة لإنشاء مركز متخصص لعلاج الشباب من إدمان المواقع الإباحية «إن إدمان هذه المواقع لا يقل خطراً عن إدمان المخدرات، الأمر الذى دفعنى للبحث فى تلك المشكلة على مستوى مصر والعالم العربى، بدأت العمل على الفكرة بموقع للعلاج أون لاين، وكانت المفاجأة وجود أكثر من 3000 مشترك يومياً، بدأت أتواصل معهم بالفعل وهناك حالات تم شفاؤها تماماً وتأكدت بنفسى من ذلك».
وأضاف الدكتور «محمد» أن أعداد المتواصلين معه يومياً بشكل خاص أكبر من ذلك، وأشار إلى أن بداية الإدمان تأتى من مثلث الخطر الذى يتكون من «الوحدة + سهولة الوصول للمواقع + المجانية»، وأوضح أنه يقدم دورة تعافى تتمثل فى 90 يوماً فى أربع مراحل، بدايتها الفهم ومعرفة كيف تؤثر هذه الأفلام والمواقع على العلاقات، ثم معرفة كيفية الإقلاع عنها من خلال معلومات مخيفة عن مصير المتابعين لها بطريقة «التخويف»، ثم «إعمال العقل» وهو مفتاح النجاح على المدى الطويل وتعلم أدوات يحتاجها المريض للتخلى عن الإباحية ومنع دماغه اللاواعى والعاطفى من التحكم فى أفعاله، أما الخطوة الأخير هى إعادة تشكيل المسارات العصبية والاستبدال لأن مدمن الإباحية لديه مسارات دافعة قوية نحو الإباحية تكمن فى الشهوة».