«مجدى» نجا من مراكب الموت مرة.. ومات فى المحاولة الثانية
«مجدى» نجا من مراكب الموت مرة.. ومات فى المحاولة الثانية
الضحية
لم يتبقَّ من أحلام مجدى سوى مشهد جنائزى مهيب اختلطت فيه الدموع بالآلام أثناء تشييع جثمانه لمقابر العائلة، بدا خلاله والده، شارد الذهن، فاقد الوعى غائباً عن الدنيا، غير مدرك لما يدور حوله، حزناً على وفاة نجله الذى كان يسعى بكل جهد لمساعدته فى تحقيق أحلامه، وراح الأب العجوز يجهش بالبكاء الشديد، حتى خارت قواه وهو يردد عبارة «عوضى عليك يا رب»، فيما انخرطت والدته المُسنة، حسرة على شباب نجلها، مكتفية بعبارة «رحت فى شربة ميه يا نور عينى».
الأهالى: السماسرة يستقطبون الشباب أقل من 16 سنة للهجرة غير الشرعية بإرسالهم إلى إيطاليا على أنهم سوريون
وكانت قرية «العيون» التابعة لمركز إيتاى البارود بمحافظة البحيرة عاشت حالة من الحزن بين أهالى القرية إثر مصرع أحد شبابها غرقاً بالقرب من ساحل مدينة إدكو، أثناء استقلاله، برفقة 12 آخرين، مركب هجرة غير شرعية، فى طريقهم إلى إيطاليا، بحثاً عن فرصة عمل، بعد أن ضاقت به سبل العيش فى بلاده، وأكد عدد من الأهالى أن الضحية، ويُدعى مجدى محمود عبدالوهاب، 32 عاماً، نجا من الموت العام الماضى، لكنه أصر على السفر مجدداً، حتى لقى مصرعه غرقاً. وحمّل بدير عبدالبارى، محام، وأحد أهالى القرية، المسئولين مسئولية مصرع «مجدى» غرقاً فى مياه البحر، وأشار إلى أن السماسرة رفضوا سفره لكبر سنه، وأكد أنهم بدأوا يتبعون نمطاً جديداً، حيث يستقطبون الشباب أقل من 16 عاماً، ممن لا يحملون بطاقات هوياتهم لإرسالهم إلى إيطاليا على أنهم سوريون. يُذكر أن الضحية نجا من الموت غرقاً العام الماضى، حينما استقل إحدى مراكب الهجرة غير الشرعية من الإسكندرية إلى دولة إيطاليا، إلا أنه عاود المحاولة مرة أخرى هذا العام، لتكون النهاية المؤلمة والقاسية له وعلى أسرته، بمصرعه فى عرض البحر، بعد أن انقلب المركب بهم.
«كان شاب زى الفل، بيدوّر على حياته، زى كتير غيره من الشباب اللى مش لاقيين شغل، ومش عارفين يعيشوا فى بلدهم، فاتجهوا للسفر عن طريق البحر، عشان يروح ضحية فى غمضة عين»، عبارات مؤلمة رددها أهالى القرية، معبرين عن حزنهم لفقد أحد الشباب فى رحلات الهجرة غير الشرعية. ظل «مجدى» يحلم على مدار سنوات متواصلة، بالسفر والاستقرار فى إحدى دول أوروبا، وتحديداً فى إيطاليا، التى صار السفر إليها حلماً يغازله فى أحلامه ويقظته، ما دفعه إلى أن يغامر بحياته أكثر من مرة طيلة السنوات السابقة، حتى كانت لحظة القدر التى كتبت فصول النهاية فى عرض البحر بالقرب من شاطئ مدينة إدكو.