ما يلقى على الدولة من داخل الدولة أشد شراسة ودماراً من أعدائها المعلومين والمجهولين والطابور الخامس الذى يبدع كعميل تجنده دول ومصالح أخرى. فى الدولة طابور سادس يهندس الفساد والجهل والإهمال هم أعداء الدولة من داخل الدولة، وهذا الطابور يعيش أروع تجلياته منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن، ويضم هذا الطابور فرقاً غير متناغمة ولكنها جميعاً تنتمى إلى سلالة عريقة من البيروقراطية والفساد والجهل، ولأصحابها نفوذ فى التأثير والتدمير، خاصة أن الدولة منذ 25 يناير هى أشبه بمريض أجريت له عملية قلب مفتوح وما زال فى غرفة الإنعاش بلا مناعة، وبالتالى فأمراض الجهاز الإدارى بتنويعاته طفحت ببشاعة لأنها تنخر فى جسد عليل لا يمتلك مقدرة ولا قدرة على المقاومة. الطابور السادس صخرة تتحطم عليها أى سياسات حكومية وتتحطم معها القدرة على تنفيذ أى قانون أو فرض أى نظام، فكل المحاولات ستبقى فى حكم العدم أو الفشل ليبقى التعثر هو القاعدة والإنجاز استثناء، طالما بقى هذا الطابور على جهله أو على فساده ولا ينظر إلا لمصلحته الخاصة ولا يرى سوى ذاته، وفى قمة هذا الطابور قوانين وتشريعات فقدت صلاحيتها وأصبحت معوقة ومهينة، قوانين لا تقيم العدل بل تهدمه، وبعض القضاة المُأخونة قلوبهم واتجاهاتهم وأفكارهم كأفكار العامة من الناس، بعض رجال الدين الذين لا يملكون سوى تصدير كذبة كبرى وهى أنهم حماة الدين بل هم الدين نفسه، بعض المنصات الإعلامية التى تروج الكذبة بطريقة أخرى باعتبارهم رجال الدولة، وبعض الممارسات الأمنية التى تفسد وبجدارة البطولات التى يقوم بها الأمن والتضحيات التى يقدمها، وفى قاعدة هذا الطابور يأتى الموظف الذى لو كانت هناك إحصائية دقيقة تكشف نسبة كفاءته ونسبة إنتاجه مقارنة بنسبة فساده وارتفاعه عن أداء عمله والتزامه لكانت النتيجة فضيحة مدوية، وليتنا نمتلك هذه الإحصائيات بدقة فربما كانت مرآة أمام ضمير الموظفين وهم يطالبون بحقوقهم.
الوطن أو الدولة على موعد دائم مع الخسارة الفادحة بهذا الأداء الذى يفصح عن خلطة تنفجر فى نفسه، وكأن هذا المجتمع يلهث نحو الانتحار الجماعى، نحن نخسر أيضاً فى ظل عدم الوضوح وعدم إشباع الحاجة للإجابات، وكما تخسر الدولة بسبب تشكيلات فرق الطابور السادس فهى تخسر أيضاً حلفاء وجبهات وقطاعات من الظهير الشعبى، فلكل إدارة سياسية داعمون وخصوم وبينها كتلة تسمى فى الرأى العام الكتلة العائمة، وهى الأغلبية التى تتحرك فى إطار الاحتياج والمصالح ومع فقدان الاطمئنان والغموض فالمؤكد أن قطاعات من هذه الكتلة تتحرك فى الاتجاه المعاكس غارقة فى إحباطها، الكتل العائمة هى التى أنقذت مصر من السقوط وهى التى أفسدت وأنهت مؤامرة حكم الإخوان وتفتيت الدولة، هذه الكتلة الشعبية المصرية هى من ألقت الفزع فى قلب الولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا وقطر وأصابت هؤلاء الحلفاء بالفشل لفكرة حكم المتأسلمين وسقوط الإخوان، الفزع من هذه الكتلة هو الذى منع الولايات المتحدة ومن معها من حلفاء ورعايا فى اتخاذ خطوات غبية كالتدخل السافر كما حدث فى بلاد أخرى، إنه الخوف من الشعب المصرى وليس من الجيش والنظام السياسى، الشعب المصرى كان الرادع الحقيقى لنوايا ورغبات الولايات المتحدة وأذرعها، ولكن سيدة العالم بكل ما تمتلك من أذرع وقوة تعود الآن بخطة جديدة للعب على هذا الشعب وليس على النظام، فهى تريد تفكيكه عن طريق التشكيك المستمر وترسيخ حالة العتمة والإحباط وللأسف ثوب الدولة المصرية به ثقوب كثيرة وأغلبها متوارث وتركة ثقيلة ويمكن النفاذ منها بسهولة، وأهم هذه الثقوب الآن وجود هذا الفريق داخل الدولة، والآن وصلنا إلى أعلى تجليات حالة الهوس والأداء الهستيرى للشعب والنخب ولتشكيل هذا الفريق، وأصبح ما يحدث من هوس فى القول والفعل أسلوب حياة، خاصة أن العنف دخل على المشهد المصرى كعنصر إضافى منذ خمس سنوات، وأصبحت المأساة تتحدث عن نفسها وقد تجاوزت هذه الحالة مراحل الرفض والعنف والقبول والتأييد، والإسقاط أو الدماء، ولكن الهستيريا أصبحت جامحة وعمليات الإصلاح تصبح فى حالة بؤس عميق أمام هذه الحالة، الطابور السادس يمنح الطابور الخامس قبلة الحياة المتجددة وبينهم وطن يبحث عن الخلاص، لا بد أن يتبنى الرئيس نظرية ثورية فى بناء الدولة، لأن الثورة ليست مظاهرات أو أفعال عنف دائماً، بل فكر وأداء وحلول إبداعية، ثورة حراك اجتماعى إيجابى، ثورات البناء تبدأ بعقول وآليات مبدعة ونظريات ثورية فكراً وفعلاً، لا بد من فتح الأبواب لكل من يملك الحلول والبحث عن المبدعين المصريين فى الداخل والخارج، وعندما يفتح هذا الباب سيجتذب مبدعين، فكما أن الفشل والجمود والإحباط عدوى فالتقدم والنهوض والرقى والبناء عدوى.
سيادة الرئيس إنقاذ الوطن وإنقاذ الدولة من التفكيك يحتاج هذه الثورة الآن، ويحتاج التطهر من كل الأحقاد والأفكار والممارسات التى تطعن الوطن، كل من يقدم خسارة للوطن يجب إحالته إلى التقاعد.