فجأة هاجت الدنيا على خيرى رمضان بسبب «مقطع» فيديو لأحد ضيوفه يهاجم فيه المرأة الصعيدية. مقطع من حلقة عمرها شهرين أو يزيد ظهر فجأة لتروجه «لجان حقيقية» و«مجموعات بعينها» وينجرف لها بعض المتحمسين، ويخصص لها أوقات فى برامج ليشتغل الموضوع فى يومين تلاتة بسبب «مقطع».. مجرد مقطع.. تم الرد على ما قيل فيه فى الحلقة نفسها التى لم يشاهدها أغلب المهاجمين الذين وصلوا لمرحلة تقديم 225 بلاغاً ضد الحلقة والبرنامج من بعض نواب الشعب الذين وجدوا أخيراً طريقهم لركوب الموجة.
وفجأة تم إيقاف البرنامج.
لكن عموماً.. تستاهل يا خيرى رمضان الإيقاف، والحملة «الممنهجة» ضد برنامجك الذى شرفتُ بالعمل فيه حتى أبريل 2015، أى إن مصلحتى فى كتابة أى شىء لصالح البرنامج أو مذيعه منتفية تماماً.
تستاهل يا خيرى رمضان لأنك لم تحرض فى برنامجك على قتل الإخوان وإقصاء المعارضين، أو تخصصه منصة تشويه شخصى وتصفية حسابات وإعطاء صكوك الوطنية لمن هم على هواك.
تستاهل يا خيرى رمضان لأنك لم تستضف مدعى ألوهية يقول ما يقوله عن رب العزة، فتتركه يقول ما يريد، ثم تنتفض وتطرده حين يهاجم رئيس الدولة.
تستاهل يا خيرى رمضان لأنك لم تذع تسريبات، وتنتهك حرمة الحياة الخاصة للناس، فمن يعرف، لو كنت أذعتها لربما كان مكانك الآن فى البرلمان، نائباً ملء السمع والبصر.
تستاهل يا خيرى رمضان لأنك لم تؤجر برنامجك ملاكى، أو ربما أجرة، تستاهل يا خيرى رمضان لأنك لم تصنع حلقات تهيج الناس، وتستعين بقائمة المكالمات المحفوظة للضيوف المثيرين للجدل من أجل «تسخين» الحلقة، ودفعها لمرحلة «الخناقة».
تستاهل يا خيرى رمضان لأنك لم تمسك طبلة وصاجات وتتمايل طرباً ورقصاً على إيقاع أخبار الرئيس.
تستاهل يا خيرى لأنك لم تؤجر لجاناً إلكترونية تدفع الحلقة كل مرة لـ«التريند»، وتدافع عنك بالباطل، وتدخل على «السوشيال ميديا» لتملأ الدنيا ضجيجاً وصراخاً مؤكدة أنك «مذيع وطنى» وأنك «فخررررر الإعلام المصرى».
تستاهل يا خيرى رمضان لأنك أحياناً تفتح برنامجك لأصوات مختلفة ليست على هوى أحد، ولأنك تحاول أن تمارس عملك بعيداً عن السبوبة، ولأنك تستضيف الشيوخ الذين يجددون الخطاب الدينى فعلاً وليس قولاً ولم تستضف شيوخ الفتة والمهلبية وأصحاب الفتاوى الشاذة.
تستاهل لأنك تناقش بالحوار، وتخصص مناظرات، وتستمع للجميع بمن فيهم هؤلاء الذين اختلفت معهم، ولأنك لا تشخط فى الناس للدرجة التى تجعلهم يسخرون منك بين الحين والآخر باعتبارك «حنين»، ولأنك لم تطرد ضيفين تلاتة كل شهر لتثبت أنك «حمش» و«جامد» ولا يعجبك الحال المايل. تستاهل لأنك لم «تهبش» فى زملائك الذين خصصوا برامجهم ومواقعهم للهجوم عليك والشماتة فيك رغم أن بيوتهم من زجاج وعبيد «ترافيك» وعلى رأسهم ألف بطحة، بل إن رائحتهم فايحة.
تستاهل يا خيرى رمضان لأنك لم تشتم أو تسب على الهواء أو تهاجم الناس باعتبارهم مابيفهموش، أو تزغطلك دكرين بط، أو تؤكد أنك مفجر ثورات أو تستضيف خبراء استراتيجيين من قهوة المعاشات.
تستاهل يا خيرى رمضان لأنك لم تستضف دجالين ومحضرى أرواح على الهواء، ولم تستضف معالجاً روحانياً أو طبيب ذكورة يتحدث عن الشهوة الجنسية والجماع فى الدبر. تستاهل لأنك لم تهدد ضيوفك بصورهم الشخصية ثم تتمسح فى الحالات الإنسانية التى تعالجها و«تسلط» لجانك للمطالبة بالعودة.
تستاهل يا خيرى رمضان لأن برنامجك قدم «نماذج» مضيئة بين الحين والآخر، فكيف تستضيف طلاب مدرسة ابتدائية فى «قنا» وتكرمهم هم و«الأبلة سناء» مدرستهم التى علمتهم فى موضوعات التعبير كتابة رسايل إلى الله عز وجل، وكيف استضفت قافلة شعاع الخير التى ذهبت لتعمير سيناء أكثر من مرة، وكيف قدمت المناظرة الأفضل بين إسلام بحيرى والحبيب على وأسامة الأزهرى.
عموماً.. إيقافك يا خيرى سيكون عبرة لمن يعتبر. سيصبح الإعلام المصرى بعده قمة المهنية.