أثريون لـ"الوطن": هناك شبهات حول البعثات الأجنبية.. والوزارة تعاني "عقدة الخواجة"
صورة أرشيفية
"عقدة الخواجة" هو السبب الذي يرجعه خبراء أثريون بشأن استعانة وزارة الآثار، ببعثات أجنبية للتنقيب عن الآثار في مصر، على الرغم من وجود شبهات عدة تحوم حول تلك البعثات ومنها تشويه الآثار المصرية. بحسب الخبراء.
وقال الخبير الأثري بسّام الشماع، إنّ مسؤولي وزارة الآثار لديهم "عقدة الخواجة" والتي جعلتهم يفتحون الباب أمام البعثات الأجنبية للتنقيب عن الآثار المصرية، على الرغم من محاولة بعض البعثات سرقة الآثار، مثل عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر والذي دخل مقبرة "توت عنخ أمون" واستعان بأحد الجراحين البريطانيين ويدعى ديري، لمحاولة فك القناع الذهبي للملك توت عنخ أمون، ولم تعاقبهم وزارة الآثار على ما فعلوه بالمومياء.
وأضاف الشماع لـ"الوطن"، أنّ العالم البريطاني نيكولاس ريفز والذي يدّعى بوجود مقبرة "نفرتيتي" داخل مقبرة "توت عنخ أمون"، حضر إلى مصر منذ سنوات طويلة للتنقيب في وادي الملوك، وفي العام 2002 ذكر الدكتور زاهي حواس، أنّ ريفز يعمل على تثمين الآثار المصرية وسحب منه الترخيص وطرده من مصر، وفي العام 2005 أتى العالم الأثري جيفري مارتن يتوسط لعودة ريفز للتنقيب مرة أخرى عن الآثار وتمت الموافقة من خلال اجتماع اللجنة الدائمة لهيئة الآثار المصرية، دون معاقبة ريفز أو توجيه أي تهمة له، وفى عهد وزير الآثار الحالي الدكتور ممدوح الدماطي قدّم نظرية جديدة ليثبت وجود مقبرة للملكة "نفرتيتي" داخل مقبرة "توت عنخ أمون" ودخل ريفز مع وزير الآثار والمسؤولين المقبرة دون ارتداء قفازات في اليد أو ماسكات على الفم.
وتحدى الشماع، وزير الآثار، أن يقيم مؤتمرًا إذا كان عالمًا مصريًا هو مَن قدم تلك النظرية، مشيرًا إلى أنّ العلماء الأثريين المصريين لديهم الكفاءة والقدرة مثل العالم المصري سليم حسن صاحب موسوعة "مصر القديمة"، ويعتبر من أوائل العلماء الذين نقبوا في رمال الجيزة واستخرج آثارًا مهمة، بالإضافة للعالم المصري منصور بريك والذي نقّب في آثار محافظة الأقصر واستخرج العديد من الآثار المهمة.
وذكرت الدكتورة مونيكا حنا أستاذ علم المصريات بالجامعة الأمريكية، أنّ القانون الذي يُنظِّم عمليات التنقيب عن الآثار المصرية عبر البعثات الأجنبية لم يُطبَّق، مشيرة إلى أنّ بعض البعثات الأجنبية يكون ورائها بعض الشبهات مثل بعثة الدومينيكان والتي ترأستها سيدة ادعت خبرتها الأثرية واكتشافها لمقبرة "كليوباترا" بمنطقة برج العرب، واتضح في النهاية أنّها دكتورة أستاذ في التنمية البشرية وليست لها علاقة بالآثار، وتم توقفها عن العمل في العام 2011.
وأضافت حنا لـ"الوطن"، أنّ عمليات التنقيب عن الآثار تتم من خلال عقود موقعة بين البعثة ووزارة الآثار، لافتة إلى أنّ البعثة لم تحصل على قطع أثرية مقابل اكتشافها.
ورأت أن أسباب استقبال مصر للبعثات الأجنبية يرجع إلى "عقد الخواجة" التي تنتاب مسؤولي وزارة الآثار، بالإضافة إلى نقص التمويل الذى تعاني منه الوزارة والعلماء المصريون عكس البعثات الأجنبية والتي تتحمل تكاليف عملية التنقيب.
واتفق معهما الدكتور عماد مهدي عضو اتحاد الأثريين والذي قال إنّ مسؤولي وزارة الآثار يعانون من "عقدة الخواجة" التي تجعلهم يفتحون الباب أمام البعثات الأجنبية للتنقيب في المواقع الأثرية المصرية، مشيرًا إلى أنّه يرحب بعمل البعثات الأجنبية وبما يمتلكونه من تقنيات حديثة ولكن ليس على حساب العلماء المصريين الذين يمتلكون غيرة أكثر على آثارهم و يتم تهميشهم في النهاية.
وأضاف أنّه قبل العام 1983 كانت تحصل البعثات الأجنبية على 50 % من الآثار المكتشفة، وتحدد ما تأخذه، وهو ما تسبب في خروج الكثير من القطع الأثرية النادرة مثل تمثال مهندس الهرم الأكبر وغيره.
وأشار إلى أنّ الحكام السابقين أهدوا الكثير من الآثار المصرية، ويعتبر الوالي محمد على أكثرهم في إهداء الآثار المصرية وأيضًا الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، مؤكدًا أنّ الأثار المصرية إرث الشعب بأكمله وليس الحاكم.
وأوضح أنّ العلماء المصريين أصبحوا يمتلكون الخبرة الكافية لوضع النظريات الجديدة والاكتشافات الجديدة، ولكن لن يتم تقديرهم من قبل الدولة، وضرب مثالًا بنفسه حيث إنّه صاحب نظرية اكتشاف مجمع البحرين بسيناء وتفسير رمز مفتاح الحياة، وحينما التقى وزير الآثار وجد أنّه لم يمتلك أدنى فكرة عن ما اكتشفه، بالإضافة إلى أنّه حينما ألقى ندوة في ساقية الصاوي لم يجد سوى التليفزيون السعودي من يتحدث عن ذلك، ولم يجد أي من الوسائل الإعلام المصرية.
ورأى ضرورة أن تنشئ وزارة الآثار، إدارة للبحث العلمي لتبني أفكار ونظريات الباحثين المصريين، بالإضافة إلى أنّه بعد ما حدث مع تمثال سخم كا كان يجب على وزارة الآثار أن تهدد بوقف البعثات الأجنبية إذا لم تتخذ دول هذه البعثات إجراءات لحماية الآثار.