ما الذى تبقى لنا حلالاً طيباً نعيش به وعليه؟!.. كل شىء بات باطلاً.. وكأن بلدنا تحول إلى «ماخور» كبير، نرتكب فيه كل الموبقات.. الكذب حلال طالما كان يخدم الأهداف والمصالح الخاصة.. دم المصرى حلال إذا سال من «دقن عيرة».. تزوير الإرادة الشعبية فريضة لأنه يرفع «المشروع الخاص» فوق المصلحة العامة.. أحكام القضاء سُنّة غير مؤكدة لا يؤخذ بها فى ميدان الحرب.. والموت جوعاً وفقراً ومرضاً قَدَر مكتوب لا يرده حتى الدعاء!!
يعتقد البعض واهماً أن مصر «بال» فيها الشيطان، فاستحقت دائماً من يحكمها.. ذهب «مبارك» الكافر بشعبه.. وأتى «مرسى» المؤمن بجماعته.. فما الذى يمكن أن نفعله أكثر من ثورة حصدت شباباً فى عمر الزهور؟! أنكفر بالشباب والناس والشارع.. أم نؤمن بأن «الشيطان» حقاً تبوّل فى صحراء مصر، فاستحقت اللعنة؟!.. وفى ذلك نهاية للأمل والحياة..!
أسأل نفسى الآن: لماذا لجأ البعض إلى «الغيبيات» وبول «الشيطان» فى زمن العلم والتقدم.. ولماذا تناسى كثيرون قول الله سبحانه وتعالى «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين» (سورة يوسف الآية 99)؟!.. فى ظنى أن السبب واحد: «العيشة الحرام»..!
نعم، نحن فى «الزمن الحرام».. زمن يحنث فيه رئيس الدولة بيمينه ووعوده أمام الشعب، بينما تنبت فى ذقنه سنة النبى (صلى الله عليه وسلم).. فكيف يصدّق الناس كل من يتحدث من خلف لحية؟!.. زمن بات فيه التكفير أسهل من التفكير.. فكيف تسكن سماحة الإسلام فى نفوس الشباب، وهم يخلطون بين دين عظيم وأناس يتحدثون به وعنه، فيهدمون الثوابت ويزعزعون العقائد؟!.. زمن يكذب فيه من يحكم ويعتلى قمة الدولة، بينما يصرخ الجميع «يا نهار كدب...!!!».. زمن نمتطى فيه «الشريعة الإسلامية» لنصل إلى الحكم ثم ننقلب عليها لأنها ستهز «مقعد الحكم»..! زمن يرى فيه الشاب الذى يتلمس ملامح «دينه» الحنيف رجلاً يقولون إنه «شيخ وداعية» يقول على شاشة التليفزيون «يا روح أمكم.. يا ولاد...»، فلماذا يؤمنون بدين يظنون أن الرجل حجة عليه، ويتحدث بلسانه، ويفتى بشرعه، ويحكم بفقهه؟!
هل عرفتم الآن لماذا يعلن آلاف الشباب عن إلحادهم على شبكة الإنترنت؟!.. هل أدركتم أى خطر يحيق بمصر؟!.. ضعوا كل مشاكلنا وأزماتنا فى «سلة».. وضعوا أزمة الإسلام فى نفوس الأجيال الجديدة فى «سلة».. سترون حتماً مستقبلاً مظلماً.. أبناؤنا تتقاذفهم الأمواج العاتية.. الشك يملأ قلوبهم البريئة.. والواقع الردىء يحطم عقيدتهم.. فأى مكاسب يمكن أن تتحقق لأولئك الذين يمتطون «صهوة الإسلام»، إذا أفاقوا وصحونا فجأة على «جاهلية» جديدة تزحف على أرض مصر البور؟!
قالوا لنا كثيراً «الإسلام هو الحل».. فقلنا «الإسلام هو الحياة».. الإسلام ليس شعاراً نرفعه فى مستنقع «السياسة القذرة».. الإسلام ليس خطبة عصماء فى عقول جاهلة.. ونفوس معذبة.. وبطون خاوية.. الإسلام لمسة حانية على جبهة أُم لا تجد كسرة خبز لصغارها.. الإسلام صدقة فى السر تعز فقيراً ولا تحيله سلعة رخيصة فى «صندوق الانتخابات».. الإسلام روح نفديها حتى لا تراق نقطة دم «حرام».. الإسلام سماحة فى الاختلاف.. عدل فى الحكم.. صدق فى الكلمة والوعد والعهد.. الإسلام قولة حق فى وجه سلطان جائر، وليس قصائد نفاق على «حِجر» حاكم مستبد.. الإسلام ليس جماعة ولا أهل ولا عشيرة تقاتل «جماعة الدين والأرض والجيرة».. الإسلام وطن واحد، وليس «مقطماً» ينظر إلى ما أسفله ومن دونه باحتقار.. الإسلام تحدث عن مصر فى قرآنه باعتبارها «مصر واحدة» وليست أمصاراً يقسّمها «مرسى» بإعلانه الدستورى ومعاداته لكل من لا يسير فى قطيع «جماعته».. الإسلام حب وبناء وإعمار وابتسامة رضا وسلام وأخلاق.. فأين أنتم منه؟!
.. هل عرفتم الآن.. والآن فقط.. لماذا وقعت على استمارة «تمرد»..؟