أشعر بالحزن يسرى تحت جلدى.. يتملكنى إحساس بالخزى لم يراودنى من قبلُ.. وأعرف أن كثيرين منكم مثلى وأكثر.. كيف عشنا طويلاً بين أناس لا يشبهوننا فى شىء، رغم أننا اقتسمنا معهم كل شىء؟.. لماذا يحصدنا الموت المجانى على الأرصفة؟.. كيف يقتل بعضنا البعض دون أن يعرف القاتل اسماً للمقتول أو عنواناً؟!
يموت البسطاء تحت أقدام المتصارعين على السلطة، مع أن أحداً من المخدوعين لم يتوقف لحظة واحدة ليسأل نفسه: لماذا أقتل أخى أو أموت؟ ماذا لو انتصرت أو خسرت؟! هل بمقدورى أن أغرس الإسلام بالدم فى قلوب من أظنهم كفاراً مع أن الله يهدى من يشاء؟ هل فتحت الطريق إلى القدس على أشلاء الجنود المصريين فى رفح.. أم فوق جثث مصريين فى سجن أبوزعبل؟! والأهم من ذلك هل تستحق الدنيا شيئاً مما يحدث؟
والله العظيم إن الدنيا لا تستحق صراعاً على سلطانها، ولا ملكها، ولا كنوزها.. هى دنيا الدناءة.. دنيا الشهوات والبطون و«جرى الوحوش».. فماذا سنأخذ منها ونحن نقف أمام ملك الملوك بأيدٍ ملطخة بالدماء؟ فليأخذ المتقاتلون كراسى الحكم معهم.. فليقل «مرسى» لخالقه: «هذا ملكى وجاهى.. أنا الملك.. أنا الحاكم.. أنا الرئيس.. ولقد حاربت أشقائى من أجله.. فقاتلت دونه وأخذته معى»..!
ليقف واحد ممن يطلقون الرصاص فى الشوارع أمام ملك الملوك.. ثم يقول له: «قالوا لى إن خروجى لأقتل أخى جهاد فى سبيلك.. كنت أرفع راية دينك فوق الرؤوس.. حتى لو قطفت كل الرؤوس.. قالوا لى نحن الإسلام والآخرون كفار.. فقتلتهم.. وسحلتهم.. وحرقتهم.. كنت أقتل جارى وابن أيامى ونبت أرضى لأدخل الجنة.. سألتهم يا ربى: أئن قتلته دخلت الفردوس الأعلى؟ أجابوا: نعم.. وهم مشايخى.. وما كان لى علم سوى علمهم»..!
ليقف المرشد أمام ملك الملوك.. ثم يُخرج الكلمات من طرف لسانه: «أنا المرشد.. أنا الآمر الناهى لأتباعى وأنصارى.. بنظرة واحدة يحرقون، ويقتلون، ويبثون الرعب فى القلوب.. أنا ظلك فى الأرض.. نبيك الجديد.. كنت أحارب خلقك حتى لو كانوا ركّعاً سجداً.. أعرف أنهم يشهدون أنك الواحد الأحد لا إله غيرك وأن محمداً عبدك ورسولك.. لكنهم لم يشهدوا لـ(الإخوان) ومكتب الإرشاد.. والإخوان هم الإسلام»..!
ليقف بعض رجال الأمن أمام ملك الملوك.. ثم يقولون بجرأة السلطة: «كنا نحفظ العباد والبلاد.. كانوا يروّعون الآمنين.. ولم يكن أمامنا سوى الضرب بيد من حديد.. غير أننا أخذنا العاطل فى الباطل.. قتلنا مجرمين.. وقتلنا أبرياء.. ولكن هذا ثمن المواجهة.. وفى سجن أبوزعبل قتلنا 38 سجيناً لأنهم احتجوا على بقائهم فى سيارة الترحيلات 3 ساعات.. قذفنا قنبلة غاز داخل السيارة وأغلقناها.. هكذا تعلمنا فى أروقة الأمن»..!
ليقف قادة «حماس» والإرهاب أمام ملك الملوك.. ثم ينطق أحدهم بصوت الواثق: «نعم.. قتلنا 25 جندياً فى رفح وهم (عزل).. نعم لم نطلق رصاصة واحدة ضد العدو الصهيونى الذى احتل الأرض وانتهك العرض.. كانت حربنا ضد المصريين لنحصل على وطن بديل فى سيناء.. كنا نريد رفع راية الإسلام فوق أرض الولاية والخلافة.. نعرف أن الجنود لا ذنب لهم.. نعرف أنهم مسلمون.. ولكنها السياسة وإرادة الحلفاء فى واشنطن والمقطم وأنقرة والدوحة».. ثم ينظر قادة «حماس» حولهم فلا يجدون أحداً من الحلفاء..!
ليقُل هؤلاء جميعاً إنهم أراقوا الدماء وأزهقوا الأرواح.. أما أنا فأُشهد الله، عز وجل، أننى برىء منهم جميعاً، لهم دينهم ولى دين..!