مقاهى البورصة.. «وقف حال وخراب بيوت»
مع دقات الـ9 مساءً، وسط أجواء مشحونة بالحذر والتوتر، تخلو مقاهى وسط البلد من أى زبائن، لا يشق سكونها سوى بصيص نور شاحب من أعمدة الإنارة، أو «أزيز» محرك سيارة مسرعة فى شوارع ساكنة.
مع بدء ساعات الحظر، تنتهى جلسات السهر التى كانت تكتظ بها مقاهى البورصة الشهيرة حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى، بينما يتولى شاب فى العقد الثالث من العمر يدعى «حسام فخرى»، رص الكراسى فوق بعضها فى مساحة محدودة بجوار عدة طاولات، ومن خلفه زميله «محسن منصور»، الذى يبدأ فى تنظيف أرضية المكان بالماء، وفى داخل المقهى الذى يعلو فيه صوت التلفاز، بأحداث لا تخلو من السياسة وتحديدا خلف «النصبة»، يقف شاب ثالث يتولى إعداد المشروبات، يكتفى بتنظيف الأدوات المستخدمة وكؤوس العصائر والأكواب الزجاجية. هكذا حولت ساعات الحظر المقاهى التى تعمل على مدار 24 ساعة فى منطقة وسط البلد، من أماكن يحتشد فيها رواد المقهى فى أشكال دائرية، يتسامرون ويضحكون بعد يوم عمل شاق إلى مناطق خاوية على عروشها، فى أوقات الذروة التى يتوافد فيها غالبية زبائن المقهى عليها -حسب وليد محمود صاحب أحد المقاهى المجاورة لمبنى الأوراق المالية «البورصة» بوسط البلد- مشيراً إلى أن الخسائر تصل إلى النصف وكلما زادت الأيام التى يفرض فيها الحظر تتفاقم الخسائر، مضيفاً: «ده وقف حال وخراب بيوت».
وعن طبيعة العمل يتحدث صاحب المقهى ذو الـ45 عاما قائلا: «العمل كان مستمرا قبل الحظر على مدار الـ24 ساعة، خصوصاً أننا فى الصيف»، ويشير بسبابته «المكان ده فاتح 12 بيت، وبيصرف على أسرهم اللى أعدادهم قد تتجاوز 3 أضعاف عدد العاملين، نصف العاملين يعمل بالنهار والنصف الآخر يعمل ليلا، وبسبب الحظر أصبح نصفهم يعمل يوما ويأخذ إجازة فى اليوم التالى، حتى أستطيع أن أعطيهم أجرهم اليومى». «محسن منصور»، شاب فى نهاية العقد الثالث من العمر، يعمل «قهوجى» منذ أكثر من 12 عاما، يقول: «بسبب حظر التجول انخفض راتبى إلى النصف، لأننا نعمل باليومية، وبسبب إلغاء وردية الليل»، واصفا فرض حظر التجول الأخير بالأكثر ضررا بالنسبة له ولزملائه، موضحاً أن المسئولين تجاهلوا آلاف العاملين باليومية فى القطاع الخاص، لأنهم غير الموظفين فى الحكومة ولا يوجد لهم مرتبات ثابتة، وينعكس ذلك على التزاماتهم واحتياجات أسرهم.
داخل ممر جانبى متفرع من ميدان الأوبرا خلف مقر فرعى لشركة مصر للطيران، تقبع العديد من المقاهى المتجاورة، بعضها مخصص للاجئين السودانيين، والآخر مقاهٍ شعبية، روادها من العاملين فى أرجاء المكان، وتنهى جميع المقاهى عملها قبل ساعات الحظر، بسبب عزوف رواد المقهى عن الجلوس عليه والانصراف إلى منازلهم قبل بدء ساعات الحظر.
يقول «خالد فتحى» صاحب أحد المقاهى الشعبية: إنه رغم إغلاق المقهى الخاص به وانصراف العاملين به، فإنه لا يتمكن من الذهاب إلى بيته، بسبب الطاولات والكراسى التى يخشى تركها والانصراف حتى لا تتعرض للسرقة.
أخبار متعلقة :
توقف القطارات يرفع أجرة الميكروباص وغلق محطة السادات يخنق «المترو»
«الصيدليات» تعانى بشدة: خسائر فى الأموال.. وربما فى حياة المرضى
الحياة تغيب 9 ساعات فى «رمسيس والجيزة والعتبة»
مقاهى البورصة.. «وقف حال وخراب بيوت»
إلغاء «وردية الليل».. كارثة على السائقين
«الحسين» مغلق لأول مرة.. وأصحاب المحلات يسرّحون العمال
«الوطن » ترصد معاناة «الباحثين عن رزق» فى ساعات الليل ضحايا الحظر