ليست مادة مجلس النواب بالدستور المصرى الأخير الصادر عام ٢٠١٤ حتى بتعديلاته عام ٢٠١٩ وحدها التى تتحدّث عن «القاهرة» عاصمة لجمهورية مصر العربية.. حيث تنص المادة ١١٤ على الآتى: «مقر مجلس النواب مدينة القاهرة.. ويجوز له فى الظروف الاستثنائية عقد جلساته فى مكان آخر، بناءً على طلب رئيس الجمهورية أو ثلث عدد أعضاء المجلس.. واجتماع المجلس على خلاف ذلك وما يصدر عنه من قرارات باطل»!
بل هناك مواد أخرى كثيرة تتحدث صراحة أو ضمناً عن «القاهرة» كعاصمة للبلاد.. مثلاً: المادة ١٩١ التى تتحدّث عن أكبر محاكم البلاد، وهى «الدستورية العليا»، فلم تتناول فقط مع مواد أخرى تحديد دور المحكمة ووظيفتها وتشكيلها ونظامها وعملها وآلياته، بل تنص صراحة، فى سطورها الأولى، على: «المحكمة الدستورية العليا جهة قضائية مستقلة قائمة بذاتها مقرها مدينة القاهرة، ويجوز فى حالة الضرورة انعقادها فى أى مكان آخر داخل البلاد، بموافقة الجمعية العامة للمحكمة.... إلى آخر المادة»!
وخلاف هذه وتلك ينص الدستور صراحة -صراحة هذه المرة بمادة منفردة، وخاصة بتحديد وذكر اسم العاصمة بشكل مباشر- فى مادته ٢٢٢ على أن «مدينة القاهرة عاصمة جمهورية مصر العربية» انتهى نص المادة!
ولا يتوقف الأمر عند الدستور رغم أهميته، بل تقول الجغرافيا والخرائط كلمتها أيضاً، حيث تصف حدود محافظة القاهرة بأنها إلى حدود الجيزة جنوباً والقليوبية شمالاً والسويس شرقاً! بينما تُظهر الخرائط -القديمة والجديدة على السواء- تبعية مدينة بدر وما بعدها للقاهرة!
الخلاصة أن مدينة العاصمة الإدارية وإن كانت مدينة مستقلة كاملة الأركان إدارياً والمرافق بنيوياً، لكنها إدارياً تتبع مدينة القاهرة، مثلها مثل مدن الشروق و١٥ مايو وحلوان، وتماماً كما تتبع مدن ٦ أكتوبر للجيزة والعاشر للشرقية والعبور للقليوبية وهكذا!
السؤال: مَن الذى أطلق موجة الحزن على التواصل الاجتماعى من تغيير «القاهرة» كعاصمة لمصر؟! القاهرة كمسمى تاريخى وليس دوراً ودواوين للإدارة التنفيذية والحكومية التى تتبدل ويحق أن تتبدل وفق الصالح العام!
ضربات البداية فى الحملة كانت فى بعض المصادر غير المصرية -فضائيات وصحف ومواقع- كما لو كانت توجيهاً محدّداً انطلقت بعده الحملة لتقول ما لم يقله أحد، ولم تقله الدولة ولا الحكومة! ولو حدث سيحتاج الأمر إلى تعديل دستورى جرى من قبل، ولم يطلب أحد ذلك! وهو يشير إلى الالتزام بالإجراءات الدستورية عند الحاجة إليها، ولا تتم الأمور هكذا عشوائياً!
علينا أن نفتش عن هذا النوع من الإعلام الشرير القادر كل مرة التشويش على الأحداث الكبرى، بحيث لا يراها البعض ولا يشعر بها البعض الآخر، ولا يتعلم هؤلاء وأولئك ويقعون فى الفخ كل مرة!