هو إحنا رايحين على فين؟ بلاش رايحين على فين، إحنا عايزين إيه؟ كلامى مش موجّه لأصحابى أكيد، أنا كلامى موجّه لينا جميعا كشعب.
فى سنة ٢٠١١، وتحديداً منذ حدوث ثورة يناير، أو منذ لحظة الانفلات الأمنى عشان أكون أكثر دقة.. ماذا حدث؟ خوف فى قلب كل أم وكل أب على ولادهم، رعب فى كل بيت من أى حاجة حتى لو كان صوت لمبة فرقعت فى الشارع، لجان شعبية أمام كل بيت وكل شارع تفادياً لحوادث السرقة والنهب التى كانت تصل إلى القتل، ذعر فى كل مكان.
هكذا كان الوضع ورجعنا ١٠٠٠ سنة لورا، بدأ كل واحد فينا يحمى نفسه وبيته ومنطقته بدماغه أو بأى خبرة اكتسبها أو شافها فى أى مكان، رجعنا للبدائية وأصبحنا نتعامل بالفطرة، وغاب عنا أى ملمح من ملامح الحضارة وأصبحنا نطبق نظرية الثواب والعقاب كل واحد على طريقته، يعنى لو حرامى اتمسك ممكن يتربط فى شجرة واللى رايح واللى جاى يضرب فيه أو يعمل فيه اللى ييجى على باله، حتى لو اللى جه على باله ده كان حاجة من اللى شافها مرة فى فيديو مسرب من أى قسم شرطة زمان واعترض هو نفسه عليه، لكنه فى الوقت الحالى شايف إن اللى بيعمله صح، وفيه ناس تانية ممكن تسيب الحرامى أو المتهم اللى فى إيديهم أياً كانت جريمته لمجرد إنهم حسوا إنه غلبان أو لأنه قدر يخدعهم، بغض النظر عن إنه ممكن بعد ما يمشى من عندهم يعمل مصيبة فى مكان آخر.
كلنا تعبنا أوى فى الفترة دى، مش بس كده دا إحنا عطلنا كمان لأن محدش كان بيروح شغله ولا مدرسته، ومين يقدر والبلد على كف عفريت ومفيهاش لا ظابط ولا رابط، مفيهاش إيه؟ ظابط؟ الله وحشتنى الكلمة دى قوى خصوصاً فى الفترة الملحوسة دى، وحشتنى لدرجة إنى لو كنت شفت ظابط فى الشارع كنت هانزل أبوسه وأقول له إنت فين وسبتنا ليه؟ بغض النظر عن إن شكلى ممكن يكون عامل زى البنت اللى خطيبها سابها بس مكانش عندى مشكلة إنى أعمل كده بس يرجعوا، فعلاً محدش بيحس بقيمة الحاجة اللى معاه إلا لما بتروح منه.
قبل الثورة وقبل الانفلات الأمنى كنا بنشن هجمات إعلامية شديدة ضد الضباط ورجال الشرطة والأجهزة الأمنية لسوء تعاملهم مع المواطنين الشرفاء وكان بيتسربلهم فيديوهات وهما بيعذبوا المواطنين دول، اللى هما نفس المواطنين اللى كنا بنربط منهم ناس فى الشجر ونضرب فيهم مع الشارع كله أيام اللجان الشعبية، وفضلنا نهز فى ثقة الشرطة وضباطها لحد ما أجهدناهم لدرجة إنهم انسحبوا من الشوارع منذ الثورة وتركوا البلد لشعبها، وبعد الانفلات الأمنى وغياب الضباط اتدبسنا فى كل حاجة كانوا هما بيعملوها وشايلينها عننا وحسينا بجد بفقدان الأمن والأمان اللى مكناش حاسين بيه مع إننا كنا عايشينه، فضلنا كده لحد ما بدأ جهاز الشرطة استرداد قوته ولو بنسبة قليلة لكنه رجع فى عهد المعزول، وما إن اشتدت قوته بعض الشىء فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، رجعت ريمة لعادتها القديمة، بدأنا نهز ثقة جهاز الشرطة مرة أخرى ونعترض ونقول حقوق إنسان ونقول الشرطة بتعذب المواطنين فى الأقسام وبدأت التعديات على رجال الشرطة من جديد، واحد يتفجر وآخر يتسحل وغيره وغيره، طب إحنا عايزين إيه من الشرطة، عايزينهم يقفلوا وزارة الداخلية ويسرحوا الضباط ونتعامل إحنا كشعب مننا فينا وكله يؤمّن نفسه؟ ولا عايزينهم موجودين يحمونا ويشيلوا من دماغنا وجع القلب والقلق اللى عشناه وشفنا فيه أيام ما يعلم بيها إلا ربنا؟
على ما أظن إننا أكيد محتاجين للداخلية ورجالتها اللى بيحمونا وبيفدونا بأرواحهم لو لزم الأمر، ولذلك أنا شايف إننا لازم نحترمهم بجد ونقدر كل مجهوداتهم لحمايتنا ونتأكد إنهم بشر مثلنا يتأثرون بما نفعله لهم أو بهم وأى فيديو أو خبر يتم تسريبه لضابط يجب أن نتقصى فيه الحقيقة خصوصاً أن هناك جهات رقابية على ذلك من الممكن اللجوء إليها فى حالة حدوث أى مشكلة أو تجاوز من أحدهم إن وجد، والأهم من كل ده لازم نفكر شوية الفيديو أو الخبر ده اتسرب ليه وإزاى وإيه الغرض منه؟
صدقونى.. إحنا كشعب، خصوصاً فى الفترة دى، محتاجين نحط إيدينا فى إيدين بعض عشان نبنى من جديد ونرمم أى طوبة اتكسرت فى بلدنا.