زيادات جديدة مرتقبة فى أسعار الوقود، تتراوح ما بين 20 و30 قرشاً للتر البنزين 80 والسولار، و50 قرشاً للبنزين 92 و95، هذا ما أكدته مصار حكومية مؤخراً، ثم نفته وزارة البترول بعد ذلك. عموماً الأسعار لا تحتاج إلى «بنزين» حتى تشتعل، بعد أن أصبحت تعتمد على الاشتعال الذاتى. فقد أثبتت الشهور الأخيرة أنه لا سبيل أمام الحكومة لحل مشكلة عجزها إلا «جيب المواطن»، بعد أن أثبتت فشلها فى النهوض بحلول أخرى. يؤكد ذلك الخبر العجيب الذى نشره موقع «الوطن» والذى يفيد بقيام عدد من المواطنين من عملاء بنك مصر فرع طنطا فى الغربية، بتحرير محاضر ضد الأمن الإدارى فى البنك والموظفين بسبب رفضهم صرف الحوالات بالدولار، وحمل المحضر رقم 2619/2016 إدارى قسم أول طنطا!. هل استحكمت الأزمة إلى حد منع المواطنين من تسلُّم حوالات دولارية خاصة بهم، وإجبارهم على تسلمها بالجنيه المصرى، وطبعاً بسعر البنك؟!.
أخشى أن يكون وقت دفع الثمن قد حان!.. فكّر لبعض الوقت فى واقعة «قتيل الدرب الأحمر» الذى سفك دمه أمين شرطة، وستجد أن لقمة العيش -على اختلاف حجمها- تقف شاخصة وراء ما حدث. أصل الخلاف بين الطرفين كان على أجرة نقل بضائع اشتراها الأمين «فيتو» وتولى نقلها «دربكة». الأخير كان يسعى على لقمة عيشه البسيطة، وبعد أن «مشوره» الأمين «يمين وشمال»، طلب منه 200 جنيه، لكن «فيتو» ألقى له بـ20 جنيهاً فقط، فالأمين هو الآخر يبحث عن لقمة عيشه التى تفوق فى حجمها لقمة «دربكة»، فقد اعتاد كأمين شرطة أن يحصد -من عمله- الكثير، كان فيما سبق يفعل ذلك، ولا يجد البعض غضاضة فى أن يدفعوا له، فخدمة السلطة كلها منافع، هذا ما يؤمن به بعض البسطاء، لكن ضيق الحال، و«الخنقة» الاقتصادية التى تمسك برقاب الجميع، جعلت «دربكة» يرفض الخضوع للأمين، وعدم الخضوع من جانب المواطن خنق «فيتو»، فأخرج مسدسه الميرى وسحق جمجمة الأول!. الأمين قال فى التحقيقات: «نرفزنى.. قتلته»!.
الموضوعية تقتضى ألا نذهب إلى أن العامل الاقتصادى يمثل السبب الوحيد فى واقعة «الدرب الأحمر»، لكنها تلزمنا بأن نعتبره سبباً أساسياً وجوهرياً. وكلما ارتفعت الأسعار وشحت الأرزاق، وضاقت الحياة بالناس، فتوقع المزيد. يكفيك لكى تتأكد من ذلك أن ترجع إلى بعض كتب التاريخ، وتقرأ أحد فصول المجاعات بمصر. لقد بلغ الأمر بالناس أن فتكوا ببعضهم البعض كى يعيشوا!. هنا مكمن الخطورة فيما تشهده مصر، وذلك هو الخطر الذى يجب أن يتنبه إليه الجميع. المصريون بحاجة إلى الوعى بالأزمة الحقيقية التى تمسك بـ«خناقهم»، ومطالبون باستدعاء مخزونهم القيمى القادر على مساعدتهم فى مواجهتها، لأن الكل مشارك بطريقة أو بأخرى فيما وصلنا إليه. من ناحية أخرى لا بد أن يلتفت من صدعوا رؤوسنا، من إعلاميين ومسئولين، بأحاديث عن حماية الدولة المصرية، إلى أن السياسات التى تتخذها الدولة المصرية حالياً، لها أبعاد شديدة الخطورة على المجتمع المصرى ذاته. رفقاً بالناس، وجيوب الناس، والتفتوا قليلاً إلى ما أترفتم فيه، ومساكنكم، ووزاراتكم.. الناس خلاص بقت على آخرها!.