بالفيديو| «مخيم الخانكة».. «لاجئون» داخل الوطن
فيلم قصير.. سمية بنت المخيم
فى منطقة قريبة من العاصمة وعلى مقربة من مركز الخانكة بالقليوبية، يعيش ما يزيد على مائة عائلة داخل خيام قماشية كانت قد نُصبت لهم فى أحد مراكز الشباب.. قررت «الوطن»، بعد أن تواصل معها أحد السكان هناك، أن تتعايش مع هؤلاء السكان لمتابعة عملية البحث عن حلول لأزمتهم التى تجاوزت ثلاث سنوات والتى تفاقمت منذ أيام بعد حريق نشب فى المخيم ككل.. الحياة هنا صعبة، ما يقرب من خمسمائة فرد يفترشون الأرض أسفل خيامهم، يتشاركون فى ثلاثة حمّامات فقط، تستطيع أن تشم من مسافة بعيدة رائحة الحمامات القذرة، وحين تشاهدها تعلم أنها غير صالحة للاستخدام الآدمى، وصنبور مياه وحيد مع الكثير من الحيوانات الضالة التى آنست المكان ورأف بها السكان فصارت جزءاً من المشهد العبثى الذى يذكّر باللاجئين من سوريا والعراق المنتشرة صورهم على شاشات التلفاز، لكن هذه المرة هم لاجئون داخل الوطن.
100 أسرة تعيش فى المخيمات منذ ثلاث سنوات دون تدخل من الدولة
نوفمبر 2015
«سمية»، فتاة عمرها عشر سنوات، سمراء البشرة، نحيفة الجسد، لامعة العينين، معروف عنها النبوغ فى دراستها، وخفة ظلها العفوية مع الجميع، توزع ابتساماتها يميناً ويساراً على السكان والمارة، تحتضن كشكولاً وتمسك قلماً، ما إن تنتهى من لعب الكرة مع أصدقائها حتى تختار أياً من أحجار المخيم لتجلس عليه تكتب وترسم.. «اسمى سمية إيهاب، فى سنة رابعة أول، أنا وإخواتى خمسة وماما وبابا سبعة وقاعدين نايمين فى الخيمة على الأرض، كنا الأول قاعدين فى شقة.. وساعة ما الثورة قامت الراجل نزلنا من الشقة مالقيناش غير شقق فاضية عشنا فيها، صحابهم راحوا عملوا فينا شكوى، راحوا نزلونا الحكومة ومالقيناش حتة نقعد فيها غير هنا»..
تعود أسباب وجود المائة أسرة فى ذلك المكان إلى أنه فى أيام الحظر عقب يوم 28 يناير 2011 قرر بعض أصحاب العقارات طرد أسر كانت تستأجر غرفاً وشققاً لديهم وذلك خوفاً من عدم الوجود الأمنى، فصارت تلك الأسر بالشارع لأكثر من ليلتين ثم كان الحل الأسهل، وجدوا بعض الشقق التابعة لوزارة الإسكان الخاوية منذ سنوات فوضعوا بها أثاثهم البسيط واحتموا بها هم وعائلاتهم من الفوضى الموجودة بالشارع، وظل الأمر منسياً حتى جاءت حكومة المهندس محلب عام 2013 وقرر رفع شعار (هيبة الدولة) فتم نقل الأسر فجراً بطريقة فوضوية على يد قوات الأمن إلى مركز شباب الخانكة مع وعد بأن مشكلتهم سوف يتم حلها فى غضون أسبوعين.
«أم علاء»: «الحمام مشترك وبأنزل كل أسبوعين لأهلى فى شبرا عشان أستحمى».. و«أم وحيد»: «ابنى جاله التهاب رئوى بسبب قعدتنا فى الخيمة»
قررت «سمية» أن تكون مرشدتنا بالمكان لتعرفنا عليه: «كل خيمة هنا جواها حكاية، اللى معاهمش فلوس واللى عنده عيال واللى عنده هم واللى تعبان كلهم نفسهم فى شقة».. قابلتنا بـ«أم وحيد» التى تعول ولدين وفتاة عقب وفاة زوجها وتحاول جاهدة تربيتهم: «إحنا بقالنا هنا سنتين، أول ما نزلت هنا كان ابنى بيسيب الخيمة ويطلع يروح الحمّام، جاله التهاب رئوى واتحجزت بيه فى أبوالريش، عملوا ليه عملية وقالوا لى ليه عملية تانية استئصال فى الرئة، اليوم اللى أقول طالعة رايحة شغل تيجى لجنة من الحكومة تقول مش موجودة وأنا من ساعة ما استلمت الخيمة ماسيبتهاش ولا مرة»، تبكى وهى تتذكر والدتها المتوفاة منذ وقت قريب: «والدتى اتوفت هنا بسبب منظرنا، رُحت دفنت والدتى ومرضتش أروح العزا، علشان برضه الخيمة وسبتها ع التُرب وجيت هنا»، تصرخ الفتاة الصغيرة فى محاولة لإخبار والدتها أنها جائعة، تلتفت الأم يميناً ويساراً فلا تجد أى شىء بالخيمة فتطلب منها أن تذهب إلى جارتهم لكى تعطيها أى شىء يُسكت جوعها: «عاوزة ألم عيالى، عيال متبهدلة فى الشارع بص جسم ابنى متبهدل من الصراصير.. حرام بقى كده والله».
نترك الخيمة وترشدنا «سمية» إلى خيمة أخرى من جيرانها الذين تعتبرهم أهلاً وسنداً لها بعد معاشرتهم ما يقرب من ثلاث سنوات: «أنا ممكن أكون ماشية جنب خيمة ألاقى حد بيلعب أو بياكل أروح العب معاه وآكل معاهم، أحلى حاجة إننا بنحب بعض هنا وبنخاف على بعض هنا».
دخلت «سمية» إلى خيمة «أم علاء» التى لديها ابنان وابنتان كانت قد أخرجت ولداً وبنتاً من التعليم وتركت الآخرين؛ ترشيداً للإنفاق، جلست معهم سمية حين كانت أم علاء تقوم بوضع الغداء على الأرض لكى يتناوله الأطفال، كان اليوم يوم عز فلقد استطاعت أن تدبر بعض الأموال لشراء «هياكل دجاج» وطبخها بجوار بعض الأرز وقليل من البطاطس، وهى الوجبة عالية الشأن هنا: «مش بإيدى إن عيالى يعيشوا هنا، وضع واتفرض عليّا وماقدرش أغيره». بدأت أم علاء الحديث مع «الوطن» وهى تنظف المكان عقب التهام سمية وأبنائها الطعام كله دون أن تشاركهم هى: «أنا بس المهم عندى هما يشبعوا ويفرحوا، أنا حتة جبنة ممكن تكفينى ولا حتى مش مهم».. كان التلفاز يعرض أحد الأفلام القديمة للفنانة شادية وكانت تشدو بإحدى أغانيها السعيدة حين بدأت أم علاء فى البكاء وهى تحاول جاهدة إخفاء وجهها منا: «عارف إيه هى المهانة؟ مش إنى أجيب أكل للعيال ولا أوديهم مدرسة، المهانة إنى باضطر أنزل كل أسبوعين لأهلى فى شبرا علشان أروح أستحمى، تخيل من الخانكة لشبرا علشان بس شوية مية نضاف، الحمام هنا مشترك وهما تلات حمامات بس.. يرضى مين ده؟، ده كل حلمنا هو شقة»!!
تركنا الخيمة واصطحبتنا سمية إلى أحد أكثر الأنشطة فى يومها المفضلة لديها: «بأخلص كل اللى ورايا وأروح الدرس بتاع الدين، بنفضل نحفظ قرآن».. ما يقرب من عشرين طفلاً وفتاة يفترشون الأرض أمام إحدى سيدات المخيم المنتقبات والتى تحاول تحفيظهم آيات من القرآن الكريم بدون مقابل مادى، فقط حتى يكملوا تعليمهم وسط كل هذا الواقع العبثى الذى يحيون به.
تركنا المخيم على وعد التواصل مع أحد المسئولين والمتابعة مع أحد القائمين على حراسة المخيم.
ديسمبر 2015
كانت «سمية» قد حدّثت محرر «الوطن» عن أنها تنوى عزومتنا على مسقعة وأنها سوف تطبخها بإيديها الاتنين، على حد ما وصفت.. انطلقنا مجدداً لزيارة المخيم وكانت هناك مفاجأة جديدة، عطل أصاب إحدى مواسير المياه الخاصة بالحمامات ولم تقُم الحكومة حتى بإصلاحه، فقطعت عن الحمّامات المياه بشكل نهائى وصار المصدر الوحيد للمياه بالمخيم هو صنبور المياه الموجود خلف البوابة الحديدية لمركز الشباب ليتشارك عليه ما يقرب من 500 فرد.
«أنا النهارده إجازة، هاقعد مع ماما وأعمل مسقعة وعازماكم عليها».. قابلتنا «سمية» بابتسامة مملوءة بفرحة عارمة لأننا قد لبينا دعوتها، طلبنا منها أخذ رأى أحد السكان الآخرين قبل أن نتناول معها الوجبة فأرشدتنا إلى خيمة «عم أحمد»، وهو -حسب ما قالت- أكبر واحد، الناس بتحبه هنا.
الشتاء الحالى هو الأسوأ.. والسكان يحتمون من البرد بالمشمع وإشعال النيران مساءً.. وحيوانات ضالة تعيش معهم
استقبلنا رجل ستينى هادئ، حفر الزمن تقاسيم عديدة على وجهه، يرتدى جلباباً أبيض لا يخلو من بقع ظاهرة المعالم، أصر أن نتناول معه كوباً من الشاى قبل أن نبدأ الحديث: «أنا حاربت سنة 73 وأخدت طلقة فى رجلى وطلقة فى كتفى الشمال»، أظهر الرجل آثار الطلقتين حين كانت زوجته تقدم لنا الشاى: «تفتكر ينفع إنى بعد ما أخدم البلد فى الآخر أبقى أنا والولية مرميين كده فى الشارع؟».. نستمع إلى بكاء بصوت خفيض لزوجته، يأمرها أن تكف عن البكاء ويعود إلى حديثه معنا: «الواحد بتصعب عليه نفسه إنه يقدم روحه للبلد وفى الآخر مياخدش حاجة منها، اوعى تكون فاكرنى هعيط علشان إنت صحفى، اللى حارب ميعيطتش أبداً».. طلبنا الإذن منه بالانصراف لتلبية دعوة «سمية» ووافق الرجل على أن نزوره قريباً.
تعرفنا على عائلة سمية المكونة من سبعة أفراد، الأب والأم وثلاث بنات وابنان، كانت الخيمة بسيطة، تلفاز وسرير وكنبة بجوار ثلاجة لا تعمل ومسطح للأكل يغنى عن البوتاجاز، بدأت والدتها بتعليمها كيفية صنع المسقعة: «تمسكى البطاطس كده بالراحة، وتحطيها على أقل من مهلك، اوعى الزيت يلسع إيدك».. بدأت سمية فى وضع البطاطس ثم الباذنجان إلى أن وصلت إلى تقطيع الطماطم فصارت المشكلة، فالمخيم بأكمله لا يوجد به سوى خلاط واحد بإحدى الخيام المجاورة لـ«سمية»، قامت تحمل الطبق المملوء بالطماطم وسارت نحو ما يقرب من 50 متراً لكى تستأذن فى تحويلها إلى عصير ثم الرجوع مرة أخرى إلى والدتها لتعطيها (الصلصة).
أجلستنا العائلة حولها للبدء فى الطعام الذى كانت تفوح منه رائحة زكية، تشاركوا الأرغفة والصحون حتى نفدت جميعها، ثم قامت سمية تنظف المكان استعداداً للتحلية التى كانت شنطة لا تتعدى 2 كيلو من اليوسفى، جلست العائلة تأكله أمام التلفاز: «لما باقعد أتفرج على التليفزيون باشوف فيلل وشقق وحاجات حلوة حاسة كده إننا مش عايشين»، قالتها سمية بعفوية وهى تشاهد أحد الإعلانات الخاصة بكومباوند به حمّامات سباحة ومساحات شاسعة ولكنها عادت لتقول: «أنا نفسى أطلع دكتورة وإن شاء الله ربنا هيعوضنى لما أكبر، مش كده برده يا عمو؟».
عم أحمد: أنا اتصبت فى حرب أكتوبر وأخدت طلقة فى رجلى .. ينفع آخرتى تبقى خيمة؟.. ولا نستطيع ترك الخيام خوفاً من لجان الحكومة
كان الليل قد أمسى وصار الجميع بالخيم ينشد بعض الدفء خاصة أننا فى أواخر ديسمبر، إلا قلة بسيطة قرروا إشعال نيران أمام البوابة الرئيسية للمخيم ليحصلوا منها على قسط من الدفء الوقتى وسط أصوات الكلاب التى تعوى داخل المخيم، وقفت سمية تضع يديها أعلى وهج النيران حتى تصل إليها لتحصل على بعض من الدفء تحاول الاحتفاظ به فى يديها مسافة تقترب من العشرين متراً وهى المسافة ما بين بوابة المخيم وخيمتها.
استأذنت فى الرجوع إلى الخيمة وحين عدنا معها طلبت منا أن نخرج قليلاً بحرج اندهشنا منه، وبعد دقائق خرجت وهى تحمل «جردلاً» به بعض المياه، أخبرتنا فيما بعد أنه «بول»: «بنضطر إننا نعمل حمّام فى الجردل، علشان المية قاطعينها عننا ومحدش هنا أصلاً معاه فلوس علشان يصلّح المية».
الأسرة المكونة من 7 أفراد يذهبون فى سبات عميق داخل نفس الخيمة، تشارك سمية اثنين من إخوتها يفترشون الأرض وبنتين ينامون على أريكة قديمة بأحد أركان الخيمة بينما الوالد والوالدة يتشاركان سريراً ضيقاً يكفيهما شر البرد.
تركنا المخيم على أمل أن نتواصل معهم بعد أسبوع حيث إن هناك أخباراً سارة كانت الأجهزة التنفيذية قد وعدتهم بها.
يناير 2016
بدأ المسئولون فى هيئة الأرصاد الجوية التحذير من أن هناك موجة ترابية تمر بالبلاد يعقبها تساقط أمطار قوية ستستمر عدة أيام، وما إن وصلنا إلى شركة أبوزعبل القريبة من المخيم حتى انهمرت المياه من السماء بشكل قوى، وصلنا المخيم لنجد سكانه فى حالة فوضى عارمة، من يضع المشمع والكرتون المقوى أعلى الخيمة، ومن يضع الجرادل والأطباق داخل الخيام حتى تمتلئ ليقوم بإفراغها بالخارج، وسط فرحة من الأطفال بسقوط الأمطار وبؤس وملامح قاسية تعتلى الأوجه من جميع الآباء والأمهات: «يعنى المرتبة اللى حيلتنا غرقت ميه والكهربا اللى واخدينها من العامود ضربت وكانت هتكهربنا، غلب إيه ده يا رب؟»، نطقتها والدة سمية فى ضيق حين كانت تنتظر السماء أن تفرغ رزقها لتقوم بإخراج المرتبة لتحصل على بعض الشمس.
جلسنا إلى إيهاب أحمد، والد سمية، نسأله ماذا أخبرتهم الأجهزة التنفيذية للمحافظة، فقال: «المحافظة قرروا يختاروا 18 أسرة بس يسلموهم شقق فى أكتوبر والباقى يعملوا بحث وهيبقوا يدرسوا حالتهم».. سألته: «وهل قاموا بهذا البحث من قبل؟»، أجابنى: «من شهر أربعة اللى فات، بقالنا فوق الـ8 شهور علشان فى الآخر يسلموا الـ18 أسرة بس».
لم تكن تلك مشكلة والد سمية فهناك مشكلة تبدو بالنسبة لهم أكبر قد وضعتها الحكومة: «لازم أدفع 2500 جنيه فى الأول وبعد كده 117 جنيه كل شهر، أجيب منين أنا يا بيه وأنا أصلاً من ضمن 5 فى المية اللى بياخدوا معاش بتاع الإعاقة ومعاشى أصلاً 300 جنيه وكمان الحكومة هتودينى آخر الدنيا.. هو يعنى مفيش حل يرضينا إحنا أبداً؟».
بدا على الرجل أنه لا يريد إكمال الحديث الآن فتذكره لضيق الحال أشعره بالحنق: «متزعلش يا أستاذ منى، بس يعنى شقة فى آخر الدنيا و42 متر وكمان عاوزين منى فلوس، قل لى إنت أجيب منين كل ده، هى الحكومة كده، متجيش غير علينا؟».
إيهاب أحمد: «المحافظة اختارت 18 أسرة بس عشان تسلمهم شقق فى أكتوبر وعايزين يدفعونا 2500 جنيه مقدم و117 جنيهاً كل شهر»
سألنا بقية الأسر التى لم تشرع الحكومة فى تسليمهم الشقق، وكانت الإجابات صادمة، فمعظم الموجودين بالمخيم يعملون أعمالاً يدوية بلا أى مظلة تأمينية تحميهم وهذه مخاوف المحافظة ألا يستطيعوا فيما بعد دفع أقساط الشقق!!
كانت سمية هذه المرة قد ضاقت بها السبل وبدأت الابتسامة تجف تدريجياً: «أنا أختى كان جاى لها عريس قابل واحد صاحبه برّا قال له خيم إيه اللى إنت هتناسب منها، سابها ومشى من غير حتى ما يدخل».. كان هذا هو الأحدث بالعائلة الذى أشعرهم بمهانة الحياة داخل خيمة: «أنا أصلاً بقالى شهرين ماستحميتش علشان مفيش ميه ولو رُحنا ملينا الميه هنقف بالطابور»، قالتها سمية وكانت ولأول مرة قد ظهرت دمعتان حائرتان فى مقلتيها تأبيان أن تنسابا على وجنتيها السمراوين ففضلت تغيير الموضوع حتى لا تضطر إلى البكاء أمامنا.
«بييجوا هنا ناس ومعاهم صحفيين وكاميرات ويصورونا ومابيعملوش أى حاجة».
فبراير 2016
جاء منتصف الشهر ليعلن عودة المدارس من جديد عقب إجازة طويلة، جلست الأم صباحاً لتقوم بإيقاظ ابنتها من سبات عميق، فسمية هى الابنة الوحيدة لديها التى ما زالت بالتعليم، أما أبناؤها الأربعة قد أخرجوا من المدارس لضيق الحال: «سمية.. يا سمية.. اصحى يللا يا حبيبتى علشان تروحى المدرسة»، تسكب أمها المياه لتغسل وجهها من زجاجة لا يوجد بها سوى القليل من المياه، ترتدى سمية زيها المدرسى القديم الذى يعود إلى العام الماضى حيث لم تستطع الأسرة توفير ثوب جديد لها. يتجمع الأطفال كلهم ويخرجون من المخيم لكى يتوجهوا إلى المدرسة التى تبعد عنهم ما يقرب من أربعة كيلومترات، يقطعون تلك المسافة سيراً على الأقدام حتى يصلوا وقد بدأت علامات الإرهاق تبدو واضحة على وجوههم التى زادت اصفراراً وشحوباً.. تودعنا سمية للدخول إلى المدرسة وهى تخبرنا بحلمها الأعظم: «هأكمل تعليمى وهأساعد الناس الفقرا ولما أكبر عاوزة أطلع دكتورة ومش عاوزة حد فقير يكون واقف قدّام المستشفى معهوش علاجه ومش عاوزه حد يكون فقير خالص».
مارس 2016
كانت الشمس تستعد أن تذهب فى غيابها المسائى حين شبت النيران بإحدى الخيم عقب ماس كهربائى من أحد أعمدة الإنارة التى تغذى سكان المخيم بالكهرباء، اتسعت دائرة الحريق عقب انفجار أنبوبة وجدت داخل خيمة أخرى، ثلاث ساعات من الجهود المتواصلة لرجال الإطفاء بالتعاون مع السكان أدى إلى حريق 40 خيمة كاملة دون أية إصابات أو وفيات، حاولنا التواصل مع سكان المخيم ولكن محاولات الإطفاء كانت قد أرهقتهم، رفضوا الحديث معنا بأدب بينما ولأول مرة لم نشاهد ابتسامة الترحاب المعتادة، حتى «سمية» أصابها سكون لساعات طويلة..
حريق عشش المخيم
«سمية» تساعد فى إعداد طعام الأسرة
تشاهد التليفزيون مع أشقائها
تدخل المدرسة مع بداية يوم دراسى
«سمية» ووالدتها