فى المدرسة الابتدائية التى بنتها الإمارات بقرية زيد -أبشواى- الفيوم وصل وزير التربية والتعليم لافتتاح المدرسة متأخراً عن موعده وظل التلاميذ وقوفاً فى طابور الصباح لأكثر من ساعة.
منذ أيام صرح وزير الصحة: 40% من أطفالنا يعانون الأنيميا (التعب والإرهاق بدون مجهود وقلة التركيز والاستيعاب وعدم الاتزان وزيادة فى عدد دقات القلب) بالقطع فإن النسبة المذكورة تزيد فى القرى.
لماذا يجبر وزير التربية والتعليم ورجاله الممالئون 631 طفلاً وغيرهم من مدرسة البنات المشاركة فى العروض والتمثيل على الوقوف هذه المدة فى انتظاره؟ قد يرد الوزير: اشمعنى أنا؟ فهذا عرف جارٍ له كالقانون فى البلاد.
الوزراء والرؤساء يعطلون المواطنين ويحبسونهم ساعات عند مرورهم بالمواكب أو دونها ويوقفون أعمالهم فى تلك المصالح وقت زيارة سيادتهم الفخيمة، هذا الإجبار على سلب وقت الناس ومشاعرهم وتعطيل أعمالهم إحدى وسائل السيطرة لجعلهم يقبلون بما يلى ويخضعون ولتأكيد سلطة المُعطِل أو المهدى المنتظرّ! ولكن لم يفعلون ذلك مع الأطفال المصاب نصفهم تقريباً بالأنيميا، الذين يعانون ضغطاً وعذابات فى دراستهم وتحصيلهم بسبب كل وزير وكل رئيس وكل أنيميا منذ سنين، وهم فى حاجة لهذا الوقت وهذه السُعرات الحرارية التى تبددت فى انتظار المعلم الأول الذى لم يستيقظ مبكراً ليصل فى موعده ويعطى التلاميذ ومدرسى وموظفى وزارته رسالة فعلية بأن وزير التربية والتعليم يعلم ويربى تلاميذه الصغار على احترام وتقديس المواعيد، ولا يبدد وقتهم ووقت المسئولين الذين انتظروه وأضاعوا وقت المواطنين الذين ينتظرونهم: المستشار المحافظ والأستاذ وكيل وزارة التربية والتعليم واللواء مدير الأبنية التعليمية، لكن هذا مألوف وعادى للأسف ويفعله المسئولون الكبار ويتبعه المسئولون الصغار ثم المسئولون الأصغر لكى ينضجوا ويصيروا كباراً ومهديين منتظرين لا بد أن ينهبوا الوقت ويضيعوه وينهكوا به العباد، يفرغون الوقت ليظهروا القيمة الفارغة والسلطة، فالمواطنون المنتظرون على أحر من الجمر يظهر على وجوههم الارتياح بعد عذاب الانتظار أكثر وأوضح منه فى حالة لم ينتظروه، تظهر الفرحة بخلاص العذاب وظهور الحبيب بعد انتظار عنه فى حالة توفره، تعلم العرب ذلك فى الشعر.
يفضل السيد الحبيب المسئول أن تنتقل له الفرحة ويحسها طبيعية وصادقة ويتصورها لمطلعه وطلته البهية وليست -كما هى فى الحقيقة- خلاصاً من انتظاره المقيت، ثم إنه يعلم وهم يعلمون أن تبديد الوقت هذا مقصود به غلق باب الأسئلة وحل المشاكل وقبول المطروح والمُقال، لأن المهدى خال من مشروع ومن حل، وبعد الانتظار وضياع الوقت يكون الجميع قد ملَّ وتعب وعليه الخلاص من الموقف اللعين بأسرع وقت ممكن. ما دخل الأطفال فى هذه الحيل والألاعيب ليقفوا ويعذبوا ويتركوا مقاعدهم وكراساتهم؟!
الطريف أن وزير التعليم ووزارته كما بددوا وقت تعليم الأطفال هنا بددوا وقت إجازتهم وتعليمهم فى بورسعيد وفى الحالتين قهروا الأطفال واستغلوهم للدعاية السياسية الخائبة و(التصاوير) المزيفة، إذ استدعوا التلاميذ يوم إجازاتهم ليكونوا فى استقبال وزير التربية والتعليم، وقال أحد أولياء الأمور (لديه ثلاثة أبناء) إن العملية التعليمية تعطلت فى بعض مدارس بورسعيد مدة أسبوع فى انتظار المهدى، وإنه تم إجبار التلاميذ على التدرب للفقرات الفنية التى ستقدم أمامه لمدة 14 ساعة متصلة فى ظل ظروف مناخية صعبة وسقط بعضهم من الإعياء. هذا كله ليصوره الوزير ويرسله للشاشات لتنقل للشعب ادعاءات غير حقيقية أن العملية التعليمية تسير بدقة بينما العرض كله، تأليفاً وتمثيلاً وإخراجاً، فى يوم إجازة لا دراسة!
لماذا يسرقون وقت التلاميذ ويجبرونهم على التمثيل كذباً؟ لماذا يشركونهم معهم فى أعمال تمثل بادعائها وتمثيلها وعرضها على الشعب جرماً تجب محاسبة كل من شارك فيه وأمر به وخضع له. لماذا يستغلون أطفالنا فى أعمالهم ويفسدون أخلاقهم ويربونهم على التلفيق؟