تفخر السينما المصرية بتاريخِ عريق يسُر الناظرين ويطرب السامعين، ولها عصر ذهبي به تلوذ القلوب وإليه تسعى العقول، أما حاضرها فمكروب، وعلى الرغم من ذلك يبقى مستقبلها مشروط.
"سينما زاوية".. مشروع سينمائي واعد في قلب القاهرة الخديوية تأخذنا أقدامنا إليه في جولة من ميدان رمسيس نبدأها بشارع عماد الدين، ذلك الشارع الذي كان يلقب ببرودواى مصر لكثرة مسارحه ودور عرضه السينمائية، وانتعاش الحركة الفنية الراقية فيه، تمتد في الفترة الأخيرة أيادي العناية الإليه بغية إصلاح ما فسد وترميم ما هلك من حجر لتنال كل تشجيع، آملين في امتداد تلك الأيادي إلى إعادة بناء ما تهدم من ذوق المصريين.
أُطلِقَت زاوية كمبادرة من قِبَل شركة "أفلام مصر العالمية - يوسف شاهين" في مارس ٢٠١٤ من داخل إحدى صالات عرض سينما أوديون ذات الـ١٧٥ مقعدًا، لتصبح بذلك أولى دور عرض السينما البديلة والمستقلة في مصر بانيةً على النجاح الذي حققته "بانوراما الفيلم الأوروبي" منذ إطلاقها في العام ٢٠٠٤ متخذة شعار "سينما للأفلام اللي مبتنزلش السينما".
خلال الأسبوع السابق شاهدنا بحفلة السابعة ونصف فيلم "غرفة"- "ROOM" للمخرج لني آبراهامسون، عن رواية بنفس العنوان صدرت عام ٢٠١٠ للكاتبة الأيرلندية - الكندية إما داناهیو؟، وهي بالمناسبة صاحبة سيناريو الفيلم، مدة الفيلم ١١٨ دقيقة.
وتدور قصته حول فتى في الخامسة من العمر اسمه جاك (جيكوب تريمبلي)، نرى الأحداث بعينيه، وقد قضى عمره محتجزًا في غرفة مع والدته التي يدعوها "ما" (بري لارسن)، حيث لم يعد عالم جاك مكونًا سوى من تلك الغرفة، والتي يسميها "رووم".. إلى أن يأتي يوم يخططان فيه للهرب، ليتسع عالمهما بشكل غير مسبو.
رُشح الفيلم لـ3 جوائز أوسكار وظفر بجائزة أحسن ممثلة لـ(بري لارسن) صاحبة الأداء العبقري، والتي اعتكفت في بيتها شهرًا وانقطعت عن العالم استعدادًا لتجسيد الشخصية جسديًا ونفسيًا ما حدا بها للفوز بجائزتي الجولدن جلوب والبافتا عن نفس الدور.
الإقبال الملحوظ على نوعية الأفلام التي عرضتها زاوية مؤخرًا كأفلام عيون الحرامية وذيب وحكايات برية، وغيرهم حدا بزاوية للتوسع خارج القاهرة، فكانت البداية من سينما أمير بالإسكندرية، تكريمًا لكون عروس البحر المتوسط أول من عرف العروض السينمائية في مصر، وبعد أيام قليلة من العرض الأول للأخوين لوميير في باريس العام ١٨٩٥.
سعت زاوية منذ البداية لصنع برنامج عرض يعيد التوازن لذوق المشاهد المصري، وبالتالي يساهم في تمهيد تربة خصبة لاستقبال سينما هادفة تكون رافعة ثقافية واقتصادية لملايين من المصريين وأداة من أدوات قوة مصر الناعمة من المحيط للخليج، رسالة زاوية.. كانت ولا تزال واضحة لصناع السينما في مصر قبل جمهورها، وهي أن بالإمكان الاعتماد على رافد الحضارة الذي ما زال ينبض بالحياة في عروق المصريين، وأن ما تهدم من ذوق ذلك الجمهور لم ينل بعد من قواعده التي تأسست على الإبداع والذوق الرفيع.
لمتابعة أنشطة أخرى وجديدة ممكن تدخل على صفحة فريق "عيشها غير"