"تعتزم شركة بريطانية تفعيل سياسة الدورة الشهرية تمنح بموجبها النساء إجازة خلالها، وتهدف المبادرة الجديدة إلى التعرف على الاحتياجات الطبيعية للمرأة العاملة من أجل خلق مناخ أكثر سعادة وإنتاجية".
خبر تم تداوله الأيام القليلة الماضية بالعديد من المواقع الصحفية، ونال استحسان العديد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي - خاصة من الجنس الناعم - ورغم جمال ورقة وإنسانية الخبر إلا أنه نزل كالصاعقة على بنات مصر الكادحات - اللي طلعان عنيهم هنا - ولسان حالهن يقول "حسوا بينا يحس بيكم ربنا".
قالت مديرة الشركة البريطانية، إنها رأت النساء يعملن رغم تعرضهن لآلام جمة، ورأت أن هذا الأمر غير منصف، وأكدت أن منحهن هذه الإجازة لن يقلل من الإنتاجية، وأن المرأة تشعر بالخمول في هذا الوقت ومن الطبيعي أن تحتاج إلى الدفء والتغذية.
ورأى أحد العاملين بالشركة، أنه لو كان الرجال يتعرضون للدورة الشهرية، لكانت هذه السياسة نوقشت على الفور في المزيد من الدول.. وهذه نقرة أخرى!.
عُقدت المقارنات على الفور بعد انتشار الخبر، وتمنت كل فتاة أن تمتلك فيزا "تهج" بيها لبريطانيا بلد الإنسانية كلها، ولما لا وقد ضمت بين جنباتها شركة "كيوت" شعرت بمدى ما تتعرض له المرأة من وجع قلب - لا حياء في العلم - ورغم أنها أيام معدودات إلا أنها تحوي الكثير من المتاعب والألم.. أبرزها تقلب المزاج وآلام الظهر وتقلصات البطن، والاكتئاب والحزن دون سبب، والغضب والتوتر.. وماتعدش بقى.
تتحامل على نفسها، تقاوم الآلام التي تجتاحها، تجر قدميها التي تحمل ظهرًا تمكن منه الألم فأعياه، تصيبها اضطرابات نفسية وجسدية لا يقوى رجل على تحملها، تشعر بتغيير كبير في المزاج فيتمكن منها الاكتئاب وتشعر بضيق شديد، ولا أبالغ في الأمر فتصبح بالفعل "مش طايقة نفسها ولا طايقة حد".. هذه الحالة يلخصها علميًّا ما يعرف بمتلازمة ما قبل الطمث "PMS"، وهي مجموعة من الأعراض الجسدية والنفسية والعاطفية المرتبطة بحدوث الحيض لدى النساء بحيث تمنع المصابة من ممارسة أنشطة حياتها بشكل طبيعي.
وبحسب موقع "ويكيبديا"، فإن معظم الدول شرَّعت وأغلبها دول آسيوية حصول المرأة على العاملة على إجازة مدفوعة الأجر أو غير مدفوعة، ولكن هذه الإجازة تبقى قضية خلافية، وخاصة أن البعض يعتبرها تمييزًا على أساس الجنس ويرون أنها تقلل من إنتاجية العمل.
وبجملة التمييز الإيجابي، فكما يقر قانون عمل المرأة بمصر في القرار رقم 183 لسنة 2003 فإنه يحظر تشغيل النساء ليلًا بين الساعة السابعة مساء والسابعة صباحًا، فيما أطلقوا عليه تمييزًا إيجابيًّا مراعاة لظروف المرأة، وكذلك حظر تشغيل النساء في الأعمال الضارة بهن صحيًّا أو أخلاقيًّا طبقًا للمادة رقم 155 لسنة 2003.
وتوضيحًا لهذا التمييز، بما أن قانون العمل نص على المساواة بين الرجل والمرأة في أحكام التشغيل، ذكر نصًّا "أن التمييز في خصوص هذه الأعمال لا يمكن اعتباره تمييزًا "ضد" المرأة، وإنما هو تمييز "من أجل" حماية المرأة، وقد نصت المادة 10 من إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة لسنة 1967 على أنه "لا تعتبر تدابير تمييزية تلك التدابير التي تتخذ لحماية المرأة في بعض أنواع الأعمال، لأسباب تتعلق بصميم تكوينها البدني".
أضف إلى ذلك إجازة الوضع، وتخفيض ساعات العمل للمراة الحامل، وحق العاملة المرضعة في فترة راحة إضافية، وأيضًا الحق في إجازة رعاية الطفل، كلها وللحق قوانين راعت الظروف الجسدية الطبيعية التي تمر بها المرأة، هذا على الجانب الجسماني.
ويبقى السؤال الآن أين حظنا من الاهتمام بالجانب النفسي بشكل عام، والذي يعد شيئًا يفتقده كل من المرأة والرجل على حد سواء داخل مؤسسات العمل وبالتحديد "الخاص" منها، ولكن بما أن حديثنا مخصص عن المرأة فلماذا لا تتم إضافة مادة تقضي براحة المراة العاملة في أيام الطمث، وهي الفترة التي كما تتعرض فيها المرأة لآلام جسدية يمكن تخفيفها بعض الشيء بالمسكنات، إلا أن الآثار النفسية لا يمكن احتواؤها إلا بالراحة والانفراد قليلًا بعيدًا عن ضغوط العمل وطلبات الرؤساء وتحمل عبء التحرك والانتقال بين المواصلات فيما يزيد من معاناتها في تلك الفترة.. هل يسمعنى أحد إذا ما ناديت حيًا؟.